مصرع تلميذة في انهيار "قنطرة" مدرسة شمالي لبنان

02 نوفمبر 2022
هنا وقع الانهيار ولقيت ماغي محمود حتفها (تويتر)
+ الخط -

في مأساة جديدة تطاول مدينة طرابلس شمالي لبنان، لقيت التلميذة ماغي محمود (16 عاماً) حتفها عند انهيار وقع في إحدى غرف صفوف مدرسة "الأميركان" الرسمية المختلطة في منطقة جبل محسن، في حين أُصيبت زميلتها شذى درويش (16 عاماً) بجروح وكسور ووضعها الصحي مستقرّ.

وعلى الأثر، هرعت فرق الإسعاف إلى موقع المدرسة، ونُقلت جثّة الضحية وكذلك الفتاة الجريحة إلى المستشفى الحكومي في المدينة التي تُعَد عاصمة شمالي لبنان. كذلك حضرت قوى أمنية وفرقة من الجيش اللبناني إلى موقع الحادثة، علماً أنّ القضاء أمر بختم غرفة الصفّ المتضررة بالشمع الأحمر.

وبهدف الإحاطة بالواقعة، حضر إلى المدرسة مفتشون وخبراء في الهندسة برفقة المدعي العام، لتحديد المسؤوليات.

وفي وقت لاحق، شُيّعت ماغي محمود في جبل محسن، وسط حالة غضب عارمة. وقد أُطلقت شعارات ضدّ السلطات والأجهزة اللبنانية الرسمية، في مقدّمتها وزارة التربية والتعليم العالي التي لم تصدر أيّ بيان حتى الساعة، فيما اكتفت مصادرها بالقول لـ"العربي الجديد" إنّ "الحادثة قيد التحقيق".

وبحسب أبناء المنطقة، فإنّ المدرسة قائمة في مبنى عثماني قديم استخدمته الاستخبارات السورية مقرّاً لها على مدى أعوام طويلة، منذ 1977 إلى 2005. وفي وقت لاحق، رُمّم المبنى وحُوّل إلى مدرسة رسمية.

وبعد الحادثة، تجمهر عدد كبير من تلاميذ المدرسة في محيطها، وقد عمّ الحزن الأجواء نتيجة سقوط زميلتهم ضحية الإهمال المستمرّ للمباني الآيلة للسقوط. وأفادت تلميذة سابقة من محيط المدرسة الذي شهد تجمّعاً غاضباً لتلاميذ وتلميذات وأهاليهم وأبناء المنطقة بأنّ انهيارات متفرّقة طفيفة حصلت سابقاً من دون وقوع أيّ إصابات، لكنّ المسؤولين لم يتحركوا لإجراء الصيانة اللازمة بهدف حماية التلاميذ.

وحمّلت تلميذات في المدرسة أجهزة الدولة الرسمية، بما في ذلك وزارة التربية ومجلس الإنماء والإعمار وبلدية طرابلس، مسؤولية وفاة زميلتهنّ ماغي محمود، خصوصاً أنّ هذه المرجعيات هي المعنيّة بالصيانة والتجهيزات ومراقبة وضع المبنى. وسبق أن رُفع الصوت في أكثر من مرّة للتدخّل ومعالجة التشقّقات في جدران المدرسة الداخلية والخارجية.

وشدّدت التلميذات في خلال التجمّع على أنهنّ لن يدخلنَ إلى المدرسة بعد اليوم، وعبّرنَ عن غضبهنّ من تقاعس المسؤولين وإهمالهم سلامتهنّ، في حين يُفترض بغرف الصف أن تكون آمنة لتلميذات لا يردنَ سوى التعلّم والحصول على شهادة لتحقيق مستقبلهنّ وطموحاتهنّ لا أمكنة لوفاة تلميذة في ربيع عمرها.

وفي سياق متصل، أشار المهندس ناجي عبد الرحمن من سكان جبل محسن ووالد أحد تلاميذ المدرسة، إلى أنّ الأهالي كانوا قد حذّروا سابقاً من تداعي المبنى، بعد قيام مشرفين من بلدية طرابلس بالكشف على مجموعة من المباني قبل مدّة، وأشاروا إلى خطر يهدّده منذ فترة طويلة. وقد نقلوا الشكوى إلى المنطقة التربوية التابعة لوزارة التربية والتعليم العالي في لبنان، إنّما من دون جدوى.

وأفاد أحد أفراد الهيئة التعليمية "العربي الجديد" بأنّه "قبل مدّة، ولضرورة توسعة إحدى غرف الصفوف، ارتأت إدارة المدرسة إزالة جدار فاصل بين غرفتَين واستبدلته بقنطرة حجرية. وحينها، كشف مفتشون من وزارة التربية والتعليم العالي على مبنى المدرسة وجزموا بأنه لا يوجد خطر على الرغم من أنّ المبنى قديم". أضاف المتحدث نفسه مفضّلاً عدم الكشف عن هويته: "لكنّ المفاجأة اليوم كانت بسقوط القنطرة على التلاميذ مخلّفة قتيلة وجريحة".

وفي هذا الإطار، استنكرت "اللجنة الطلابية في لبنان" غياب الصيانة والمتابعة للبنى التحتية التعليمية الرسمية، من جرّاء الموازنة شبه المعدومة المخصّصة للقطاع التربوي، وطالبت في بيان الجهات المانحة والجمعيات والمؤسسات الاجتماعية المساهمة في سدّ الفجوة والحاجة في هذا الخصوص. وطالبت اللجنة وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي بـ"إقفال كافة المدارس والثانويات الرسمية يوم غدٍ الخميس حداداً على روح الضحية وكصرخة وجع وغضب للحال الذي آل إليها القطاع التربوي".

من جهته، قال رئيس شبكة سلامة المباني المهندس يوسف فوزي عزام إنّ "الشبكة أشارت في عام 2017 إلى وجود أكثر من 100 مدرسة تحتاج إلى ترميم فوري وهي تنتشر على كلّ الأراضي اللبنانية ومعظمها رسمية". وشدّد عزام في بيان على أنّه "من الضروري القيام بمسوحات ميدانية فورية، ولا سيّما للمدارس القديمة"، على أن "تقوم بها السلطات المعنية وذلك لمعرفة واقع الحال ومدى تطبيق معايير السلامة العامة للشروع في عملية الترميم وذلك حفاظاً على سلامة التلاميذ والجهاز التربوي".

وقال النائب عن طرابلس أشرف ريفي، في بيان "حذّرنا من وجود 400 مبنى في طرابلس آيلة للسقوط، وطالبنا الدولة بالتحرّك السريع قبل أن تتكرّر الحوادث المفجعة، لكن بلا نتيجة". أضاف: "سوف نستمرّ على الرغم من الصعوبات، بالعمل على إتمام مشروع البناء البديل على أرض للأوقاف الإسلامية أو أرض للبلدية".

وفد عمد عدد من الأهالي على قطع الطريق عند مدخل منطقة جبل محسن في طرابلس غضباً واستنكاراً لما حدث، وطالب هؤلاء برفع "الحرمان" عن المنطقة والكشف على كلّ المدارس والمباني منعاً لتكرار مثل هذه الحادثة.

المساهمون