في اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، والذي يوافق اليوم الاثنين العاشر من أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، طالبت منظمات حقوقية مصرية بوقف العقوبة، وجددت رفضها الأحكام ذات الطابع السياسي.
وخلال الأعوام الماضية دعت الكثير من الدول والهيئات الدولية والمؤسسات الحقوقية، إلى وقف تنفيذ العمل بعقوبة الإعدام كرادع جنائي، واستبدالها بعقوبات مثل السجن مدى الحياة أو العمل من أجل الخدمة العامة، وغيرها من البدائل، وهو الأمر الذي أكدت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها السنوي المعتمد والصادر في يناير/كانون الثاني من عام 2018، والذي دعا إلى وقف العمل بعقوبة الإعدام في جميع أنحاء العالم، وقد حظي هذا القرار بدعم 121 دولة، وهو ما يؤكد الاتجاه الدولي لوقف العمل بعقوبة الإعدام أو تعليقها.
وأكدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، في بيان، رفضها جميع أحكام الإعدام الصادرة في القضايا ذات الطابع السياسي، والتي لا تستند أحكامها إلى أي من أسس المحاكمات العادلة
ودانت الشبكة، توسّع السلطات المصرية في استخدام المحاكم الاستثنائية خلال الأعوام الماضية، بعد أحداث الثالث من يوليو 2013 -سواء ما يعرف بمحاكم دوائر الإرهاب بالمحاكم الجنائية المصرية، وكذلك محاكم أمن الدولة العليا طوارئ، والمحاكم العسكرية- لتصبح مصر واحدة من أكثر دول العالم إصداراً لأحكام الإعدامات.
ومن خلال ما رصدته ووثقته الشبكة، خلال السنوات التسع الماضية "أصدرت المحاكم المصرية المختلفة الآلاف من أحكام الإعدام، المرتكزة بالأساس على محاضر شرطية تفتقد إلى أدنى معايير الأمانة والمصداقية، وتعتمد بالأساس على تحريات مباحث الأمن الوطني، بل إن معظم شهود هذه القضايا من أفراد ينتمون إلى جهاز الأمن الوطني، إضافة إلى اعترافات جاءت تحت وطأة الإكراه والتعذيب، إثر احتجاز آلاف المواطنين في سراديب ومقرات سرية للأمن الوطني خارج نطاق القانون والرقابة والتفتيش".
وأكدت الشبكة أن النيابة العامة المصرية "منوط بها حماية المعتقلين من بطش وتغوّل السلطات التنفيذية، باعتبارها نائباً للشعب وحصنه الحصين، وهي شريك أساسي في تلك الأحكام بسبب تبعيتها الكاملة للسلطة، مما جعل ميزان العدالة ينهار بعد فقدان عشرات المعتقلين أعمارهم دون مسوغ قانوني أو أخلاقي".
وثمّنت الشبكة المصرية دور منظمات المجتمع المدني في محاربة أحكام الإعدام المسيّسة، وشددت على أهمية الضغط على السلطات المصرية محلياً ودولياً، سعياً لإيقاف تنفيذ جميع أحكام الإعدام التي باتت نهائية وواجبة النفاذ، من أجل إنقاذ عشرات المعتقلين الذين يواجهون مصير أسلافهم ممن انتهت حياتهم على أعواد المشانق.
وطالبت الشبكة السلطات المصرية، بوقف إصدار أحكام جديدة بالإعدام، والعمل على تطبيق المبادئ التي سعت لتصديرها إلى العالم الخارجي من خلال الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والتي خيّبت آمال من عوّل عليها لتكون بداية لمرحلة جديدة، حيث أكدت الوقائع المرصودة تنفيذ أحكام الإعدام بحق 7 مواطنين على خلفية قضايا سياسية خلال عام واحد فقط، بالإضافة إلى إصدار المحاكم المصرية المختلفة 32 حكماً جديداً بالإعدام، وكذلك إحالة أوراق 11 معتقلاً لمفتي الجمهورية.
ودعت الشبكة المصرية، في اليوم العالمي لمناهضة أحكام الإعدام، الأمم المتحدة، ودول العالم، وجميع الجهات الرافضة لأحكام الإعدام المسيسة للعمل معاً والضغط على السلطات المصرية لوقف تنفيذ أحكام الإعدام وتجميدها، نظراً لعدم تطبيق أدنى ضمانات المحاكمات العادلة في مصر حالياً.
من جانبها، جددت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، عبر حملتها "أوقفوا عقوبة الإعدام في مصر"، مطالبها بوقف وتعليق عقوبة الإعدام، وإصدار قرارات بتخفيف العقوبة عن كل المحكومين بالإعدام وفي انتظار التنفيذ، وإعادة المناقشة بشكل حقيقي ومتعمق حول العقوبة تمهيداً لإلغائها نهائياً، وذلك في ظل استمرار الارتفاع الشديد في أحكام الإعدام الصادرة من محاكم الجنايات أو المؤيدة من قبل محكمة النقض.
وقالت المفوضية في بيان "إنه وبالرغم من وجود اتجاه راسخ وقوي في العالم لوقف وإلغاء عقوبة الإعدام، إذ لم تعد الدول المطبقة لعقوبة الإعدام في القانون و/أو الممارسة سوى أقلية معزولة، حيث ألغت أكثر من نصف دول العالم الآن عقوبة الإعدام في كل القارات ومن مختلف الديانات، فإن السلطات المصرية ما زالت تُصدر وتنفذ أحكامها بالإعدام.
وتفاعلاً مع هذا الاتجاه العالمي جدّدت المفوضية مطالبها للسلطة التنفيذية والتشريعية في مصر بـ"التوقف عن إصدار أحكام بالإعدام بحق المتهمين على ذمة القضايا التي يفصل فيها، تمهيداً لتجميد عقوبة الإعدام، وفتح حوار مجتمعي حول إلغائها، مع وقف تنفيذ العقوبة في القضايا المحكوم فيها بالإعدام.
كما طالبت السلطات بمراجعة القوانين المتعلقة بعقوبة الإعدام في التشريعات المصرية المختلفة، وضمان ضبط المصطلحات الفضفاضة فيها، لبيان الركن المادي في الجريمة الذي على أساسه تُحدد العقوبة. وطالبت كذلك السلطات المصرية بتطبيق الضمانات المنصوص عليها في القانون الدولي لحقوق الإنسان، والخاصة بضمانات المحاكمة العادلة.
فضلاً عن المطالبة بتوفير ضمانات تكفل حماية حقوق الذين يواجهون عقوبة الإعدام، والمطالبة بفتح تحقيقات مستقلة مع السلطات المسئولة عن الانتهاكات التي تعرّض لها المتهمون خلال مسار التقاضي، منذ لحظة القبض وحتى صدور الحكم، وعلى رأسها جهة الضبط، والتأكد من قيام سلطات التحقيق والمحاكمة بدورها في التحقق من ادعاءات التعرّض للانتهاكات.