مضادات الميكروبات.. الوقاية من مقاومتها ضرورة

23 نوفمبر 2022
في 24 نوفمبر يُختتَم الأسبوع العالمي للتوعية بمضادات الميكروبات (Getty)
+ الخط -

كم من شخص بيننا وصف لنفسه دواءً وقد سمع أنّه فعّال، أو نصح صديق أو قريب بآخر "يفعل العجائب"؟ لا شكّ في أنّ العدد كبير، لا بل هائل، خصوصاً إذا كانت الأدوية متاحة في الصيدليات من دون وصفات طبية بمعظمها. وتحذّر منظمة الصحة العالمية من الاستخدام العشوائي للأدوية عموماً ولمضادات الميكروبات خصوصاً، والتي تشمل أربعة أنواع هي المضادات الحيوية ومضادات الفيروسات ومضادات الفطريات ومضادات الطفيليات.

في خلال أزمة كورونا الوبائية، التي ما زالت مستمرّة اليوم ولو بوتيرة مختلفة بعيداً عن الأضواء، راح الناس يتهافتون على الصيدليات طلباً لأدوية، لا سيّما من نوع مضادات الفيروسات ومضادات الطفيليات، تُستخدَم في علاج المصابين بأعراض حادة من كوفيد-19، طمعاً في تخزينها إلى وقت الحاجة، الأمر الذي جعلها تُفقَد من بعض الأسواق. وبالتالي، أدّى ذلك إلى تهديد حياة هؤلاء الذين هم في حاجة حقيقية إليها من جهة، ومن جهة ثانية استهلكها كثيرون من دون أن تكون ضرورية في حالاتهم، أي إصابات خفيفة بالوباء. والخطر يطاول كذلك الأخيرين الذين قد يكونون تضرّروا من ذلك الاستخدام، إذ إنّ هذه الأدوية لن تفيدهم في حال لزمتهم وقد أصيبوا بمرض شديد، نتيجة احتمال تشكيل مقاومة إزاءها.

وفي هذه الأيام، في موسم الزكام (نزلات البرد) والإنفلونزا والالتهابات التنفسية، سوف يتوجّه كثيرون منّا إلى شراء مضادات حيوية بمجرّد الشعور بتوعّك بسيط أو سعال ولو خفيفا، ظنّاً منّا أنّها سوف تقينا من تفاقم حالتنا، وهو اعتقاد شائع خاطئ. وبما أنّ هذا العدد الكبير يلجأ منذ زمن إلى تلك المضادات، قد يكونون شكّلوا أو قد يشكّلون مقاومة لها. بالتالي، عندما تسوء حالتهم، قد لا تفيدهم علاجات عدّة من هذا النوع. لذا يشدّد متخصّصون على ضرورة حصر صرف هذا النوع من الأدوبة بناءً على وصفة طبية حصراً، إذ إنّ حملات التوعية غير مجدية في أحيان كثيرة.

غداً في الرابع والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني، يُختتَم الأسبوع العالمي للتوعية بمضادات الميكروبات الذي كان قد انطلق في الثامن عشر من هذا الشهر، وقد أتى هذا العام تحت عنوان "الوقاية معاً من مقاومة مضادات الميكروبات". وتشير تقديرات باحثين ارتكزت منظمة الصحة العالمية على دراساتهم، إلى أنّ مقاومة مضادات الميكروبات حصدت أرواح ما يقدّر بنحو 1.27 مليون شخص في عام 2019 وحده.

ومقاومة الأدوية قد تصيب أيّ شخص من بيننا، أينما وُجد، ومهما كانت حالته الصحية، ومهما كانت سنّه. وتشرح منظمة الصحة العالمية التي تنظّم الأسبوع العالمي للتوعية بمضادات الميكروبات أنّ مقاومة مضادات الميكروبات تتشكّل عندما تطرأ تغيّرات على البكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات بمرور الزمن، فتصير غير مستجيبة للأدوية بعد ذلك، الأمر الذي يصعّب علاج الالتهابات ويزيد خطورة انتشار الأمراض والاعتلالات الوخيمة والوفيات. وتصير المضادات الحيوية والأدوية الأخرى المضادة للميكروبات غير ناجعة بفعل مقاومة الأدوية، وتتزايد أكثر فأكثر صعوبة علاج الالتهابات أو يستحيل علاجها.

وتنضمّ جهات صحية عدّة حول العالم إلى منظمة الصحة العالمية في حملتها الخاصة بمكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، من بينها المركز الأميركي لمكافحة الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) ووكالة الأدوية الأوروبية، إلى جانب جمعيات تهتمّ بالشأن الصحي.

وكانت الجمعية الخاصة بالصحة العالمية الثامنة والستون قد أقرّت في مايو/ أيار 2015 خطة عمل عالمية لمعالجة المشكلة المتفاقمة لمقاومة المضادات الحيوية وغيرها من الأدوية المضادة للميكروبات. ومن الأغراض الرئيسية للخطة زيادة الوعي بمشكلة مقاومة مضادات الميكروبات وتحسين فهمها من خلال أنشطة الاتّصال والتعليم والتدريب الفعّالة.

وفي سياق تلك الخطة، يأتي الأسبوع العالمي للتوعية بمضادات الميكروبات، هو حملة عالمية يُحتفل بها سنوياً لزيادة الوعي بمشكلة مقاومة مضادات الميكروبات وتحسين فهمها والتشجيع على اتّباع أفضل الممارسات في مكافحتها بين الناس وأصحاب المصلحة في نهج الصحة الواحدة وراسمي السياسات الذين يؤدّون جميعاً دوراً حاسماً في الحدّ من استمرار هذه المشكلة في الظهور والانتشار.