مسؤول طبي: جرحى حرب غزة في حاجة إلى نصف مليون عملية جراحية

21 اغسطس 2024
في مجمع ناصر الطبي بمدينة خانيونس، جنوب قطاع غزة، 21 أغسطس 2024 (بشار طالب/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **الوضع الصحي الكارثي في غزة:** جرحى حرب غزة يحتاجون إلى نصف مليون عملية جراحية وسط انهيار المنظومة الصحية، مع زيادة عدد الجرحى إلى 94 ألف، وكل جريح يحتاج إلى ثلاث إلى أربع عمليات جراحية.

- **تدمير المنظومة الصحية:** إسرائيل تستهدف المستشفيات والمدارس، مما أدى إلى فقدان 70% من قدرة المستشفيات الاستيعابية، مع نقص حاد في الأدوية والمواد المخبرية، ومقتل 880 كادراً صحياً.

- **مجزرة عائلة الحاج:** استهدفت الطائرات الإسرائيلية منزل الدكتور الحاج، مما أسفر عن استشهاد 48 شخصاً من عائلته، وإصابة حفيديه بجروح خطيرة.

يحتاج جرحى حرب غزة إلى نحو نصف مليون عملية جراحية عند انتهاء العدوان الإسرائيلي على القطاع المحاصر، وذلك وسط انهيار المنظومة الصحية. هذا ما كشفه الطبيب الفلسطيني عبد اللطيف الحاج وهو الوكيل المساعد لوزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، خلال مقابلة مع وكالة الأناضول في تركيا حيث هو في الوقت الراهن، إذ يرافق حفيدَيه اللذَين أُصيبا في حرب غزة المتواصلة التي تشنّها قوات الاحتلال على القطاع وأهله منذ أكثر من عشرة أشهر. 

وأوضح الحاج أنّ جرحى حرب غزة يزيدون عن 94 ألف جريح، ويحتاج كلّ واحد منهم إلى ما معدّله ثلاث إلى أربع عمليات جراحية بعد الحرب". وأضاف أنّ "عدد العمليات الجراحية اللازم إجراؤها للجرحى الفلسطينيين بعد حرب غزة قد يصل إلى نصف مليون عملية جراحية".

وتابع الوكيل المساعد لوزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة أنّ "تلك العمليات الجراحية الضرورية لن تُجرَى من دون توفّر فرق جراحة كاملة ومستشفيات ميدانية إلى جانب ما تبقّى من مستشفيات في القطاع (المنكوب) حتى تكون داعمة لها". وأشار إلى أنّ بمجرّد تنفيذ وقف إطلاق النار، من المطلوب البدء بترميم المستشفيات وإدخال أجهزة طبية وأدوية ومستلزمات سريعاً. وشدّد الحاج على ضرورة وصول مستشفيات ميدانية حقيقية فاعلة إلى قطاع غزة، تضمّ غرف عمليات جراحية متكاملة، بالإضافة إلى تجهيزات أخرى، ولا سيّما أجهزة تصوير بالأشعة وأخرى بالرنين المغناطيسي وأجهزة تصوير مقطعي محوسب، إلى جانب مستلزمات مخبرية، ومولّدات كهربائية حديثة لحلّ أزمة الطاقة.

حرب غزة تخلّف كارثة في المنظومة الصحية 

وعن الوضع الصحي عموماً في قطاع غزة، قال المسؤول الفلسطيني في وزارة الصحة إنّ "إسرائيل تضرب بعرض الحائط كلّ القيم الإنسانية والقوانين الدولية بقصفها المستشفيات والمدارس ورياض الأطفال"، لافتاً إلى أنّ "لدينا في المنظومة الصحية تحديات كبيرة جداً وصلت إلى حدّ الكارثة". وأضاف الحاج: "لم نكن نتصوّر أن يكون مجمّع الشفاء الطبي في مدينة غزة (شمال) هدفاً للاحتلال في يوم"، لكنّ القوات الإسرائيلية "وصلت إليه واجتاحته وأحرقت أكثر من نصفه، ودمّرت أجزاء كبيرة منه، وأسرت كوادر طبية تابعة له، وقتلت مرضى وجرحى في داخله". وتابع الحاج أنّ "الدبابات والجرافات الإسرائيلية دعست جثث الشهداء الذين كانوا مدفونين في فناء مجمّع الشفاء الطبي وقتلت جرحى".

وذكر الحاج أنّ المنظومة الصحية في قطاع غزة تعاني، في الوقت الراهن، بصورة كبيرة من فقدان أكثر من 70% من قدرة المستشفيات الاستيعابية، لجهة عدد الأسرّة، بسبب قصف أجزاء كبيرة من المنشآت الطبية وخروجها عن الخدمة. وأضاف أنّ 14 مستشفى في قطاع غزة ما زالت تعمل حالياً، من بينها فقط أربعة مستشفيات رئيسية فيما الباقي مراكز صغيرة غير حكومية. وتابع المسؤول الفلسطيني أنّ وزارة الصحة في قطاع غزة عمدت إلى تفعيل كلّ مبنى تُقدَّم فيه خدمات صحية، بعد الاستهداف المتعمد للمستشفيات من قبل القوات الإسرائيلية، كذلك فإنّ الكوادر الطبية تحاول إعادة الحياة إلى أيّ مستشفى تخرج قوات الاحتلال منه، عبر ترميم بعض غرفه لتقديم الخدمات للجرحى والمرضى.

وبينما أشار الحاج إلى أنّ أكثر من 50% من الأدوية و60% من المواد المخبرية غير متوفّرة في قطاع غزة في الوقت الراهن، بيّن أنّ أكثر من 880 كادراً صحياً قُتلوا منذ بداية الحرب، علماً أنّ كلّ واحد كان له دوره المهمّ فيما كان أفراد منهم متفرّدين بأدوارهم في المنظومة الصحية. ووصف الحاج "فقدان الكوادر الطبية المميّزة بأنّه مأساة، إذ إنّها لا تعوّض"، مضيفاً أنّ ذلك "أثّر بالتأكيد سلباً بمستوى تقديم الخدمات، وسوف يكون له التأثير نفسه مستقبلاً، حتى عند وقف إطلاق النار".

مجزرة عائلة عبد اللطيف الحاج

وبشأن وجود عبد اللطيف الحاج في تركيا لمتابعة رحلة علاج حفيدَيه، يلفت الطبيب والمسؤول الفلسطيني إلى أنّ ذلك أتى بعد الفاجعة التي نجمت عن المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في حقّ عائلته بوسط قطاع غزة، عندما استهدفت منزله الذي لجأ إليه 56 شخصاً من الأقارب، معظمهم أطفال ونساء. وشرح أنّ "هؤلاء جميعاً لجأوا إلى منزلي بعد مطالبة القوات الإسرائيلية سكان مدينة غزة بالنزوح إلى مناطق جنوب وادي غزة". أضاف الحاج أنّ "في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، عند الساعة الرابعة فجراً، استهدفت الطائرات الإسرائيلية منزلي بصاروخ أميركي الصنع، بطريقة مباشرة، فيما كان جميع من في المنزل نائمين"، مؤكداً أنّ ذلك القصف أسفر عن استشهاد 48 شخصاً على الفور.

وبينما أوضح الحاج أنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي لم توجّه أيّ إنذار بإخلاء المنزل الذي لا يؤوي إلا مدنيين قبل قصفه، عدّد الشهداء الذين سقطوا في ذلك الاستهداف. من بين هؤلاء "ابني البكر وزوجته وطفلته سارة التي كانت تبلغ من العمر عاماً واحداً، وابنتي الموظفة في منظمة الصحة العالمية وزوجها وطفلها الرضيع البالغ من العمر ستّة أشهر، وابني الطالب في الثانوية العامة الذي كان ينوي دراسة الطب في تركيا". كذلك استشهدت في عملية القصف هذه شقيقة الحاج وعائلتها، وجميع أصهاره الذين نزحوا إلى منزله.

وحكى الطبيب الفلسطيني أنّ "في صباح ذلك اليوم، تلقّيت جثامين أبنائي وأحفادي وإخوتي وأخواتي شهداء"، واصفاً الموقف بأنّه كان "صعباً جداً. لكنّنا لم نكن نملك إلا الصمود". لذا، يرعى الحاج حفيدَيه اليتيمَين اللذَين خسرا والدَيهما، وهما طفلة ولدت خلال الحرب وكانت تبلغ من العمر 14 يوماً فقط عندما قُصف المنزل فأُصيبت بكسر في الجمجمة وبنزيف دماغي، أمّا شقيقها البالغ من العمر تسعة أعوام فيعاني من كسر في الحوض واليدَين. ولم يخفِ الحاج أنّ "الخروج من قطاع غزة لم يكن سهلاً بالنسبة إليّ، وترك ميدان العمل، خصوصاً أنّني على رأس المنظومة الصحية في المستشفيات، لكنّني اضطررت إلى ذلك لمرافقة حفيدَي، ولم يكن القرار سهلاً".

(الأناضول، العربي الجديد)

المساهمون