مصير شاب مصري مرهون "بالأمن الوطني".. إخفاء وتدوير رغم 3 أحكام براءة

21 نوفمبر 2021
تعرّض الشاب للتنكيل من قبل جهاز الأمن (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

 خالد عاطف شاب مصري حاصل على مؤهل متوسط "دبلوم صنايع"، يعيش مع أسرته متوسطة الحال، وباعتباره أكبر الأبناء في عائلته، هو يساعد أسرته في كفالة أخوته الأربعة بالعمل في إحدى شركات الأغذية. لكن في مايو/أيار 2019، انقلبت حال العائلة تماماً، عندما تمّ القبض عليه من منزله في ضواحي حلوان، جنوبي القاهرة.

تتبّعت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان سلسلة الانتهاكات التي حدثت مع خالد عاطف، منذ لحظة القبض عليه، حتى حصوله على حكمين بالبراءة، وصولاً لاستمرار القبض عليه خارج إطار القانون.

وبدأت سلسلة الانتهاكات التي تعرّض لها خالد عاطف في 18 مايو/أيار 2019 باقتحام قوات أمن بزيّ مدني منزل أسرته في حلوان، وتمّ تفتيش المنزل وتحطيم محتوياته من دون إبراز إذن النيابة، وإلقاء القبض عليه هو وشقيقه واقتيادهما إلى مكان غير معلوم، فسارعت أسرته بإرسال برقيات تلغرافية إلى كلّ من النائب العام ووزيري الداخلية والعدل.

وفي 21 يوليو/تموز 2019، أطلقت قوات الأمن سراح شقيق خالد عاطف من مكان احتجازهما غير المعلوم، وتمّ اقتياد خالد إلى قسم شرطة حلوان وتحرير محضر ضبط قيد برقم 20398 لسنة 2019 جنح حلوان، وتمّ عرضه في اليوم التالي على النيابة التي اتهمته بالانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، وقرّرت حبسه احتياطياً مدة أربعة أيام.

وفي 25 يوليو/تموز 2019، قرّر قاضي المعارضات في محكمة جنح حلوان إخلاء سبيل خالد عاطف بضمان مالي قدره 10 آلاف جنيه، إلاّ أنّ النيابة العامة قامت بالطعن على القرار بالاستئناف، الذي رفضته محكمة جنوب القاهرة الابتدائية في تاريخ 27 يوليو/تموز 2019، وتأيد قرار إخلاء السبيل، ليصبح قراراً نهائياً واجب النفاذ عقب تسديد الضمان المالي.

لكن لم يطلق سراح خالد عاطف عملاً بقرار المحكمة ورغم تسديد الكفالة. إذ تم اقتياده مرة أخرى إلى مكان غير معلوم وإخفاؤه قسرياً للمرة الثانية، وفشلت كافة المحاولات للاستدلال على مكان احتجازه. إلى أن ظهر عاطف في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2019 في نيابة السلام الجزئية في محكمة القاهرة الجديدة، للتحقيق معه في المحضر رقم 1502 لسنة 2019 جنح أمن دولة طوارئ السلام، والذي ادعى فيه الضابط محرّر المحضر أنّه تمّ ضبط خالد باليوم نفسه، وهو في حالة تلبس أثناء وجوده بمساكن الحرفيين في مدينة السلام، وزعم حيازته سلاح ناري "فرد خرطوش" وطلقتي خرطوش، وقرّرت النيابة حبسه احتياطياً مدة 15 يوماً. وتوالت جلسات تجديد حبسه حتى تاريخ 26 يوليو/تموز 2020 بقرار نيابة شرق القاهرة الكلية، بإحالة خالد عاطف محبوساً إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ بعد قيدها برقم 2404 لسنة 2020 جنايات أمن دولة طوارئ السلام أول.

وفي 30 مارس/آذار 2021، أبلغ محامو الشبكة العربية الذين يتولون الدفاع عنه المحكمة بظروف الدعوى والمتهم، وكمّ الانتهاكات التي طاولته، فقضت محكمة جنايات أمن دولة طوارئ شمال القاهرة ببراءة خالد عاطف مما هو منسوب إليه من اتهام، إلاّ أنّ الإفراج عنه لم يتم.

ورغم براءة خالد التي تقتضي إخلاء سبيله فوراً، اقتاده ضباط الأمن الوطني مرة أخرى من قسم شرطة السلام إلى مكان مجهول، وأخفوه قسرياً مرة أخرى، حتى ظهر في 23 مايو/أيار 2021 داخل قسم شرطة مدينة بدر، وتمّ تحرير محضر رقم 1409 لسنة 2021 إداري قسم بدر مع محضر تحريات كاذب، يزعم ورود معلومات تفيد بتردّد خالد على منطقة الإسكان الاجتماعي في مدينة بدر وقيامه بتحريض الشباب ضد مؤسسات الدولة كما توزيعه المنشورات، وأنّ الشرطة نجحت في إلقاء القبض عليه وتم عرضه بتاريخ 24 مايو/أيار 2021 على نيابة بدر الجزئية بمحكمة القاهرة الجديدة، وتمّ التحقيق مع خالد من دون حضور محام معه، ووجّهت إليه اتهامات الانضمام إلى جماعة أسّست على خلاف أحكام القانون، وحيازة وإحراز مطبوعات بغرض الترويج تحضّ على تعطيل أحكام الدستور والقانون، والترويج لفكر جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، وإذاعة أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة، وإحراز ذخائر من دون ترخيص.

وفي 17 يونيو/حزيران2021، قرّر المحامي العام لنيابات القاهرة الجديدة إحالة عاطف محبوساً إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ بالقاهرة لمحاكمته عن الاتهام بحيازة وإحراز ذخيرة، وقضت محكمة أمن دولة طوارئ القاهرة ببراءة خالد عاطف مما هو منسوب إليه من اتهام، ليكون الحكم الثاني له في قضايا ملفقة، إلاّ أنّ هذا الحكم أيضا لم يلق قبول ضابط الأمن الوطني، حيث تمّ اقتياد خالد إلى مكان مجهول وإخفاؤه مرة رابعة.

وفي 18 أكتوبر/تشرين الأول2021، ظهر خالد داخل نيابة الشرابية الجزئية في محكمة الجلاء وتمّ التحقيق معه في القضية رقم 4538 لسنة 2021 جنح الشرابية من دون حضور محام، في مخالفة واضحة لقانون الإجراءات. وتمّ توجيه اتهام الانضمام الى جماعة إرهابية له مع العلم بأغراضها، وقرّرت النيابة حبسه احتياطياً على ذمة التحقيقات، وحُرم من المثول أمام قاضيه الطبيعي لنظر أمر مدّ حبسه لينال فرصة الحديث عن الظروف التي مرّ بها منذ إلقاء القبض عليه، وتمّ النظر بتجديد حبسه عن بُعد عبر ما يسمى "التجديد الإلكتروني"، والذي يتمّ عبر نقل خالد من محبسه في قسم شرطة الشرابية إلى سجن 15 مايو العمومي، وإيداعه في غرفة مجهزة إلكترونياً تكتظ بعدد من القيادات الأمنية حيث تنعقد الجلسة، الأمر الذي يستحيل معه حديث خالد مع المحكمة عمّا تعرّض له من انتهاكات على أيدي الأجهزة الأمنية، وهو الأمر المخالف لأبسط قواعد وضمانات المحاكمة العادلة.

نشرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان قصة موكلها كاملةً في تقرير، لتبرهن أنّ "هذه قصة حقيقية لمواطن مصري، لشاب يتعرّض للتنكيل من قبل جهاز الأمن الوطني الذي يغتال العدالة ويقتل المستقبل، بانتهاك القانون والدستور دون رادع، مستنداً ومطمئناً لأنه سيفلت من العقاب".

وقالت الشبكة: "نحن أمام  تصرّفات وممارسات لا تمتّ للقانون بصلة، حيث تصبح نصوص القوانين والدستور مجرد حبر على ورق في كتب تزين المكاتب".

المساهمون