أعلنت وزارة الداخلية المصرية، اليوم الثلاثاء، فتح ثلاثة سجون جديدة بمحافظات القاهرة والشرقية وسوهاج، تحت مسمّى مراكز إصلاح وتأهيل "15 مايو" و"العاشر من رمضان" و"أخميم"، استكمالاً لخطة استبدال أماكن الاحتجاز التقليدية بأخرى لـ"الإصلاح"، التي كانت قد بدأت بسجنَي "بدر" و"وادي النطرون" بمحافظتَي القاهرة والبحيرة في نهاية عام 2021.
وصرّح مساعد وزير الداخلية المصري، اللواء طارق مرزوق، بأنّ من المقرّر إغلاق 15 سجناً تقليدياً، ونقل المحتجزين فيها إلى المراكز (السجون) الجديدة، بما يتيح التوزيع الجغرافي المتوازن لأماكن الاحتجاز، و"يكفل الاستجابة الإنسانية لمتطلبات أسر النزلاء في تيسير زياراتهم لذويهم من المحكوم عليهم".
أضاف مرزوق، في بيان أصدرته الوزارة، أنّ "الدعوة ستوجّه إلى المسؤولين وأعضاء المجالس النيابية والبعثات الدبلوماسية والمنظمات الحقوقية، فضلاً عن وسائل الإعلام المحلية والدولية، للاطلاع على ملامح تطوير منظومة التنفيذ العقابي في مراكز الإصلاح والتأهيل الجديدة، وفقاً لثوابت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي عام 2021".
وأشار مرزوق إلى "استحداث مشروعات صناعية وحيوانية وداجنة وزراعية بمراكز الإصلاح الجديدة، في إطار منظومة إنتاجية متكاملة تسهم في تلبية احتياجات هذه المراكز، وتوفير مصدر دخل للنزيل (السجين)، ومنحه حرية التصرف فيه"، بالإضافة إلى "طرح منتجات المشروعات المستهدفة في منافذ قطاع الحماية المجتمعية التابع للوزارة بأسعار مخفّضة"، بدعوى الإسهام في تخفيف الأعباء عن كاهل محدودي الدخل من المواطنين.
وكانت وزارة الداخلية قد اتّخذت قراراً، قبل نحو عامَين، يقضي بتغيير مسمّى قطاع السجون إلى قطاع "الحماية المجتمعية" وتعديل مسمّى سجين إلى "نزيل"، رداً على الاتهامات التي تلاحق قطاع السجون المصري من منظمات حقوقية محلية ودولية في الأعوام الأخيرة، بوصفه من المؤسسات سيّئة السمعة في مجال التعذيب.
يُذكر في هذا الإطار أنّ ثلاثة محتجزين في السجون المصرية توفوا في خلال 48 ساعة من جرّاء الإهمال الطبي المتعمّد، كان آخرهم المحامي والنائب البرلماني السابق رجب محمد أبو زيد زعير. كذلك، عبّرت 38 منظمة حقوقية مصرية ودولية، أمس الاثنين، عن قلقها إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في مركز بدر للإصلاح والتأهيل المُنشأ حديثاً.
ودعت المنظمات إلى "تشكيل آلية أممية مستقلة تتولّى مراقبة وتقييم أوضاع حقوق الإنسان في مصر، تُكلَّف التحقيق والإبلاغ عن مثل هذه الانتهاكات في أماكن الاحتجاز"، مشدّدة على أهمية "إرساء مزيد من الشفافية في نظام السجون المصرية، والسماح بالوصول المستقل والدولي إلى السجون بكلّ أقسامها ومرافقها، وتفقّد أوضاعها، وبخاصة اللجنة الدولية للصليب الأحمر".
ومنذ بدء نقل السجناء إلى مجمّع سجون بدر في يونيو/ حزيران من عام 2022 الماضي، أُبلغ عمّا لا يقلّ عن أربع حالات وفاة، من بينها ثلاث حالات تقاعست السلطات عن إغاثتها بالمساعدة الطبية.
وبينما وثّقت منظمات انتهاكات يصل بعضها إلى حدّ التعذيب، ابتداءً من الأضواء الساطعة في الزنازين على مدى 24 ساعة في اليوم، وصولاً إلى تقييد السجناء في داخل الزنزانة من دون طعام أو شراب لمدّة أيام، أبلغ سجناء عن تعرّضهم للصعق بالصدمات الكهربائية، عقاباً على مطالبتهم بتحسين معاملتهم أو تغييرها.
وفي 13 مارس/ آذار الجاري، ذكر عدد من المحتجزين في سجن "بدر 3"، في أثناء إحدى جلسات تجديد حبسهم، أنّهم تعرّضوا لانتهاكات، من بينها التعذيب. لكنّ رئيس المحكمة رفض إثبات أقوالهم بشأن تلك الوقائع في محضر مستقلّ أو فتح تحقيق بشأنها.
واضطرّ سجناء مصريون إلى الإضراب عن الطعام أو محاولة الانتحار بسبب معاناتهم، وقد كشف مركز الشهاب لحقوق الإنسان عن تصاعد وتيرة محاولات الانتحار في سجن "بدر"، بمعدّل يراوح ما بين 10 و13 حالة يومياً، في الفترة الممتدة ما بين 23 فبراير/ شباط الماضي والرابع من مارس/ آذار الجاري. وقد اختلفت محاولات الانتحار ما بين قطع شرايين ومحاولة شنق النفس وابتلاع أدوية.
كذلك، في الأسابيع الماضية، حاول ما لا يقلّ عن 55 محتجزاً في سجن "بدر 3" الانتحار، بحسب الرسائل التي تمكّن المحتجزون من تسريبها من داخل السجن. كذلك أعلن عشرات إضرابهم المفتوح عن الطعام، اعتراضاً على ظروف حبسهم السيّئة، والسياسات العقابية التعسفية ضدّهم، بما في ذلك منعهم من الزيارات العائلية أو التواصل مع محاميهم.