تعرضت تلميذات في 11 مدرسة إيرانية للبنات، اليوم الأربعاء، لتسمّم نقلن على إثره إلى المستشفى لتلقي العلاج، في استمرار لمسلسل التسمم الذي بدأت فصوله في ديسمبر/ كانون الأول الماضي وسط حالة غموض، وفقاً لما أفادت به وسائل إعلام وشبكات تواصل إيرانية.
وأوضحت المصادر نفسها، أنّ 4 من هذه المدارس تقع في العاصمة طهران، و7 مؤسسات تعليمية ضمن مدينة أردبيل شمال غربيّ البلاد.
وقال رئيس جامعة العلوم الطبية في محافظة أردبيل، علي محمديان أردي، لوكالة "تسنيم" الإيرانية: "تلقى قسم الطوارئ في المدينة، صباح اليوم، أول اتصال حول تسمم طالبات استنشقن رائحة الغاز أو ما يشبه ذلك، وبعد ظهور أعراض تنفسية عليهن اشتكين لدى إدارة المدارس".
وأضاف أردي أنّ 108 طالبات في هذه المدارس نقلن إلى المستشفى سريعاً لتلقي العلاج، واصفاً حالتهن الصحية بأنها "مستقرة".
وكلف الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، اليوم الأربعاء، وزير الداخلية أحمد وحيدي، إجراء تحقيقات عاجلة في حوادث التسمم في بعض المدارس الإيرانية للبنات. وأشار رئيسي، خلال اجتماع الحكومة الإيرانية، اليوم الأربعاء، إلى المخاوف من تكرار هذه الحوادث، داعياً وزارات الأمن والصحة والتعليم إلى التعاون مع الداخلية والإسراع في الوصول إلى نتائج وإعلانها.
كذلك، انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي الإيرانية، فيديوهات عن تجمع عوائل الطالبات أمام بعض المدارس التي تسممت طالباتها، منها مدرسة في منطقة شرقي طهران.
وبحسب الفيديوهات المنتشرة، فإنّ بعض المشاركين في التجمع رفعوا هتافات ضد السلطات.
ویدیو دریافتی
— Masih Alinejad 🏳️ (@AlinejadMasih) March 1, 2023
دانش آموزان مدرسه دخترانه «یارجانی» در نارمک تهران نیز دچار علائم مسمومیت شدند. ویدئوهای منتشر شده از حضور اولیاء دانش آموزان مقابل مدرسه حکایت دارد. تعداد زیادی آمبولانس به این مدرسه اعزام شدهاند.#مسمومیت_دانش_آموزان pic.twitter.com/YRcdnQbz7A
إلى ذلك، نقلت وكالة "فارس" الإيرانية، عن آباء بعض الطالبات في مدرسة هاجر غربي طهران، قولهم إنّ تصاعد الرائحة من بخاخة سبّب تسمّمهن.
كذلك، تظهر المقاطع المصورة المتداولة، وجود سيارات إسعاف أمام هذه المدارس لنقل المصابات بالتسمم إلى المستشفيات، فضلاً عن حالة ذعر وبكاء في بعض المدارس.
وأثار تكرار حوادث التسمم في مدارس البنات الإيرانية، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، الرأي العام الإيراني، بعد تصاعد هذه الحالات خلال الأسبوعين الأخيرين، وسط حالة غموض في أسباب هذا التسمم والجهة المحتملة التي تقف خلفه، بعد حديث برلمانيين وتلميحات مسؤولين إلى وجود قصد وتعمّد في عملية التسميم.
ويتهم نشطاء على شبكات التواصل ووسائل إعلام إيرانية، جماعات دينية متطرفة بالوقوف وراء هذه الحوادث لمنع دراسة الطالبات، فيما يوجه محافظون أصابع الاتهام إلى "أعداء" إيران بهدف خلق البلبلة داخل البلاد، حسب قولهم.
ولا تتوافر إلى الآن أي إحصائيات رسمية عن عدد حالات الطالبات اللواتي تعرضن للتسمم في المدارس، لكن مواقع إيرانية تتحدث عن 200 حالة، وقناة "بي بي سي" البريطانية تشير إلى أنها تصل إلى 800.
وأكد قائد قوات الأمن الداخلي الإيرانية، العميد أحمد رضا رادان، لوسائل إعلام إيرانية، أنه حتى الآن لم يُعتقَل أي شخص على خلفية حوادث التسمم.
وأضاف رادان أنّ قوات الشرطة تبذل "جهوداً كبيرة لمعرفة مصدر تسمم التليمذات"، مشيراً أيضاً إلى جهود مماثلة في وزارة الاستخبارات والأجهزة الأخرى للوصول إلى حقيقة الأمر، مع قوله إنه "لن نصدر أحكاماً مسبقة على وجود تعمد من عدمه بشأن هذا الموضوع".
ووسط روايات متناقضة عن طبيعة هذه الحوادث وأسبابها، ينتقد ناشطون إيرانيون أداء السلطات الإيرانية في التصدي لها والغموض الذي يلف الموضوع بعد ثلاثة أشهر من ظهور أولى حالات التسمم في مدينة قم، قبل أن تصل إلى مدارس أخرى في عدة مدن إيرانية.
وعقد البرلمان الإيراني اجتماعات لبحث ملف تسمم الطالبات الإيرانيات، إذ قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية البرلمانية، جليل رحيمي جهان أبادي، في تغريدة على "تويتر"، إنّ "تقرير وزارة الصحة كان مقبولاً، لكن إيضاحات وزارتي الأمن والتعليم والتربية لم تكن مقنعة"، مضيفاً أنّ نواب البرلمان يطالبون الحكومة بالبت فوراً في هذا الملف.
وزير الصحة الإيراني بهرام عين اللهي، تحدث، أمس الثلاثاء، على هامش مؤتمر للتلفزيون الإيراني عن "سم خفيف جداً"، وفقاً لما توصلت إليه تحقيقات فريق طبي، حسب قوله، مضيفاً أنه زار الطالبات المصابات بالتسمم في المستشفى بمدينة قم، وتبين أنهن لم يصبن بأعراض خطيرة، وبعد ساعات من استقرار وضعهن وانتهاء الشعور بالترهل في العضلات والإعياء والغثيان، غادرن المستشفى.
وعن مصدر هذا السم وما إذا كانت هناك حالة "تعمد"، قال الوزير الإيراني إنّ ذلك ليس ضمن صلاحيات وزارة الصحة. غير أنّ نائب الوزير لشؤون البحوث يونس بناهي، لمّح إلى وجود "تعمد" في هذه الحوادث، وفق ما أوردته صحيفة "خراسان" الإيرانية، أول أمس الاثنين، لكنه لم يتهم جهة بعينها بالوقوف وراءه.