أعلنت مديرية صحة إدلب عن مشروع لتعزيز النظام الصحي في شمال غرب سورية تنفّذه مع اتحاد المنظمات الطبية الإغاثية السورية (أوسوم)، وبالشراكة مع جامعة "كينغز كولدج لندن" البريطانية، بهدف الانتقال بالقطاع الصحي من حالة العمل الإغاثي الطارئ إلى حالة النظام المحوكم، وذلك من أجل تطوير وزيادة كفاءة النظام الصحي الذي تعرّض إلى أضرار جسيمة خلال الأعوام العشرة الماضية، لا سيّما لجهة حجم الخسائر البشرية في هذا القطاع وحجم الدمار الذي لحق بمنشآته.
يتحدّث مدير صحة إدلب الدكتور سالم عبدان لـ"العربي الجديد" عن المشروع الذي كانت المديرية قد أعلنت عنه عبر صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك"، موضحا أنّه "مشروع بحثي يهدف إلى إيجاد الآليات العلمية الصحيحة لتعزيز النظام الصحي في شمال غرب سورية في ظل الحرب القائمة، أي أنّ أبحاثاً سوف تخرج بتوصيات خاصة بذلك، ويُصار إلى التهيئة لمرحلة الإنعاش المبكر في هذه المنطقة".
يضيف عبدان: "نعيد التأكيد أنّ المشروع علمي وأكاديمي ومنهجي، يركّز على أربع نقاط أساسية هي حوكمة القطاع الصحي، وإيجاد أفضل السبل لحوكمة القطاع الصحي في المنطقة، بالإضافة إلى تقوية نظام المعلومات ودراسة كلّ البيانات الصحية فيه، وكذلك دراسة الموارد البشرية والعمل على تقويتها مع منح تقدّم إلى 13 شخصاً من خلال هذا البرنامج لنيل شهادة الماجستير في الصحة العامة وبناء نظام صحي".
ويتابع عبدان أنّه بـ"الإضافة إلى ما سبق، سوف يقدم المشروع دراسة للخدمات المتوفّرة وسبل تقويتها وسدّ بعض الفجوات في تلك الخدمات. وقد بدأت بالفعل الخطوات العملية للمشروع بهدف تعزيز النظام الصحي بشكل علمي ومنهجي من أجل زيادة كفاءته، وإعداد أوراق بحثية علمية تتعلق بتمويل القطاع الصحي ووضع الموارد الصحية في المنطقة، تصدر بحلول نهاية العام الجاري".
من جهته، يقول مدير وحدة نظام المعلومات الصحية بمديرية صحة إدلب محمود حريري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "عشرة أعوام مرّت على الحرب في سورية أدّت إلى استنزاف القدرات الصحية، بالإضافة إلى الاستهداف الممنهج للمنشآت الصحية والبنية التحتية لهذا القطاع، خصوصاً الكوادر البشرية. فقد خسرنا نحو 900 شخص من الكادر الصحي وفق توثيق المنظمات الدولية، علماً أنّ ما لا يقلّ عن 90 في المائة من ذلك الكادر خارج البلاد. وقد أدّى كلّ هذا إلى شبه انهيار في قطاع الصحة وغياب نظام حوكمة حقيقي في الشمال. من هنا برزت الحاجة إلى الانتقال من العمل الإغاثي الطارئ إلى العمل على حوكمة القطاع الصحي وتعافيه".
وعن الحاجة إلى هذا المشروع، يقول الدكتور عبد الكريم قزيز، لـ"العربي الجديد"، إنّه "على مدى الأعوام العشرة من الاستجابة الإنسانية الصحية في شمال سورية، كان التركيز على إنقاذ الحياة والتدخلات الصحية الطارئة مع مراعاة طبيعة الصراع. لكن في الآونة الأخيرة، ومع الوقائع الجيوسياسية الجديدة، سُجّل توجّه نحو مزيد من تدخلات التنمية والتعافي المبكر، وكان التركيز على الرابطة الثلاثية: السلام التنموي الإنساني. ويأتي هذا المشروع البحثي ليؤدي دوراً رئيسياً في توفير الأدلة اللازمة لتنفيذ الاستراتيجيات اللازمة".
ومن المتوقع أن يمتد المشروع على أربعة أعوام، علماً أنّه ينطلق في العام الجاري ويتألّف من أربعة محاور أساسية. المحوّر الأوّل يقضي بتقديم الخدمات الصحية ذات الجودة، على أن تشمل كلّ المنطقة الجغرافية في شمال غرب سورية وكلّ سكانها. والمحور الثاني يعني التعليم وكذلك التدريب الطبي الاحترافي المستدام، فيما المحور الثالث خاص بنظام المعلومات الصحية المركزي. أمّا المحور الرابع فيتناول حوكمة وتمويل سياسات القطاع الصحي.
تجدر الإشارة إلى أنّ القطاع الصحي في شمال غرب سورية تضرّر بشكل كبير في الأعوام الأخيرة، خصوصاً بعد التدخّل الروسي في سبتمبر/ أيلول من عام 2015. فقد دمّرت الطائرات الحربية الروسية منشآت ومستشفيات ونقاطاً طبية عديدة في المنطقة الممتدة من ريف حماة الشمالي مروراً بمحافظة إدلب، وصولاً إلى ريفي حلب الجنوبي والجنوبي الغربي.