مستوطنة "بسغات زئيف" تحاصر منزلي عائلتي عسكر المقدسيتين

مستوطنة "بسغات زئيف" تحاصر منزلي عائلتي عسكر المقدسيتين

04 ابريل 2024
تعزيز الإجراءات الأمنية حول بلدة حزما (عصام ريماوي/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في عام 1985، تأسست مستوطنة بسغات زئيف على أراضي حزما وبيت حنينا، شمال شرق القدس، مما أدى إلى ابتلاع معظم أراضي حزما بما في ذلك أراضي عائلتي عسكر.
- عائلتي عسكر واجهتا ضغوطاً شديدة من المستوطنين والحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك محاولات لاقتلاعهما وعروض شراء بمبالغ طائلة، لكنهما رفضتا العروض متمسكتين بأرضهما.
- بلدة حزما تعاني من تأثيرات النشاط الاستيطاني الإسرائيلي، بما في ذلك بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي، حيث تم إقامة مستوطنة بسغات زئيف كجزء من مشروع البوابة الشرقية، مما أدى إلى مصادرة أراضي واسعة.

قبل عام 1976 الذي شهد معركة يوم الأرض الخالدة، لم تكن مستوطنة بسغات زئيف المقامة على أراضي بلدتي حزما وبيت حنينا موجودة، بل أنشئت عام 1985 وظلت منذ ذلك الحين تتوسع وتمتد جنوباً وشمالاً وشرقاً على أراضي بلدة حزما، وهي من قرى شمال شرق القدس، حتى ابتلعت هذه المستوطنة معظم أراضي البلدة، من بينها أرض منزلين لعائلتي عسكر اللتين شيدتاهما بعد عام واحد فقط من معركة يوم الأرض. وكانت العائلتان عبارة عن بضعة أفراد قبل أن تكبرا ويصبح عدد أفرادهما أكثر من مائة شخص.
وبينما تحول الحاجز العسكري المقام غرب حزما إلى ممر إجباري إلى مدينة القدس، يحتاج اجتياز أبناء بلدة حزما إلى تصريح من جيش الاحتلال وإدارته المدنية، وبات وصول أفراد العائلتين أكثر مشقة وعناء بسبب وجود المنزلين في قلب مستوطنة بسغات زئيف.
وتحولت العائلتان إلى هدف لغلاة المستوطنين المتطرفين اليهود الذين اعتدوا على منزلي العائلتين وعلى مركباتهما. كما كانا هدفاً للاحتلال وجمعياته الاستيطانية، وقد جرت محاولات عدة لاقتلاعهما من أرضهما عبر ادعاءات عدة، من بينها عروض شراء المنزلين والأرض. وكان لهذا الواقع الذي فرضه الاحتلال على العائلتين بعد إقامة المستوطنة تأثيره الكبير على التواصل الاجتماعي بين أفرادهما وبين أقاربهما في بلدة حزما ذاتها والمصنفة إدارياً من قبل الاحتلال كمنطقة تتبع للضفة الغربية وتدار من قبل جيش الاحتلال وما يسمى بإدارته المدنية، فتقطعت العلاقات الاجتماعية ولم يعد بمقدور بعض الآباء  من البلدة زيارة بناتهم في قلب بسغات زئيف، لأن تواصل العائلتين مع أقاربهما داخل البلدة يحتاج إلى تصاريح من جيش الاحتلال.

تحول الحاجز العسكري المقام غرب حزما إلى ممر إجباري للقدس

وفي سردية الصراع للحفاظ على الأرض والمنزل، يروي المسن خيري عسكر، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن المستوطنين وجهات حكومية إسرائيلية عرضتا عليه مبالغ طائلة جداً وشيكات مفتوحة تبدأ بـ12 مليون دولار مقابل التنازل عن الأرض والمنزل، لكن العائلة ردت كل العروض وكان موقفها على الدوام أنها لن تتنازل ولن تبيع ولن تتزحزح عن أرضها، ما اضطر الاحتلال إلى الخضوع والقبول بالأمر الواقع ومنحت عائلة عسكر بطاقة الهوية الزرقاء.

الصورة
نقطة تفتيش في حزمة (أحمد غرابلي/ فرانس برس)
نقطة تفتيش في حزما (أحمد غرابلي/فرانس برس)

يتابع: "لم تتوقف العروض من قبلهم، وقد عرض أحد المستوطنين بيعه سطح المنزل للبناء فوقه وربطه بمنزله ورفضت العائلة العرض، ثم جاؤوا بعرض آخر وهو السماح لهم بفتح محطة وقود باسم شخص يهودي على أن تديره العائلة، لكن هذا العرض قوبل بالرفض الشديد".
ويقول رأفت عسكر لـ"العربي الجديد"، إن الفصل طاول أيضاً أفراد العائلة نفسها التي تقيم في المنزل، إذ إن عدداً من أفرادها يحملون بطاقة الهوية الزرقاء، ما يتيح لهم حرية التنقل، وعدد آخر لا يزال يحمل بطاقة هوية الضفة الغربية التي تمنعه من التنقل إلا بتصاريح خاصة من الاحتلال.
ويقول الشاب أحمد عسكر لـ"العربي الجديد"، إن وجود العائلة في منزلها وتمسكها به ورفضها التنازل عنه وعن الأرض المقام عليها جعلها هدفاً لاعتداءات المستوطنين المتكررة وشبه اليومية، وتعرض المنزل وسائر الممتلكات التي تعود للعائلة لاعتداءات شملت المركبات وحرق وتكسير ورشق حجارة على المنزل، وتزداد خصوصاً خلال تدهور الأوضاع الأمنية، كما حدث إبان الهبة الشعبية في الأعوام الأخيرة، بينما يفرض على أفراد العائلة البقاء في المنزل خلال فترات الأعياد اليهودية.
وعائلة عسكر الحزماوية هي اليوم نموذج لحكاية الأرض المستمرة دفاعاً عنها والبقاء والصمود فيها بكل ما يحمله ذلك من معاناة وألم وحصار بين مستوطنة طوقت البيت من جميع الجهات وأجزاء من جدار فصل عنصريّ يحاصر الحياة في البلدة.

تقع بلدة حزما إلى الشمال الشرقيّ من مدينة القدس وتبعد عنها مسافة 8 كيلومترات في منتصف الطريق بين جبع من الشمال والشرق، وعناتا من الجنوب، وأراضي بيت حنينا من الغرب، وتبلغ مساحة أراضيها الأصلية 10.438 دونماً. ووفقاً لاتفاقية أوسلو، قُسّمت الأراضي في حزما إلى مناطق ب وج. يقع ما يقارب 90 في المائة من أراضي القرية في منطقة ج، ما يعني أنها تحت الإدارة العسكرية والمدنية لسلطات الاحتلال.
ويشمل النشاط الاستيطاني "بناء المستوطنات على أراضيها، ومصادرة أراض للطرقات الالتفافية الاستيطانية، وجدار الضمّ والتوسّع، والحاجز العسكري الذي يحول بينها وبين مدينة القدس". وكانت مستوطنة بسغات زئيف قد أقيمت ضمن مشروع استيطاني يعرف بالبوابة الشرقية، بعد مصادرة نحو 4600 دونم من أراضي بيت حنينا ومئات الدونمات من أراضي حزما، وتعد المستوطنة من كبرى المستوطنات الواقعة إلى الشمال من القدس، ويقطنها نحو 45 ألف مستوطن.

المساهمون