منذ بداية العام الجاري، وفي أقل من أربعين يوماً، توفي سبعة سجناء في مصر نتيجة الإهمال الطبي المتعمد في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، أربعة منهم توفوا خلال 72 ساعة فقط. وهو ما يستمر في إثارة انتقادات واسعة من منظمات حقوقية، وإن لم تتجاوب الحكومة المصرية معها.
كان أول ضحايا الإهمال الطبي المتعمد في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في مصر هو المواطن رضا محمود، الذي توفي في 9 يناير/ كانون الثاني الماضي، بمركز شرطة بلبيس بمحافظة الشرقية. ثم في 11 يناير، توفي المواطن عبد الرحمن محمد عبد البصير العسقلاني (36 عاماً)، بسجن المنيا، عندما علمت زوجته بالمصادفة بأنّ جثمانه داخل مستشفى المنيا، بعدما توجهت لزيارته في السجن. وفي 20 يناير، توفي المواطن عبد العال علي عبد العال القصير (68 عاماً)، وهو من معتقلي سجن برج العرب، داخل المستشفى الميري بالإسكندرية، ولم تعلم أسرته بوفاته إلّا مساء 24 يناير.
بينما شهدت الأيام الأربعة الأولى من فبراير/ شباط الجاري، أربع وفيات داخل السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، كلّها لمصابين بفيروس كورونا الجديد، وكان أولهم المواطن جمال رشدي شمس، الذي توفي في مركز شرطة المنصورة، في 3 فبراير، ثم المواطن مصطفى أبو الحسن (58 عاماً)، بمركز شرطة ميت غمر بالدقهلية في اليوم نفسه. وفي 4 فبراير، توفي المواطن محمود العجمي داخل مستشفى الصدر بالمنصورة، والمواطن منصور حماد (61 عاماً)، المعتقل بسجن برج العرب.
وعلقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان - منظمة مجتمع مدني مصرية - على وفاة 4 أشخاص بسبب أعراض كورونا، بالقول: "تكتم مريب من وزارة الداخلية، وصل إلى حدّ إيداع اثنين من المتوفين، وهما المعتقل عبد الرحمن محمد عبد البصير، والمعتقل عبد العال علي عبد العال، في ثلاجات الموتى من دون إعلام أسرتيهما، واكتشاف الأهالي بالصدفة وفاتهما من المعتقلين الآخرين، عند أقرب محاولة لزيارتهما أو السؤال عنهما، وما يشبه التواطؤ من النائب العام المصري، والنيابة العامة، التي تتغاضى عن الظروف القاسية التي يعيشها المعتقلون داخل مقرات الاحتجاز، والحالة المزرية للسجون ومقار الاحتجاز من دون توفر مرافق مناسبة للحياة الآدمية، أو توفر الحدّ الأدنى من الرعاية الصحية اللازمة لهؤلاء وسط تكدس كبير يفوق الطاقة الاستيعابية للسجون كافة".
تابعت الشبكة أنّ "غياب الدور الرقابي للمجلس القومي لحقوق الإنسان، ساهم في تفاقم المشكلة، بعدما أصبحت الزيارات الروتينية التي يقوم بها أعضاؤه تدار من قبل الجهات الأمنية". وأعربت عن ألمها الشديد للأعداد المتزايدة من الضحايا بين المعتقلين، وحمّلت الجهات الأمنية، والنائب العام، والنيابة العامة، ومجلس حقوق الإنسان المصريين، المسؤولية الكاملة عن هذه الحالات المتزايدة من الوفيات، داعية إلى اتخاذ سياسة صارمة لمحاسبة المقصّرين والمتسببين في هذه الكارثة، والمتواطئين لإخفاء ملامحها وإبقائها بعيدة عن أعين الإعلام.
وشهد عام 2020 وحده 73 وفاة بإهمال طبي في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في مصر. وفي السنوات الثماني الماضية توفي 774 محتجزاً داخل مقار الاحتجاز المصرية المختلفة، إذ توفي: 73 محتجزاً عام 2013، و166 محتجزاً عام 2014، و185 محتجزاً عام 2015، و121 محتجزاً عام 2016، و80 محتجزاً عام 2017، و36 محتجزاً عام 2018، و40 محتجزاً عام 2019، و73 محتجزاً عام 2020. ويبلغ عدد السجون في مصر 68 سجناً بالإضافة إلى 382 مقر احتجاز داخل أقسام الشرطة. ويقدّر عدد المسجونین السیاسیین في مصر بـ60 ألف سجين ومحبوس احتياطياً.
وتنصّ المادة 55 من الدستور المصري، على أنّ "كلّ من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، أو إكراهه، أو إيذاؤه بدنياً أو معنوياً، ولا يكون حجزه أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك، لائقة إنسانياً وصحياً، وتلتزم الدولة بتوفير وسائل الإتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة. ومخالفة شيء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقاً للقانون، وللمتهم حق الصمت، وكلّ قول يثبت أنّه صدر من محتجز تحت وطأة شيء مما تقدم، أو التهديد بشيء منه، يهدر ولا يعوّل عليه". كذلك، تنص المادة 56 من الدستور على أنّ "السجن دار إصلاح وتأهيل. وتخضع السجون وأماكن الاحتجاز للإشراف القضائي، ويحظر فيها كلّ ما ينافي كرامة الإنسان، أو يعرّض صحته للخطر. وينظم القانون أحكام إصلاح وتأهيل للمحكوم عليهم، وتيسير سبل الحياة الكريمة لهم بعد الإفراج عنهم".