مصرع 6 مهاجرين أفغان بغرق قارب في بحر المانش

12 اغسطس 2023
من السفن المشاركة في عملية إنقاذ المهاجرين في بحر المانش اليوم (سمير الدومي/ فرانس برس)
+ الخط -

 

قضى ستة مهاجرين في غرق زورقهم، في وقت مبكر من صباح اليوم السبت، في بحر المانش قبالة بلدة سانغات في إقليم با-دو-كاليه، وفقاً للمتحدّثة باسم الشرطة البحرية الفرنسية في المانش وبحر الشمال، مؤكدة لوكالة فرانس برس أنّ عمليات البحث ما زالت مستمرّة.

ومساء اليوم السبت، كُشف أنّ المهاجرين الذين قضوا هم من الأفغان الذين كانوا يخوضون رحلة هجرة غير نظامية من فرنسا إلى بريطانيا، على متن قارب يقلّ نحو ستين مهاجراً. ويأتي ذلك بعد أقلّ من عامَين على واقعة غرق قارب كانت الأكثر حصداً للأرواح في المنطقة.

وسُجّلت وفاة أوّل الضحايا، صباح اليوم، بعد نقله بمروحية إلى مستشفى كاليه، بحسب مركز الشرطة البحرية في المانش وبحر الشمال. أمّا الضحايا الخمسة الآخرين الذين كانت إصاباتهم حرجة، فقد اهتمّ زورق "نوتردام دو ريسبان" التابع للجمعية الوطنية للإنقاذ البحري بنقلهم.

وأوضح نائب المدعي العام في بولوني-سور-مير فيليب ساباتييه لوكالة فرانس برس أنّ القتلى رجال أفغان يبلغون من العمر نحو ثلاثين عاماً. وبيّن أنّ الركاب كانوا "جميعهم تقريباً من الأفغان بالإضافة إلى عدد من السودانيين، علماً أنّهم بمعظمهم من البالغين، إلى جانب عدد قليل القصر".

وأكّد ساباتييه إنقاذ 49 شخصاً في المجموع، 36 منهم من الجانب الفرنسي و13 من خلال جهاز خفر السواحل البريطاني. وقد نُقل سبعة مصابين بجروح طفيفة، من بين الذين أنزلوا في كاليه، إلى المستشفى، فيما أجرت الشرطة تحقيقات مع الآخرين.

وأفادت نيابة بولونيي-سور-مير، بعد ظهر هذا اليوم، بأنّ عمليات البحث تتواصل في محاولة للعثور على ما بين خمسة وعشرة مهاجرين ما زالوا مفقودين، فيما تمكنّت فرق الإسعاف من إنقاذ 55 آخرين.

وقد شاركت في عملية الإنقاذ أربع سفن فرنسية ومروحية بالإضافة إلى سفينتَين بريطانيّتَين.

وأوضحت النيابة أنّ سفينة تجارية كانت قد أبلغت عن توقّف القارب الغارق "قبل بزوغ الفجر"، لتعثر عليه "في الصباح الباكر" سفينة "كورموران" التي تجري دوريات للخدمة العامة. أضافت أنّ البحر كان هادئاً، الأمر الذي أتاح مواصلة عمليات البحث، إلا أنّ الأحوال الجوية تدهورت لاحقاً وصار البحر هائجاً.

وقد وصلت شاحنات الجثث إلى ميناء كاليه، حيث رست سفينة "كورموران" وزورق الجمعية الوطنية للإنقاذ البحري في الصباح. كذلك غادرت حافلة تقلّ ناجين إلى غرفة استقبال للطوارئ في المحافظة.

من جهته، قال رئيس بلدية المنطقة فرانك ديرسين إنّ عملية إنقاذ واسعة بدأت نحو السادسة صباحاً بالتوقيت المحلي، فيما حاولت عشرات من قوارب المهاجرين العبور في الوقت نفسه.

أضاف ديرسين لوكالة رويترز أنّ "قوارب عدّة واجهت صعوبات شديدة"، فيما عُثر "للأسف على قتلى بالقرب من بلدة سانغات".

وفي مواكبة لحادث الغرق، نشرت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن تدوينة على موقع إكس (تويتر سابقاً)، حيّت من خلالها الجهود التي تبذلها فرق الإنقاذ التي تحرّكت لمساندة البحرية الوطنية. كذلك عبّرت بورن عن تعاطفها مع الضحايا.

ومن المتوقّع أن يصل وزير الدولة الفرنسي لشؤون البحار إيرفيه بيرفيل إلى المكان في وقت لاحق من مساء اليوم، في حين كانت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان قد عبّرت عن تضامنها مع "المتضرّرين من هذه الخسارة المأسوية".

ويُعَدّ بحر المانش أو القناة الإنكليزية بين فرنسا وبريطانيا من أكثر ممرّات الشحن ازدحاماً في العالم، والتي تُسجَّل فيه تيارات قوية، الأمر الذي يجعل عبور القوارب الصغيرة أمراً خطراً.

وفي العادة، يكدّس مهرّبو البشر المهاجرين في القوارب المتهالكة، الأمر الذي يعرّض ركابها لخطر الأمواج المتلاطمة في أثناء محاولاتهم الوصول إلى الشواطئ الإنكليزية.

وفي سياق متصل، قالت المتطوعة آن توريل، التي كانت على متن أحد قوارب الإنقاذ: "أنقذنا 54، من بينهم امرأة". ووصفت بالمضنية الجهود التي بذلها المهاجرون لتفريغ المياه من قاربهم الغارق باستخدام أحذيتهم. أضافت لوكالة رويترز، في اتصال هاتفي بعد عودتها إلى الشاطئ، إنّ "كثيرين كانوا على قارب (المهاجرين)".

من جهته، أفاد خفر السواحل البريطاني بأنّه أرسل قارب إنقاذ من دوفر للمساعدة في الإغاثة، إلى جانب فريق إنقاذ من خفر السواحل وفريق إسعاف.

"قمع" خطر

وفي مواكبة للحادث المأساوي، قال متحدث باسم جمعية "أوتوبيا 56" الفرنسية لمساعدة المهاجرين لوكالة فرانس برس إنّ "القمع" يزداد على الحدود لمحاولة الحدّ من حركة الهجرة، الأأمر الذي "يزيد عمليات العبور خطراً ويدفع الناس إلى تحمّل مزيد من المخاطر للعبور إلى بريطانيا".

وكان من المقرّر عقد اجتماع، صباح اليوم السبت، برعاية وزارة الداخلية البريطانية حول رحلات الهجرة غير النظامية في "قوارب صغيرة". فقد تضاعفت، منذ مساء الأربعاء الماضي، محاولات عبور المهاجرين على متن قوارب صغيرة من شمال فرنسا صوب بريطانيا، وسط أحوال جوية جيّدة.

وسجّلت وزارة الداخلية البريطانية وصول 755 شخصاً، أوّل من أمس الخميس، وهو رقم قياسي يومي منذ بداية عام 2023 الجاري. وقد عبر أكثر من 100 ألف مهاجر غير نظامي بحر المانش، منذ عام 2018، على متن قوارب صغيرة، بحسب ما أفاد تعداد نشرته وكالة فرانس برس، أمس الجمعة، استناداً إلى أرقام رسمية بريطانية.

وبلغ عمليات الهجرة مستوى قياسياً في عام 2022، إذ وصل إلى السواحل الإنكليزية 45 ألف مهاجر، على الرغم من مخاطر يتعرّضون لها. فقد قضى 27 مهاجراً بغرق زورقهم في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2021، تتراوح أعمارهم ما بين سبعة أعوام و46 عاماً.

وفي عام 2022، قضى خمسة مهاجرين في البحر وفُقد أربعة آخرون حين كانوا يحاولون بلوغ السواحل الإنكليزية انطلاقاً من الساحل الشمالي لفرنسا.

وفي إطار التحقيق القضائي الذي فُتح في حادثة عام 2021، وُجّهت لائحة اتهام إلى 11 شخصاً يُشتبه في أنّهم من مهرّبي البشر، فيما يخضع سبعة عسكريين آخرين للتحقيق. وقد أثارت هذه المأساة التوتّر بين باريس ولندن اللتَين اتفقتا منذ ذلك الحين على تعزيز مكافحة الهجرة غير النظامية، فضاعفت الحكومة البريطانية حزمها.

ومنذ بداية العام الجاري، نجح 15 ألفاً 826 مهاجراً في الوصول عبر المانش إلى إنكلترا، في حين تعهّد رئيس الوزراء البريطاني المحافظ ريشي سوناك بـ"وقف القوارب". تجدر الإشارة إلى أنّ حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك كانت قد أعلنت، الأسبوع الماضي، عن جهودها لتقليص أعداد طالبي اللجوء، على أمل كسب دعم الناخبين وسط تراجع حزب المحافظين الحاكم في استطلاعات الرأي.

المساهمون