مصداقية "كوب 26" على المحك ودعوات إلى تسريع الجدول الزمني

07 نوفمبر 2021
محتجّون سئموا الكلام ويطالبون بأفعال (فوك فالتشيتش/ Getty)
+ الخط -

بعيداً عن العناوين الإخبارية البارزة التي تروّج لالتزامات جديدة بشأن الانبعاثات والتمويل، تواجه الدورة السادسة والعشرون لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (كوب 26) في غلاسكو باسكتلندا معركة من أجل المصداقية.

وفي الأسبوع الأوّل من مؤتمر الأطراف "كوب 26"، واجهت الدول الغنية اتّهامات بالتراجع عن وعودها مراراً، وتبادلت أكبر الدول المسبّبة للتلوّث في العالم انتقادات لاذعة. وعبّر ناشطون في مجال البيئة عن خيبة أملهم تجاه ما وصفوه بالخيانة نتيجة عدم تحقيق أيّ تأثير يذكر بعد سنوات من المفاوضات التي قادتها الأمم المتحدة بشأن المناخ للحدّ من انبعاثات الكربون المسبّبة لارتفاع حرارة الأرض وحماية الفئات الأكثر عرضة إلى الخطر.

من جهته، كتب المندوب الصيني جاو شيانغ في صحيفة "غوانغمينغ ديلي" الرسمية الصادرة في شنغهاي، أمس السبت، أنّه "لم نلمس صدقاً في الالتزامات التي تعهّدت بها دول متطوّرة وسمعنا شعارات أكثر بكثير من النتائج العملية". فالانبعاثات المسبّبة للاحتباس الحراري في تزايد، كذلك فإنّ درجات الحرارة العالمية التي ارتفعت بالفعل 1.1 درجة مئوية عمّا كانت عليه قبل الثورة الصناعية تواصل صعودها. وفي سياق متصل، أفادت الدول الغنية التي لم تلتزم بموعد 2020 لتقديم 100 مليار دولار أميركياً سنوياً للدول الأكثر فقراً بهدف تمويل مكافحة المناخ، بأنّها لن تفي بذلك التعهّد قبل عام 2023.

ورفض ناشطون كثر الضجة التي شهدها الأسبوع الأوّل من مؤتمر الأطراف "كوب 26" الذي يمتدّ حتى 12 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، على الرغم من أنّ مندوبي الدول ومفاوضي الأمم المتحدة ما زالوا يعملون على التفاصيل المتعلقة بتنفيذ الوعود القديمة كما الجديدة. وفي ظلّ تاريخ دبلوماسية المناخ المليء بالوعود المنكوثة، تساءل كثيرون: ما الذي يجب تغييره بعد مؤتمر هذا العام الذي يستمرّ أسبوعَين لضمان المساءلة؟

تشديد الجدول الزمني

غداً الإثنين، يعود مفاوضون من 200 دولة إلى طاولة مؤتمر الأطراف "كوب 26"، وأمامهم فقط خمسة أيام للتوصّل إلى الاتفاقات المطلوبة لعدم تجاوز ارتفاع درجة حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية، وهو الحدّ الذي إذا تمّ تجاوزه يشهد العالم آثاراً مدمّرة لتغيّر المناخ.

ومن بين القضايا الكبيرة التي يتعيّن حلها وضع قواعد يُعتدّ بها لسوق الكربون وتقييم كيف يمكن للدول الصناعية الكبرى دفع أموال من جرّاء الخسائر المرتبطة بالمناخ والتي تكبّدها بقية العالم وتدبير التمويل لمساعدة الدول النامية على التكيّف. لكنّ فكرة بعينها حظيت بشعبية وهي جعل الدول تراجع تعهداتها بشأن خفض الانبعاثات كلّ عام بدلاً من كلّ خمسة أعوام، وهو النظام المعمول به اليوم. وعلّق سليم الحق مستشار منتدى الدول الأكثر عرضة إلى آثار تغيّر المناخ وعددها 48 دولة التي بدأت الحشد لمراجعات أكثر تواتراً حتى قبل بدء مؤتمر غلاسكو، قائلاً "إنّها حالة طوارئ. كلّ خمسة أعوام؟ بذلك لا نتعامل مع الأمر على أنّه حالة طوارئ".

من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس للمندوبين، الأسبوع الماضي، إنّه في حال فشل مؤتمر الأطراف "كوب 26" فسوف يتوجّب على الدول مراجعة خططها المناخية في كلّ عام.

كذلك أيّد المبعوث الأميركي للمناخ جون كيري المراجعات على فترات زمنية أقلّ. وقال للصحافيين أوّ من أمس الجمعة: "آمل أن نتوصّل إلى إطار عمل جيّد جداً، سواء أكان خمسة أعوام أو أقلّ... لا أستطيع أن أحسم الأمر اليوم".

بالنسبة إلى مؤيّدي الفكرة، فإنّ مثل هذا التعديل ضروري. ويرون وجوب أن تخضع الدول للمساءلة كلّ عام، إذ لم يتبقَّ إلا عشرة أعوام على الموعد المحدد لخفض الانبعاثات العالمية بنسبة 45 في المائة، وهو ما يقول العلماء إنّه حيوي لتقييد ارتفاع درجة حرارة الأرض. ورأى كيري أنّه "من السلبي في رأيي أن نخرج من هنا بأفق زمني طويل إلى هذا الحدّ".

ضغوط على الإمكانيات

قد تمثل أيّ مبادرة سنوية ضغطاً بالنسبة إلى الدول الفقيرة ذات الإمكانيات الحكومية المحدودة. وقالت تشيوما فيليستاس أمودي، مساعدة كبير المسؤولين العلميين في قسم تغيّر المناخ بوزارة البيئة النيجيرية، إنّ "عاماً واحداً مدّة قصيرة جداً". أضافت أنّ "تعهّدات كثيرة للدول، تسمّى المساهمات المحدّدة وطنياً، شملت نطاقاً واسعاً من مجالات السياسة وخطط الطاقة والمبادرات الحكومية التي تحتاج الإرادة السياسية وكذلك الدعم المالي". وتابعت "لذا فإنّ عملية مراجعة خلال عام واحد سوف تعطّل عملية التنفيذ. أمّا خمسة أعوام فسوف تمنحنا وقتاً أكبر للتنفيذ وكذلك للتقييم".

أمّا وزير البيئة البريطاني جورج يوستيس فشكّك في ضرورة إدخال تغييرات رسمية على عملية الأمم المتحدة، قائلاً إنّها مصمّمة بالفعل من أجل إحراز تقدم تدريجي. أضاف في حديث إلى "راديو تايمز": "لست متأكداً ممّا إذا كانت التقنية المتعلقة بالتسريع أمراً ندفع في اتّجاهه أم أنّ النصّ النهائي سوف يتضمّنها" هذا العام. وتابع: "عندما تكون هذه الأحداث سنوية، فسوف تكون ثمّة عودة إلى الاتفاقيات السابقة".

(رويترز)

المساهمون