على تلّة غرب مدينة معرة مصرين في ريف إدلب، شمال غربي سورية، ووسط مجموعة من أشباه الخيام المهترئة، بنيت خيمة كبيرة لا يقل حالها سوءاً عن غيرها من الخيام، لتكون مدرسة يتابع فيها الطلاب تعليمهم في ظل ظروف صعبة، فاقمتها موجة النزوح مؤخراً شمال غربي البلاد.
لن تدرك أن تلك الخيمة الكبيرة مدرسة حتى تدخل إليها وترى معلمين وطلاباً في المرحلة الابتدائية، يجلسون على مقاعد على أرضية ترابية وأمامهم سبورات لا تصلح لأن تصنف كخردوات.
نعاني من نقص منهاج الدراسة والسبورات الجيدة وانعدام كل ما هو محفز للطلاب على الدراسة
قُسمت المدرسة لأربعة صفوف بواسطة قماش وعوازل مهترئة، جُمع ثمنها من تبرعات سكان أربع مخيمات عشوائية، ليؤمنوا لأبنائهم الـ250 مواصلة الدراسة بأبسط مقوماتها.
في هذه التجمعات السكانية العشوائية، قد تجد طفلا ذا عشرة أعوام لا يعرف القراءة والكتابة، و لا حتى أبسط العمليات الحسابية، لانقطاعه ومعظم الأطفال عن الدراسة، أو حرمانه منها بسبب التهجير من المدن والقرى بعد سيطرة قوات النظام السوري عليها خلال عمليات عسكرية متعددة.
في ظل هذه الظروف الصعبة، بادر بعض الشباب الجامعيين لإنشاء هذه المدرسة بالإمكانات المتوفرة خوفاً من تفشي الجهل بين أبناء مخيماتهم. وفي السياق يقول المعلم المتطوع عمر فريج وهو من قرية سنجار بريف معرة النعمان الشرقي، هجّر من قريته منذ أربع سنوات: "كانت هذه المدرسة من دون سقف، فجمعنا التبرعات من السكان لبناء سقفها وشراء ما هو ضروري لاستمرار العملية التعليمية"، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد: "قبل سقف المدرسة كنا نأتي صباحاً إليها لنجد المقاعد متسخة، ونضيع من وقتنا أكثر من نصف ساعة لتنظيفها، هذا عدا البرد الشديد في الشتاء، أما في الصيف فالوضع لم يكن أحسن حالاً بسبب ارتفاع درجة الحرارة ".
وعن احتياجاتهم، يشير المعلم إلى أن "أكثر ما نعاني منه هو أن الصفوف الأربعة مفتوحة على بعضها، ما يتسبب بضجة كبيرة تقف عائقاً أمام فهم الطلاب للدروس، كما نعاني من نقص منهاج الدراسة والسبورات الجيدة وانعدام كل ما هو محفز للطلاب على الدراسة".
لا يستطيع سكان هذه المخيمات إرسال أبنائهم إلى مدارس المدن المجاورة لبعد المسافة، كما أن الظروف الاقتصادية المتردية تقف عائقاً أمام ذلك بسبب غلاء أسعار المواصلات. يقول أبو أحمد، وهو والد أحد طلاب المدرسة، لــ"العربي الجديد"، إن "التعليم في المخيمات ليس كالتعليم في المدارس العادية، ولا أستطيع إرسال ابني للمدينة لانعدام الأمان، وأيضا لعجزي عن شراء لباس مدرسة، حتى الدفاتر والأقلام لا أستطيع تأمينها لانعدام فرص العمل، وقلة المردود".
مدرسة من دون أدنى مقومات، لا كهرباء ولا تدفئة ولا سبورات جيدة، وعدد كبير من الطلاب ال-مكتظين على بعضهم في ظل انتشار فيروس كورونا، وظروف تعليمية صعبة فرضتها الحرب السورية على واقع هذا القطاع، هذه حال واحدة من المدارس في انتظار التفات الجهات المسؤولة والمنظمات المهتمة بشأن التعليم، والتحرك لتحسين وضعها، كي تستمر العملية التعليمية فيها، قبل أن يتسلل اليأس إلى قلوب المعلمين والطلاب والأهالي على حد سواء.