أكدت مصادر أمنية عراقية وناشطون تصاعد ظاهرة التحرّش بالفتيات في الأماكن العامة في البلاد، والتي أصبحت لها تأثيرات سلبية على المجتمع، وسط دعوات لتشديد العقوبات القانونية ضد المتحرشين.
ويسعى العراق إلى الحدّ من ظاهرة التحرّش التي تكثر في الأسواق العامة وعلى مقربة من الجامعات والمدارس الثانوية للفتيات، والتي تتسبب بمشاكل كثيرة.
ووفقاً لرئيسة منظمة "آيسن لحقوق الإنسان والتنمية المستدامة" أنسام سلمان، فإن "الكثير من النساء يواجهن فعل التحرش في الشارع والباصات وسيارات الأجرة وفي مكان العمل، وحتى داخل بيوتهن من قبل الأقارب، وهن عاجزات عن تقديم شكوى لأن العقوبة الرادعة غير كافية، كما أن هناك عدم ثقة النساء بالقوى الأمنية وعدم شيوع ثقافة تقديم الشكوى، لأن اللوم أولا وأخيرا سيعود على المرأة"، مبينة في تصريح لصحيفة الصباح الرسمية، اليوم السبت، أنه "يؤخذ من خروج المرأة وحدها أو من ملابسها ذريعة لتبرير التحرش".
واعتبرت التحرّش من أسوأ الأفعال التي تمارس ضدّ النساء في كل مكان وزمان وفيه الكثير من الأنواع، منه اللفظي والجسدي والإلكتروني، وقد يكون مباشراً أو غير مباشر باستخدام بعض الإشارات أو العبارات التي تعبر عن التحرش وتحرج النساء عموما"، مطالبة بـ"تعديل المادة القانونية الخاصة بجريمة التحرش من حيث الغرامة ومدة الحبس، كي يكون هناك رادع حقيقي يحول دون حالات التحرش اليومية المتكررة".
وتنص المادة 400 من قانون العقوبات العراقي لسنة 1969 المعدل على أن من ارتكب مع شخص، ذكرا أو أنثى، فعلا مخلا بالحياء بغير رضاه أو رضاها، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على مائة دينار عراقي (الدولار الواحد يعادل 145 دينارا) أو بإحدى هاتين العقوبتين.
من جهتها، أكدت رئيسة شبكة "النساء العراقيات"، هناء إدوار، أن "هناك إحراجا يدفع بالكثير من النساء لعدم الإبلاغ عن التحرش، خاصة في ظل الإجراءات الروتينية المعقدة المتعلقة بالشكوى، كما أن من الصعب عليهن الوصول للعدالة في هذا الشأن"، موضحة في تصريح للصحيفة الرسمية أنه "لا أمن ولا أمان للنساء في العراق في ظل ضعف الردع القانوني".
وأشارت إلى أنه "لو كانت هناك مؤسسات حقيقية تحمي المواطن لما حدث ذلك، إلا أن ما نجده عكس ذلك بأن التحرش يأتي من قبل تلك المؤسسات بحسب عدد غير قليل خلال زيارتنا لعدد منها"، مضيفة أن "واقعنا أصبح يتجاوز على حرمة المرأة وبشكل لاأخلاقي على كرامتها، وهذا الجانب الذي نلاحظه لا يوجد هناك توجه ووضع القيم في مكانها الصحيح التي تجدها اليوم مغيبة حتى داخل الأسرة وفي المدرسة أيضاً".
وتنفذ أجهزة الشرطة في بغداد والمحافظات حملات واسعة لاعتقال متحرشين، وسط تأكيدات على مشروع لإعداد قاعدة بيانات بالمتورطين بهذه الجرائم، على غرار قاعدة بيانات مرتكبي الجرائم الجنائية الأخرى، ليحرموا من العمل في عدد من الوظائف والمهن.
وقال ضابط في الشرطة المجتمعية ببغداد، برتبة مقدم، إن ظاهرة التحرش تتصاعد سنويا، وإن عمليات الاعتقال تطاول يوميا العشرات في بغداد وحدها، مؤكدا لـ"العربي الجديد"، مشترطا عدم ذكر اسمه، أن "مراكز الشرطة تسجل يوميا عشرات من حالات التحرش ويزج الشباب وحتى كبار في السن داخل مراكز الاحتجاز، وتجرى إحالتهم إلى القضاء، لكن أغلبهم يطلق سراحهم بعد دفع الغرامات المالية".
وأضاف أن "المتحرشين لا يخشون العقوبات القضائية لأنها غير رادعة"، مشيرا إلى أن "المتحرشين يستفيدون من قضية اكتظاظ السجون وعدم القدرة على استيعاب أعداد كبيرة، لذا فإن أغلبهم يطلق سراحهم".
ووفقاً لتقرير نُشر مؤخراً على الموقع الإلكتروني لمجلس القضاء الأعلى يتناول ظاهرة التحرش في العراق، فإن أغلب النساء لا يقمن بتحريك شكوى عن جرائم تحرش بهن لارتباط الموضوع بجوانب عشائرية.