مسوّدة اتفاقية مؤتمر "كوب 28" تذكر صراحة الوقود الأحفوري

01 ديسمبر 2023
في خلال اليوم الثاني من مؤتمر المناخ "كوب 28" (كريس جاكسون/ Getty)
+ الخط -

 

تنصّ نسخة أولية، نُشرت اليوم الجمعة، لمشروع اتفاقية سوف يناقشه مفاوضو نحو 200 دولة في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (كوب 28) المنعقد في دبي، على وجوب أن يخفّض العالم استخدام الوقود الأحفوري أو يتخلّى عنه كلياً.

وجاء في مسودة النص التي أعدّتها بريطانيا وسنغافورة والتي سوف تُستخدَم أساساً للمحادثات بهدف تبنّيها في ختام مؤتمر المناخ في 12 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أنّ على الدول التحضير "من أجل التخفيض/ التخلي عن الوقود الأحفوري". وسوف يمثّل التوافق على مصطلح "التخفيض" أو مصطلح "التخلّي"، الأكثر طموحاً، تحدياً أساسياً للدول.

وهذا النصّ الأساسي، وهو الوثيقة النهائية التي سوف تُعتمَد في ختام مؤتمر "كوب 28"، ما هو في الواقع إلا "تقييم عالمي" حول اتفاقية باريس للمناخ المبرمة في عام 2015 والتي تنصّ على حصر الاحترار المناخي بدرجتَين مئويتَين مقارنة بفترة ما قبل الثورة الصناعية.

وكان تقرير فني، نشرته الأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول الماضي، قد خلص بحسب المتوقَّع إلى أنّ الجهود المناخية المبذولة راهناً غير كافية لتحقيق هدف اتفاقية باريس.

وينبغي أن يُتّخَذ قرار سياسي في خلال "كوب 28"، إذ إنّ المجتمع الدولي ما زال منقسماً حول مواضيع عديدة، بدءاً من مستقبل الوقود الأحفوري. وقد لاحظت الأمم المتحدة مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي استمرار "التباين في وجهات النظر" حول سبل تحقيق أهداف اتفاقية باريس التاريخية.

ويقترح النصّ، الذي نُشر اليوم الجمعة، بطريقة أكثر تحديداً، تخفيض استخدام الفحم أو التخلّي عنه، أو ببساطة التخلّي عن أيّ مشروع جديد يستخدم هذه الطاقة الملوّثة جداً. وقد رحّب مراقبون، اليوم، بذكر تخفيض استخدام الوقود الأحفوري أو التخلّي عنه.

وقد رأت لولا فاليجو، مديرة برنامج المناخ لدى معهد التنمية المستدامة والعلاقات الدولية (إي ديه ديه إر إي) وهو مركز دراسات فرنسي، أنّ النصّ "أكثر طموحاً من أيّ شيء طُرح على الطاولة في خلال مؤتمر كوب 27 (في العام الماضي في مصر)، لذا فإنّ مجرّد إدراجه ضمن الخيارات يُعَدّ خطوة كبيرة إلى الأمام".

ومن بين القضايا المطروحة للنقاش في "كوب 28" الإلغاء التدريجي للدعم المالي للوقود الأحفوري الذي بلغ في مجموعه نحو سبعة تريليونات دولار في العام الماضي، وما إذا كان ينبغي إدراج بنود خاصة في الاتفاقية تتعلق بتقنية استخلاص الكربون وإزالته. يُذكر أنّ الاستهلاك المتزايد لمصادر الطاقة الأحفورية، منذ القرن التاسع عشر، يضع البشرية على مسار احترار مناخي لا مفرّ منه بثلاث درجات مئوية بحلول عام 2100.

الوقود الأحفوري موضوع خلاف

وعلى منبر المؤتمر اليوم، أقرّ ملوك ورؤساء دول وحكومات، واحداً تلو الآخر، بالظروف المناخية الحادة التي يشهدها كوكب الأرض وبحالة اللامبالاة الجماعية حيال الاحترار. لكنّهم بمعظمهم اكتفوا بتكرار التزاماتهم القائمة والمعروفة في مجال المناخ، من دون أن يعلن معارضو التخلّي عن الوقود الأحفوري عن أيّ تغيير. وبالتالي، يُحكى عن انقسامات عميقة بين قادة العالم، فتبدو "نقطة التحوّل" التي دعا إليها الملك تشارلز بعيدة المنال.

وفي خلال كلمته أمام المؤتمر، اليوم الجمعة، دعا ملك بريطانيا، وهو ضيف شرف في "كوب 28"، قادة العالم إلى جعله "نقطة تحوّل أخرى نحو انتقال (أخضر) حقيقي" ترقى إلى مستوى اتفاقية باريس للمناخ، من أجل تسريع التحرّك المناخي. وقال، في كلمته التي ألقاها في مشاركته الأولى في مؤتمر مناخ منذ اعتلائه العرش، إنّ "الأرقام القياسية تُحطَّم في الغالب، لدرجة أنّنا لم نعد نتأثّر بما تفيدنا به".

وإذ استذكر مشاركته في مؤتمر "كوب 21" الذي أفضى إلى اتفاقية باريس التاريخية، حذّر من أنّه "إذا لم نتدخّل سريعاً لإصلاح واستعادة اقتصاد الطبيعة الفريد، المبنيّ على التوازن والانسجام، فإنّ اقتصادنا الخاص وقدرتنا على البقاء على قيد الحياة سوف يكونان في خطر".

وختم الملك، المعروف بدفاعه عن القضايا البيئية، بالقول إنّ "الأرض ليست ملكنا.. نحن الذين ننتمي إلى الأرض".

من جهته، أكّد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي سوف تستضيف بلاده مؤتمر "كوب 30" بعد عامَين، أنّ "الأرض سئمت اتفاقيات المناخ التي لا تُحترم".

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد أفاد بأنّ "العلم واضح: لا يمكن الحفاظ على سقف 1.5 درجة مئوية إلا إذا توقّفنا عن استهلاك كلّ أنواع الوقود الأحفوري". وشدّد على أنّ "المؤشّرات الحيوية للكوكب تنهار"، مشيراً إلى "انبعاثات قياسية وحرائق شرسة وحالات جفاف مميتة والعام (2023) الأكثر حراً على الإطلاق".

في سياق متصل، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الجمعة، دول مجموعة السبع في "كوب 28" إلى "التعهّد بإنهاء (استخدام) الفحم" قبل عام 2030، فتكون مثالاً يُحتذى به. وقال إنّ مواصلة الاستثمار في الفحم أمر "غير منطقي"، نظراً إلى هدف مكافحة ظاهرة الاحترار المناخي، و"لذلك يجب أن نبدأ تحوّلاً تاماً" للتخلّي عنه.

وبالنسبة إلى ماكرون، "يتعيّن على الدول الناشئة أن تتخلّى عن الفحم، وهذه المعركة الثانية بعد تلك التي يتعيّن فيها على الدول الأكثر ثراء أن تقودها". وذكّر بالتزام فرنسا إغلاق محطة الطاقة الأخيرة لديها التي تعمل بالفحم بحلول عام 2027.

وبالتزامن مع خطابات القادة، تعهّدت أكثر من 130 دولة بإعطاء الأولوية في خططها المناخية الوطنية للأغذية والزراعة، المسؤولة عن نحو ثلث غازات الدفيئة التي يتسبّب فيها الإنسان والتي لا تناقَش خلال مؤتمرات المناخ في العادة.

(فرانس برس، رويترز، العربي الجديد)

المساهمون