في الرابع والعشرين من إبريل/نيسان الماضي، أصدرت وزيرة الصحة المصرية، هالة زايد، قراراً يقضي بتكليف 18 طبيباً وطبيبة من محافظة المنيا بالعمل لمدة شهر في محافظة سوهاج. وبعدها بخمسة أيام، صدر قرار آخر بتكليف 45 طبيباً وطبيبة، منهم 24 من محافظة القاهرة، بالعمل لمدة شهرين في محافظة المنيا. ومثل هذه القرارات التي تشمل طبيبات، منهنّ حوامل ومرضعات وعائلات لأطفال، تمثّل تهديداً لهؤلاء، وسط موجة شديدة الخطورة من فيروس كورونا الجديد في محافظات الصعيد في مصر، سُجّلت في الفترة الماضية وتمتدّ بحسب المتوقع لأشهر مقبلة.
وأكدت زايد أمام مجلس الوزراء المصري، أنّ معدل الإصابات تضاعف خمس مرات مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وأنّ من ضمن المحافظات المعنيّة سوهاج وقنا في الصعيد. وأشارت إلى أنّ معدّل الإصابات الأسبوعية التي سُجّلت في خلال الأسبوع الأخير من إبريل، ارتفع إلى 5845 إصابة أسبوعية في مقابل 1248 حالة في الأسبوع نفسه من العام الماضي. وقد شهد المنحى الوبائي لمصر زيادة تدريجية وتصاعداً مستمراً في أعداد إصابات كورونا منذ مطلع مارس/آذار الماضي وحتى مطلع مايو/أيار الجاري، بنحو ألف إصابة يومياً - الإصابات المسجلة فقط - في حين تراوحت أعداد الوفيات ما بين 45 وفاة و60 يومياً. أضافت زايد أنّ محافظات القاهرة والجيزة والمنيا والفيوم وسوهاج هي أكثر خمس محافظات تسجل أعداد إصابات بالفيروس.
وبناءً عليه، أصدرت وزارة الصحة المصرية تعليمات في أواخر إبريل المنصرم، برفع درجة الاستعداد والتوعية لدى أهالي عدد من محافظات وجه قبلي، وهي سوهاج وقنا وأسيوط والمنيا، نظراً إلى ما تشهده من ارتفاع في نسبة الإصابات بفيروس كورونا الجديد. ونصّ المنشور الذي عممته الوزارة على مديريات الصحة في تلك المحافظات، على تشكيل لجان فورية لمتابعة الوضع الوبائي، والعمل على توعية المواطنين خلال الفترة الممتدة ما بين 28 إبريل الماضي والخامس من مايو الجاري.
وهذه القرارات كلها مع الإدراك الحكومي لخطورة الوضع، تتزامن مع إجراءات شديدة التسيّب في مواجهة الموجة الجديدة من الوباء. على صعيد المثال، فإنّ المطاعم والكافيتريات والمقاهي مكتملة العدد من شهر رمضان، وقوائم الانتظار الخاصة بها تطول لما بعد العاشرة مساءً. أمّا المتاجر والمراكز التجارية الكبرى فتعجّ بالزائرين على مدار ساعات العمل. كذلك تفاقم الوضع مع منح الحكومة المصرية إجازات رسمية، من ضمنها الاحتفال بأحد السعف وشمّ النسيم وعيد العمال وذكرى تحرير سيناء مع إجازة نهاية الأسبوع، من دون فرض إجراءات مشددة لمنع الازدحام أو حتى فرض حظر تجوّل جزئي للحد من الزيارات والنزهات. وفي خلال عشرة أيام، يكون المصريون على موعد مع إجازة رسمية جديدة بمناسبة عيد الفطر، ما يعني مزيداً من الازدحام والزيارات طالما لا يُفرض حظر تجوّل ولا تُطبق إجراءات احترازية مشددة.
في سياق متصل، تبقى نسبة عمليات التحصين ضد كوفيد-19 محدودة جداً وقاصرة على محافظات معيّنة، وفقاً للفئات القاطنة فيها. وحتى مطلع مايو الجاري، تلقّى نحو 750 ألف طبيب ومواطن مصري من كل الفئات المستحقة لقاحات مضادة لكوفيد-19 متوفرة في مصر، ليس من بينها لقاح "فايزر-بايونتيك"، وهو عدد قليل جداً مقارنة بكميات جرعات اللقاحات المختلفة التي حصلت عليها مصر، ومقارنة بنظيراتها من الدول العربية المجاورة.
ووفقاً لبيان أخير صادر عن وزارة الصحة المصرية، فقد وصل عدد المسجلين لتلقي اللقاح المضاد لكوفيد-19، على موقع الحجز، إلى 1.9 مليون مواطن، حصل 750 ألفاً منهم على الجرعتَين الأولى والثانية. والبيان نفسه الصادر في مطلع مايو الجاري، أشار إلى أنّ عدد المسجلين يومياً للحصول على لقاح كورونا ارتفع من 20 ألفاً إلى 75 ألفاً يومياً، وأنّ جرعات اللقاحات المتوفرة تقدّر بـ2.5 مليون جرعة حالياً، وإلى أنّ ثمّة تدفقات من اللقاحات ستصل إلى مصر في خلال الأسابيع المقبلة تساهم في زيادة عدد الأشخاص المحصّنين في وجه كورونا. وبحسب المتوقع، تتسلم مصر 1.7 مليون جرعة من لقاح "أوكسفورد-أسترازينيكا"، في التاسع من مايو الجاري، من قبل التحالف العالمي من أجل اللقاحات والتمنيع (غافي)، كذلك تتسلّم مليون جرعة جديدة من لقاح "سينوفارم". بالإضافة إلى ذلك، ثمّة اتفاق لاستيراد 10 ملايين جرعة من لقاح "سبوتنيك في"، وقد حُوّلت المبالغ المالية الخاصة بذلك إلى الجانب الروسي، في حين كان هناك اتفاق على استيراد أربعة ملايين جرعة من لقاح "جونسون أند جونسون"، ومن المتوقع أن تصل إلى مصر في الربع الأخير من العام الجاري، بحسب وزارة الصحة.
تجدر الإشارة إلى أنّه وعلى الرغم من عدم تسجيل مصر أيّ إصابات بالمتحوّر الهندي من فيروس كورونا الجديد، فإنّ وصول هذا المتحوّر إلى الأردن يدقّ ناقوس الخطر حول إمكانية تفشيه في إقليم شرق المتوسط بالكامل. وكان وزير الصحة الأردني فراس الهواري قد أعلن، أول من أمس الأحد، أنّ بلاده سجّلت ثلاث إصابات بالمتحوّر الهندي لدى أشخاص لم يسبق لهم السفر خارج البلاد.