مصر: وفاة مواطن بسجن الوادي الجديد وتصاعد خطير للوفيات في مقار الاحتجاز

29 أكتوبر 2020
انتهاكات كثيرة تحدث بسجون السيسي (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت منصة "نحن نسجل"، الحقوقية المصرية، أخيراً وفاة المواطن كمال حبيب مرزوق، في سجن الوادي الجديد، جنوبي مصر، فيما قالت جهات حقوقية أخرى إن وفاته جاءت نتيجة الإهمال الطبي المتعمد. 
وتجدر الإشارة إلى أنه حتى الوفيات الطبيعية في السجون، تحدث في مناخ يفتقر الرعاية الطبية، إذ تعاني السجون من عدم توافر أدنى معايير السلامة والصحة داخل مقار الاحتجاز، فالشمس لا تدخل الزنازين، والتريض ساعة واحدة فقط يوميًا، والعلاج غير متوافر، مع صعوبة الخروج إلى المستشفى، مما يسبب في نقص مناعة المحتجزين، وسرعة انتشار فيروس كورونا.
كما أن الأوضاع الصحية في السجون المصرية سيئة للغاية، والمسجونون لا يتلقون الرعاية الصحية اللازمة لاسيما المصابون منهم بأمراض مزمنة، ما يثير مخاوف حقوقية جادة من أن ينتشر وباء كورونا في السجون المصرية وهو ما قد يؤدي إلى كارثة حتمية.
وسبق أن رصد تقرير لمنظمة "كوميتي فور جستس" انتهاك التكدس الذي وصفه بـ"قنبلة موقوتة" وأنه رغم ازدياد عدد السجون ومقرات الاحتجاز منذ عام 2013، فلا يزال أكثر من 114 ألف سجين يتكدسون في مقار الاحتجاز بمعدلات تفوق سعتها الاستيعابية بمراحل عديدة.
وخلال شهري (مارس/آذار، وأبريل/نيسان) فقط، رصد التقرير 33 واقعة تكدس، وسوء تهوية في مقار الاحتجاز، والتي تنوعت بين أقسام الشرطة، والسجون المركزية/ العمومية. وبشأن انتهاك سوء المعاملة، رصدت المنظمة، 159 انتهاكًا ضمن سوء المعاملة، شملت ستة محاور رئيسية؛ بالإضافة للتكدس وسوء التهوية. وتوزعت الانتهاكات بين 110 انتهاكًا في 19 مقرًا للاحتجاز على الأقل، في شهر مارس/ آذار الماضي، و49 انتهاكًا في 10 مقرات احتجاز على الأقل، في شهر إبريل/ نيسان.
وفيما يتعلق بانتهاك الحرمان من الرعاية الصحية؛ قالت المنظمة إنه رغم ادعاء السلطات المصرية أمام المحافل الدولية حرصها على تقديم الرعاية الصحية للسجناء، إلا أن الوقائع التي رصدتها ووثقتها "كوميتي فور جستس" منذ يوليو/ تموز 2013، تشير إلى اتباع سلطات الاحتجاز نمطًا ممنهجا لحرمان محتجزي وسجناء الرأي من أولويات الرعاية الصحية، باختلاف شرائحهم العمرية والأيدولوجية، ودرجات إصاباتهم، وأنواع الأمراض التي تعتريهم، ما يفضي لوفاتهم في حالات عديدة.
ويعد مرزوق، خامس حالة وفاة في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في أكتوبر/تشرين الأول 2020، بعد وفاة الطبيب مجدي الصفتي (61 عامًا)، الذي كان معتقلاً في سجن طرة، بعد معاناة طويلة مع المرض، وتوفي في مستشفى السجن في 25 أكتوبر/تشرين الأول. كما توفي المواطن حمدي رياض، في 20 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، بعد منع العلاج عنه في سجن المنيا جنوبي مصر. كما فارق الحياة المواطن يوسف جنيدي (66 عاماً)، الذي كان يعمل موظفاً في مركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة بدلتا مصر، وقد شيعت جنازته يوم 19 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي بعد وفاته بسبب الإهمال الطبي. وتوفي كذلك مصطفى أحمد هاشم (معلم رياضيات) من مركز ملوى بمحافظة المنيا جنوبي مصر، يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، بمعهد الأورام بالقاهرة، نتيجة الإهمال الطبي.
وشهد شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، سبع حالات وفاة نتيجة الإهمال الطبي خاصة مع انتشار وباء كوفيد-19. كما شهدت الثمانية أشهر الماضية من العام الحالي، 56 حالة وفاة في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، حيث توفي سبعة معتقلين في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في يناير/ كانون الثاني الماضي، وخمسة معتقلين في فبراير/ شباط الماضي، و6 معتقلين في مارس/آذار الماضي، ومعتقل واحد في أبريل/ نيسان الماضي، وثمانية معتقلين في مايو/ أيار الماضي، و13 حالة وفاة في يونيو/ حزيران الماضي، و10 حالات وفاة في يوليو/ تموز، و6 حالات وفاة في أغسطس/ آب الماضي.
حالات الوفاة التي رصدتها المنظمات الحقوقية المصرية، كان أغلبها نتيجة الإهمال الطبي المتعمد، الذي أودى بحياة 917 سجينًا في الفترة بين يونيو/ حزيران 2013 وحتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، أو نتيجة انتشار وباء كورونا الجديد في مقار الاحتجاز المختلفة مع التعتيم الأمني الشديد، وكذلك نتيجة التعذيب سواء بالضرب المبرح أو الحبس الانفرادي ومنع العلاج والطعام والماء، أو في فترات الحبس والاختفاء القسري.
وطبقًا لمبادرة "دفتر أحوال" الحقوقية المصرية، بلغ عدد الوفيات في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في الفترة من فبراير/ شباط 2011، وحتى أبريل/ نيسان 2016، 834 حالة وفاة، بمعدل ضحية كل يومين، مقسمين على 235 حالة وفاة في 2011، و65 حالة في 2012، و131 حالة في 2013، و172 حالة في 2014، و181 حالة في 2015، و50 حالة خلال الثلث الأول من 2016. المبادرة نفسها وزعت الضحايا مكانيًا؛ حيث سقط 338 حالة من هؤلاء الضحايا في أقسام شرطة، و255 ضحية في سجون عمومية، 149 في مناطق سجون، و20 ضحية أثناء ترحيل من محكمة، و5 ضحايا في سجون عسكرية.

كل هؤلاء الضحايا سقطوا، بينما تنص المادة 55 من الدستور المصري، على "كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا، ولا يكون حجزه أو حبسه إلا فى أماكن مخصصة لذلك، لائقة إنسانيًا وصحيًا، وتلتزم الدولة بتوفير وسائل الإتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة، ومخالفة شىء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقًا للقانون، وللمتهم حق الصمت، وكل قول يثبت أنه صدر من محتجز، تحت وطأة شىء مما تقدم، أو التهديد بشىء منه، يهدر ولا يعول عليه".
كما تنص المادة 56 من الدستور على أن "السجن دار إصلاح وتأهيل. تخضع السجون وأماكن الاحتجاز للإشراف القضائى، ويحظر فيها كل ما ينافى كرامة الإنسان، أو يعرض صحته للخطر. وينظم القانون أحكام إصلاح وتأهيل المحكوم عليهم، وتيسير سبل الحياة الكريمة لهم بعد الإفراج عنهم".

المساهمون