مساعدات المتطوعين تُنقذ أهالي الموصل

14 فبراير 2021
تواجه الموصل أزمة اقتصادية (زيد العبيدي/ فرانس برس)
+ الخط -

يعتمد أهالي مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى وثاني أكبر مدينة في العراق من حيث السكان وتقع على مسافة 465 كيلومتراً شمال العاصمة بغداد، على التكافل الاجتماعي لتخطي الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها بعد الحرب الأخيرة التي خلّفت دماراً كبيراً في البنى التحتية والأرزاق، وقد باتت آلاف الأسر من دون معيل أو عمل. ويؤكد الأهالي أن حملات التبرع والتكافل التي تشهدها مناطقهم من قبل منظمات ومجموعات شبابية كانت بمثابة عون كبير لهم بعدما ساهمت في التخفيف من آثار الحرب المدمرة التي شهدتها المدينة، في ظل استمرار مماطلة الحكومة بتعويض المتضرّرين من تلك الحرب
وبحسب الإحصائيات الرسميّة، فإن معدلات الفقر وصلت إلى مستوى قياسي، مشيرة إلى أن 38 في المائة من السكان، أي ما يعادل مليوناً و800 ألف شخص، يعيشون تحت خط الفقر في عموم نينوى عاصمة محافظة الموصل، علماً أن عدد القاطنين فيها يقدّر بـ 3.5 ملايين نسمة. 
ويقول مدير دائرة الإحصاء في محافظة نينوى (شمال العراق) نوفل سليمان، إن مدينة البعاج (جنوب غرب الموصل) تحتل المرتبة الأولى لناحية معدلات الفقر، تليها مدينة الحضر، ومدينة تلعفر، ثم مدينة الموصل. كما تفيد بيانات البنك الدولي بأن نسبة الفقر في المناطق المحررة تضاعفت إلى 40 في المائة خلال الفترة الأخيرة. وتؤكد بعثة الأمم المتحدة في بغداد أن طفلاً عراقياً من بين كل أربعة أطفال يعاني من جراء الفقر. كذلك، فإن تراجع فرص العمل ساهم في ارتفاع نسبة الفقر في هذه المناطق، خصوصاً الموصل.
في هذا السياق، تقول أم سعد، وهي من سكان مدينة الموصل القديمة، لـ "العربي الجديد": "بعد انتهاء الحرب، عدتُ إلى بيتي لأجد كلّ شيء مدمراً سواء البيت أو الحي"، مشيرة إلى أن "شباب المنطقة عملوا على مساعدتنا من خلال إزالة الأنقاض وتوزيع الأغذية والأغطية والأدوية. وكانوا يعطوننا أرقام هواتفهم للاتصال بهم في حال احتجنا لأي مساعدة". تُضيف أم سعد التي تعمل خيّاطة من منزلها: "أحيك الملابس لأساعد زوجي الذي يعمل بأجر يومي بعدما خسر محاله التي كان يبيع فيها المواد الغذائية بعد النزوح". تضيف: "لدينا أربعة أطفال ولكلّ منهم احتياجاته ومتطلباته التي نحاول تلبيتها، وخصوصاً أننا لم نحصل على تعويضات، باستثناء مساعدات الخيّرين من طعام وشراب. ولولا هذه المساعدات لما تمكنا من إعادة تأهيل بعض غرف بيتنا التي تضررت بنسبة 60 في المائة خلال الحرب".

من جهتها، تقول رزان يونس، وهي طالبة جامعية لـ "العربي الجديد": "منذ انتهاء الحرب وحتى اليوم، يعمل أهالي الموصل على مساعدة بعضهم بعضاً". يونس التي تطوعت في العديد من الحملات، توضح: "لم يكن حال عائلتي أفضل من العائلات التي قدمنا لها المساعدات، فقد دُمّر منزلنا وتلقينا بدورنا مساعدات غذائية من بعض المجموعات التطوعية". تضيف: "نشارك في رفع الأنقاض وتأمين الأدوية".
أما الناشط المدني أيوب ذنون، فيقول لـ "العربي الجديد" إن العمل الخيري يميّز الموصل، كما أن التكافل الاجتماعي سمة من سماتها. وتهتّم جمعيات بنحو 5 آلاف يتيم مثل جمعية "فعل الخيرات"، في وقت تجاوز عدد المبادرات والمجموعات التطوعية الرقم 70.

تكافل اجتماعي من خلال توزيع الطعام (زيد العبيدي/ فرانس برس)
تكافل اجتماعي من خلال توزيع الطعام (زيد العبيدي/ فرانس برس)

يضيف: "لا ننكر الدور الحكومي لكنه حتماً ضئيل بالمقارنة مع حجم الدمار الذي حل في هذه المدينة على كل المستويات الاقتصادية والأمنية والخدماتية. خسر الكثير من الناس أعمالهم وتجارتهم، وكان يجب أن يكون هناك تعويضات"، موضحاً أن هناك 50 ألف معاملة لتعويضات مقدمة إلى الجهات المعنية لم يحصل منها سوى ألف تقريباً على تعويضات. لذلك، يجب أن يكون هناك تحرك جدي وملموس لتقديم التعويضات ودعم المصابين أو الذين فقدوا أعمالهم وتجارتهم من جراء الحرب. بالتالي، يجب مضاعفة الجهود الحكومية لتعود الموصل إلى ما كانت عليه".

إلى ذلك، يقول رئيس مؤسسة "تطوع معنا" في نينوى عمر محمد، لـ "العربي الجديد": "هناك العديد من صور التكافل الاجتماعي في الموصل. على سبيل المثال، شكّل طلاب مجموعات لتأهيل المباني المتضررة في الجامعات، في وقت تكفلت مؤسسات ومنظمات بتأمين احتياجات بعض العائلات مثل توفير بيوت وأدوية وغيرها من الأساسيات". يضيف: "خلال انتشار جائحة كورونا، برز دور الشباب في دعم المرضى والمحتاجين بالمستلزمات الصحية، والعائلات من أصحاب الدخل المحدود الذين عانوا أثناء فرض حظر التجوال وتوفير المواد الغذائية. حتى النساء شاركن بشكل فعال في ترميم المنازل وتوزيع المواد العينية". يضيف أن بعض الأطباء عمدوا إلى علاج المرضى المحتاجين، وحفر آبار للمياه وسداد الديون عن بعض المتعففين. كما خفض بعض أصحاب المحال بدلات الإيجار والتجار أسعار السلع، "وشاركت مؤسستنا في العديد من الأعمال الخيرية".


 

المساهمون