مصر: أيمن موسى يدخل عامه العاشر في السجن

07 أكتوبر 2022
المعتقل المصري أيمن موسى (تويتر)
+ الخط -

يدخل اليوم الرياضي المصري الشاب أيمن موسى، المحكوم عليه بالسجن 15 عاماً، عامه العاشر خلف القضبان، وهو الذي سيكمل عامه الثلاثين في 25 من الشهر الجاري.

وقبل تسع سنوات، كانت قوات الأمن المصرية قد اعتقلت عشرات الشباب عشوائياً من محيط منطقة رمسيس، وسط العاصمة القاهرة، لتفريق تظاهرات اندلعت عقب الإطاحة بالحكم المدني، برئاسة الراحل محمد مرسي، بعد مذبحتي رابعة العدوية والنهضة في أغسطس/ آب 2013. وكان أيمن موسى (كان عمره 19 عاماً في ذلك الوقت) ضمن عشرات الشباب الذين ألقي القبض عليهم في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2013، ليُضم إلى القضية رقم 10325 لعام 2013 جنايات الأزبكية (أحداث الأزبكية ــ رمسيس) مع 67 شخصاً آخرين، وجرت محاكمتهم جماعياً بالسجن 15 عاماً بعد رفض نقض الحكم بالجملة لجميع المتهمين في القضية.

وحكم على موسى بعدما أسندت إليه النيابة في القضية ارتكابه جرائم القتل العمد، والشروع في القتل العمد، والتجمهر، بغرض تعطيل تنفيذ القوانين واللوائح، ومحاولة اقتحام ميدان التحرير، والتعدي على المواطنين، والتأثير على سلطات الدولة، والاعتداء على الأشخاص، وإتلاف الممتلكات العامة، ومقاومة السلطات. وحكم عليه بالسجن المشدد 15 عاماً، و5 سنوات مراقبة، وغرامة 20 ألف جنيه (نحو ألف و390 دولاراً).

كل تلك الاتهامات أسندت إلى طالب مصري كان متفوقاً في إحدى الجامعات الدولية الخاصة، ورياضي من الدرجة الأولى في أرقى النوادي المصرية، فقط لأنه عارض النظام المصري الحالي منذ الانقلاب العسكري في يوليو/ تموز 2013. وأفرج عن نحو 30 شخصاً متهمين بالقضية نفسها بشكل متفرق، ضمن قوائم عفو رئاسي بين عامي 2016 و2018.

وقضى أيمن موسى فترة العشرينيات من عمره في السجن، حاله حال عشرات وربما مئات الشباب في مصر الذين دفعوا ثمن رفضهم الانقلاب العسكري، والتعبير عن آرائهم السياسية، سواء بالمشاركة في الحراك السياسي، أو التعبير عن الرأي، أو حتى مجرد التدوين على مواقع التواصل الاجتماعي.

ومن خلال وسم "عفو رئاسي لأيمن موسى" طالب أهله وأصدقاؤه، من بينهم أشخاص كانوا قد سجنوا في القضية نفسها، بالإفراج عنه، وناشدوا لجنة العفو الرئاسي التي شُكلت مؤخراً لبحث ملف السجناء السياسيين، وضع اسمه في قوائم العفو اللاحقة. وأفرجت السلطات الأمنية المصرية، على مدار الأشهر القليلة الماضية، عن عدد من السجناء السياسيين في قضايا الرأي والحريات، كما أخلت سبيل محبوسين احتياطياً من قضايا سياسية عدة.  لكن يبقى الحل الوحيد الملموس بالفعل لاستشعار جدوى العفو، هو الإفراج عن جميع معتقلي قضايا سياسية محددة، أو حتى على مستوى ملفات القضايا، كالإفراج دفعة واحدة عن المحبوسين احتياطياً، أو عن كبار السن والمرضى، أو عن متهمين في قضايا سياسية كبرى.

ومنذ إصدار رئيس الجمهورية القرار بإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي في 26 إبريل/ نيسان الماضي، طالبت المنظمات الحقوقية بمعايير وضوابط واضحة ومعلنة لقرارات إخلاء السبيل أو العفو عن المحتجزين، سواء المحكوم عليهم أو من هم رهن الحبس الاحتياطي على ذمة قضايا سياسية، على أمل أن يستهدف القرار في المقام الأول الإفراج عن جميع المحتجزين بتهم سياسية، أو بسبب آرائهم، إلا أن عدم الالتفات للمعايير والضوابط المطلوبة أدى إلى تضارب عمل اللجنة والالتفاف على تخصصها.

تسع سنوات في السجن تحوّلت فيها مجريات الحياة بشكل قاس مع موسى، فتحول من شاب متفوق ورياضي وموهوب كان يدرس الهندسة بالجامعة البريطانية، ويلعب بمشاركة منتخب مصر للغطس، ولديه شغف برياضة الباركور إلى شاب يضيع ربيع عمره بين جدران الزنزانة، بسبب التعبير عن رأيه السياسي.

كما تلاشى حلمه بأن يكون مهندساً بعدما فصلته الجامعة، بسبب اشتراط حضوره طوال العام، فقرر بعدها دراسة العلوم السياسية في الجامعة نفسها، وتخرّج منها في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2020. وتوفي والده قبل عامين ولم يتمكن من وداعه، إذ قُوبلت طلبات أسرته بالتصريح له بتشييع الجثمان بالرفض.

في واحدة من رسائله من السجن، وبعد رحيل والده، كتب موسى: "أنا متعب من خسارة هدية في كل عيد ميلاد هذا العام، وبدلاً من أن أرتدي قبعة التخرّج والعباءة مع أصدقائي حاصلاً على شهادة تخرّجي، ارتديت بدلة سجين وأصفاد يد، منتظراً نقلي إلى سجن آخر. تغيّبت عن جنازة أبي. أفتقد أبي، أنا مُتعَب.. أنا مُتعَب من انتظارِ لا شيء إلا الخسائر.. أنا مُتعَب من عيش حياة غير طبيعية. أريد أن أعود إلى بيتي قبل أن أخسر شيئاً آخر.. قبل أن أخسر شخصاً آخر".

المساهمون