يعد إطلاق الأسماء التي تعبر عن فلسطين على منشآت ومراكز ومعالم بارزة في العراق من بين المظاهر التي تؤكد التضامن الرسمي والشعبي مع القضية الفلسطينية لا سيما في ظل العدوان على سكان قطاع غزة الذين يعيشون ظروفاً قاسية بسبب الحرب الوحشية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
من بين أبرز المنشآت الحضارية التي ستحمل اسم غزة في العراق، جسر ذو أهمية استراتيجية كبيرة سيُشيّد على نهر دجلة في العاصمة بغداد، ويربط بين الكرخ والرصافة. ويؤكد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني أن الجسر يأتي ضمن حزمة مشاريع، وسيساهم بشكل فاعل في فكّ الاختناقات المرورية بالعاصمة، مؤكداً: "لأن الجسر مميّز، وسيكون الأول على نهر دجلة في بغداد منذ عام 2003، اخترنا له اسماً مميزاً أيضاً، هو غزة، بكل ما يعنيه الاسم من بطولة وتضحية وصمود".
وسيكون جسر غزة الرابع عشر الذي يُشيّد على نهر دجلة للربط بين طرفي العاصمة العراقية، علماً أن الجسر الأقدم هو جسر الشهداء الذي افتتح في عام 1940، وحلّ بدلاً من جسور عائمة سابقة، أما الجسر الأحدث فشيّد من طابقين في عام 1992.
وسيكون جسر غزة الثاني الذي يحمل اسماً يخرج عن سياق منح الجسور أسماء مناطق أو أحداث عاشتها بغداد، إضافة إلى جسر المثنى الذي يرتبط باسم الصحابي المثنى بن حارث الشيباني الذي فتح أراضي العراق.
وللجسور ارتباط وجداني عند العراقيين، إذ ذكرها الشعراء في قصائدهم التي تحوّلت بعضها إلى أغانٍ، كما وردت في الأدب العراقي. يقول القاص أحمد الزهيري لـ"العربي الجديد"، إن "الجسور من بين الأماكن التي تلهم إنتاجات الشعراء والكتاب. جميع الجسور في العراق كان لها نصيب في الأدب، واستهوى السير عليها ومراقبة النهر وطيور النورس جميع الأدباء والشعراء، ولا شك في أن جسر غزة سيُلهم المزيد من المبدعين، خصوصاً بسبب رمزية اسمه الذي أصبح يتردد صداه في أنحاء العالم، فيرعب الظالمين ويبعث الأمل لدى الباحثين عن الحرية".
وكشفت وزارة التربية العراقية أن معالم ذات أهمية بالغة ستبنى في العراق ستعمل لتكريس القضية الفلسطينية في وجدان الأجيال، علماً أنها كانت قررت إطلاق تسمية "طوفان الأقصى" على عدد من المدارس في ثلاث محافظات.
وقال المتحدث باسم وزارة التربية، كريم السيّد، في بيان: "في إطار دعمها الشعب الفلسطيني وقضيته، وتماشياً مع الموقف الرسمي والشعبي العراقي، أطلقت وزارة التربية تسمية طوفان الأقصى على عدد من المدارس العراقية في محافظات بغداد والنجف الأشرف وديالى".
ويؤكد ذلك، بحسب المشرفة التربوية هدى العزاوي، واقع أن عملية "طوفان الأقصى تركت أثراً بالغاً في نفوس العراقيين، وعززت اعتقادهم بأن النصر على إسرائيل متاح وممكن وقريب". تضيف في حديثها لـ"العربي الجديد": "درست المرحلة الابتدائية في ثمانينيات القرن الماضي في مدرسة حملت اسم القدس الذي بنى إيماني بعدالة القضية الفلسطينية والولاء لها".
وتشير العزاوي إلى أن "أسماء المدارس ذات تأثير كبير في نفوس التلاميذ لا سيما المدارس الابتدائية، لذا يحرص مسؤولو وزارة التربية على أن تكون هذه الأسماء ذات وقع خاص يساهم في تنشئة الأجيال تجسيداً لمعتقد حب الوطن والقضايا القومية والعربية خاصة القضية الفلسطينية".
تتابع: "تحمل مدارس كثيرة أسماء انتفاضات وثورات ومعارك، بينها القدس وفلسطين وطولكرم وجنين والأقصى وحيفا ويافا ورام الله ونابلس. ولطالما جعلت هذه الأسماء التلاميذ يعرفون المزيد عن هذه المدن وأهميتها، وساهمت في شكل كبير في رفضهم الاحتلال ودفاعهم عن القضية الفلسطينية. والمدارس الجديدة التي ستحمل اسم غزة سيكون لها ذات التأثير بل أكثر بسبب ما شهدته هذه المدينة من عنف ودمار وظلم غير مسبوق من جهة، وصمود وبطولة قل نظيرهما من جهة أخرى".
وإلى جانب التسميات غيّر القيمون على مركز "الأستاذ" لدروس التقوية لطلاب الدراسة الثانوية، الاسم إلى مركز غزة. ويقول مدير المركز خالد البدري لـ"العربي الجديد": "يجب أن يكون اسم غزة في كل مكان بعدما أصبح يحمل كل المعاني السامية وعنواناً للفخر. غزة ملحمة عظيمة سيخلدها التاريخ، فكيف لا تكون اسماً نفخر به".
في السياق ذاته، أضاف الحلاق أحمد الصالح اسم غزة إلى لافتة محله. ويقول لـ"العربي الجديد": "إضافة اسم غزة وسيلة بسيطة للتعبير عن تضامننا مع أخوتنا في غزة. وفعلياً لن يضيف الاسم شيئاً لأهل غزة، لكنه تكريم معنوي منا لغزة وسكانها، وطريقة للتعبير عن شعورنا الداخلي".