مصر: اعتداء على أطباء وممرضين بالعصي وحوامل المحاليل

18 سبتمبر 2022
يبدو أنّ أطباء وممرضي مصر عرضة دائمة لاعتداءات مختلفة (فاضل داود/Getty)
+ الخط -

أفادت النقابة العامة لأطباء مصر، اليوم الأحد، بأنّ أطباء وممرّضين في "مستشفى البنك الأهلي للرعاية المتكاملة" في حيّ المقطّم بالقاهرة تعرّضوا لاعتداءات مبرحة من أهالي أحد المرضى، ولفتت إلى أنّ ما حدث كان بمثابة "معركة في ساحة المستشفى"، ويرقى إلى حدّ "الجريمة" في حقّ أعضاء الفريق الطبي، مشدّدة على عدم جواز التساهل معها أو التنازل.

وأوضحت النقابة أنّ "مستشفى البنك الأهلي التابع لأمانة المراكز الطبية المتخصصة في وزارة الصحة تعرّض للهجوم، بعد أن حضرت سيارة إسعاف، أوّل من أمس (الجمعة)، مُحمّلة باثنَين من المصابين إثر مشاجرة، الأوّل مصاب بكسر في قاع الجمجمة، والثاني بكسر في عظمة الساعد (الكعبرة) وجرح قطعي في الوجه، واستقبلهم الأطباء وطاقم التمريض في قسم الطوارئ".

أضافت النقابة في بيان أنّه "في أثناء إجراء الفحص والإسعافات الطبية بغرفة الطوارئ، حاول شقيق ووالدة المصاب بكسر في الساعد الدخول إلى غرفة الطوارئ، وعندما أبلغهما الممرّض بحظر الدخول في أثناء عمل الأطباء لإنقاذ المصابين، اعتدى شقيق المصاب عليه بهاتفه المحمول محدثاً جرحاً في الوجه، ثمّ تراجع سريعاً مع والدته ليعود مستعيناً بشقيقه الآخر وعدد من أهالي المصاب". وتابعت النقابة أنّ "هؤلاء اقتحموا غرفة الطوارئ في المستشفى، وهم مسلّحون بالعصي وحوامل المحاليل التي انتزعوها عنوة من أسرّة المرضى، وأدوات النظافة بالمستشفى، لتبدأ معركة ضارية انهزم فيها الأطباء والممرّضون بالطبع، لأنّهم لم يدرسوا في مناهج الطب والتمريض فنون القتال، ولم تُرخّص لهم جهات عملهم حمل الأسلحة في أثناء ممارسة عملهم".

وأكملت النقابة في بيانها نفسه: "انتصر الجناة بحصيلة خمسة مصابين، وبعض التلفيات بالمستشفى، إذ أصيب طبيبان بكسر في اليد اليمنى، وممرّض بجرح متهتك في الجبهة، وأعراض ما بعد الارتجاج، وكدمات متفرقة بالجسم، وممرّض آخر بجرح قطعي في باطن اليد اليسرى، أمّا فرد الأمن الإداري الذي حاول الدفاع عنهم فأصيب بكدمات وسحجات متفرقة في الجسم، وكدمة بالرسغ الأيمن".

وبيّنت النقابة أنّ المهاجمين حطّموا عدداً من مستلزمات وتجهيزات قسم الطوارئ وكذلك أدوات النظافة، وعلى أثر ذلك، توقّف العمل في القسم مدّة ساعتَين لعدم وجود أطباء سالمين.

وأشارت النقابة العامة لأطباء مصر إلى تحرير محضر في قسم شرطة المقطّم بشأن الواقعة، وإصدار النيابة العامة قراراً بحبس اثنَين فقط من الجناة مدّة أربعة أيام على ذمّة التحقيق، وتجديد حبسهما مدّة 15 يوماً أخرى.

من جهته، استقبل نقيب الأطباء حسين خيري وعضو مجلس النقابة أحمد حسين الطبيبين المصابين، وكلّف الأول المستشار القانوني للنقابة بتقديم الدعم القانوني لهما ولجميع العاملين في المستشفى ممّن تعرّضوا للاعتداء.

ونقل بيان النقابة نفسه عن حسين قوله إنّ "النقابة ستتدخّل في هذه الواقعة بجميع صلاحيتها القانونية، بالإضافة إلى دعم الأطباء والعاملين، والحضور معهم في إجراءات التحقيق"، مضيفاً أنّ "عدم الإسراع في إصدار قانون خاص بالاعتداء على المنشآت الصحية والعاملين بها، على غرار قانون التعدي على المنشآت العسكرية وعقوباته الرادعة، سيخلّف مزيداً من هذه الوقائع التي تتفاقم شراستها يوماً بعد آخر". وشدّد حسين على أنّ "نقابة الأطباء ستقف أمام أيّة محاولات للضغط على الطبيبَين للتنازل عن المحضر، أو توجيه الاتهام للجناة".

وتجدر الإشارة إلى أنّ الاعتداء بالضرب على الأطباء في أثناء تأديتهم مهامهم أمر شائع في مصر، على خلفية رفض وزارة الداخلية تأمين المستشفيات العامة، وعدم استجابة الحكومة والبرلمان للمطالب النقابية المتكرّرة بشأن إدخال تعديل تشريعي يغلّظ عقوبات الاعتداء على الأطباء والممرّضين في أثناء تأدية عملهم.

والعقوبة الواردة في القانون الحالي غير رادعة، إذ تكتفي بالحبس مدّة ستّة أشهر في حدّها الأقصى، فيما تصل إلى السجن مدّة 10 سنوات في بعض الدول العربية، مثل السعودية والإمارات.

وتعاني مصر من نقص حاد في عدد الأطباء، مع استمرار نزيف هجرتهم إلى دول الخليج وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية، لا سيّما بعد انتشار وباء كورونا، وتكرار وقائع الاعتداء عليهم من أهالي المرضى في غياب الأمن، بالإضافة إلى ضعف رواتبهم في المستشفيات الحكومية والخاصة على حدّ سواء.

وفي إبريل/ نيسان الماضي، أصدرت نقابة الأطباء تقريراً ترصد فيه الكمّ الهائل من استقالات الأطباء من القطاع الحكومي خلال السنوات الثلاث الماضية، إذ استقال 11 ألفاً و536 طبيباً بشكل رسمي في الفترة الممتدة ما بين يناير/كانون الثاني 2019 ومارس/آذار 2022.

المساهمون