يعيش الطلاب ومسؤولو المدارس في ليبيا في إرباك كبير نتيجة تضارب القرارات الرسمية ذات الطابع المحلي، ونوعية الإجراءات الخاصة التي اتخذتها الحكومة للحدّ من تفشي وباء كورونا.
وخالفت بعض مؤسسات التعليم القرار الذي أصدرته وزارة التعليم بشكل مفاجئ، الثلاثاء الماضي، والخاص بتحديد مهل دراسية تخالف تلك التي أوردتها الخطة المعلنة منذ مطلع العام الدراسي الحالي، في حين أبدى عدد كبير من الطلاب والأهالي استياءهم من القرار.
وحدد القرار نهاية الموسم الدراسي للمرحلة الأساسية يوم الخميس الماضي، ووزع مواعيد الامتحانات الإعدادية والثانوية والجامعية بين سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول المقبلين، علماً أن الوزارة كانت قد أعلنت في إبريل/ نيسان الماضي أن ختام العام الدراسي للمرحلة الأساسية مقرر في نهاية أغسطس/ آب المقبل. ووزعت مواعيد الامتحانات النهائية للمراحل الثانوية والإعدادية بين أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني المقبلين.
وبررت الوزارة قراراتها المتضاربة بالظروف التي تمر بها البلاد، ومحاولتها إنهاء العام الدراسي الحالي في أسرع وقت، تمهيداً لإطلاق العام الدراسي المقبل في موعده الاعتيادي المحدد في أكتوبر/ تشرين الأول.
وأعلنت مدارس عدة في أنحاء البلاد عدم التقيّد بمهل الوزارة في إنهاء العام الدراسي للمرحلة الأساسية، والاستمرار في التدريس أسبوعين إضافيين كي يستكمل الطلاب المنهاج الدراسي، ويتجنبون عرقلة جديدة مرتبطة بقرارات الحكومة الخاصة بفرض إجراءات جديدة للحدّ من تفشي وباء كورونا.
وبعدما أغلقت الحكومة المنافذ الجوية والبرية مع تونس، الأسبوع الماضي، خشية تسرب متحور "دلتا" الهندي من فيروس كورونا والمتفشي في البلد المجاور، أقرّت إجراءات جديدة، منها إغلاق المقاهي وصالات المناسبات الاجتماعية، ومنع إقامة أفراح ومآتم لمدة أسبوعين. كما منحت الحكومة البلديات صلاحيات تقدير الوضع الوبائي في مناطقها في قرار تعليق الدراسة.
جاء ذلك إثر إعلان المركز الوطني لمكافحة الأمراض تسجيل أعلى معدلات لانتشار الوباء منذ تفشيه في البلاد خلال العام الماضي، وصولاً إلى 2854 إصابة جديدة في يوم واحد، الأحد الماضي، وسط مخاوف من ارتباط الارتفاع المفاجئ بتسرب المتحور "دلتا".
بعكس تيار الحكومة
يؤكد مدير مدرسة الطالب المتفوق الخاصة في طرابلس إبراهيم جبودة استمرار دروس الطلاب في المرحلة الأساسية للسنوات الأولى والثانية والثالثة من التعليم الأساسي، لكنه يتخوّف من احتمال إعلان بلدية طرابلس تعليق الدراسة.
يصف جبودة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، قرارات وزارة التعليم بأنها "ارتجالية وغير مبينة على أسس صحيحة، مثل استشارة مكاتب التعليم والمدارس أو درس الواقع على الأرض". ويشير إلى أن "الوزارة علّقت مرات الدراسة لأسباب مختلفة، منها ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير، ما حتّم تأخر إنجاز الطلاب مناهجهم التعليمية. وكان لذلك تأثير كبير على سير العملية الدراسية، ما اضطرّنا في كثير من الأحيان إلى مراجعة الدروس الممنوحة للطلاب من أجل تذكيرهم بالمواد، وربط فقرات المناهج بعضها ببعض بسبب طول فترات التعليق".
ويؤيد المواطن من مدينة شحات (شرق)، أبوبكر البرعصي رأي جبودة قائلاً: "عانينا من الانقسام الحكومي، ووجود وزارتين، والآن نواجه سلبيات قرارات الوزارة التي لا تظهر الجدية المطلوبة لرفع مستوى التحصيل العلمي، علماً أن ولديّ اللذين يدرسان في المرحلة الأساسية لم يستكملا أكثر من نصف المنهاج الدراسي".
يضيف في حديثه لـ"العربي الجديد": "إنني غاضب جداً من طريقة إدارة وزارة التعليم برامج التدريس في البلاد، وأسأل كيف سيستطيع ولداي التأقلم مع واجبات المنهاج الدراسي المقرر للعام المقبل، في حين لم يستكملاً منهاج العام الحالي".
وفي الأيام الأخيرة، كثفت أربع بلديات الإجراءات الاحترازية في مناطقها للحدّ من انتشار وباء كورونا، وبينها تعليق الدراسة. وأعلنت بلدية الزاوية، غرب طرابلس تحديداً، عن حال طوارئ قصوى، ومنعت التجمعات الكبيرة فيها.
وفي صبراتة المحاذية للزاوية غرباً، اتخذت بلديتها مجموعة تدابير وقائية وأمنية داخل المدينة. كما علّقت بلدية براك الشاطئ (جنوب)، وبلدية مصراتة، شرق طرابلس، الدراسة ضمن حملة تدابير الوقاية.
ويعلق البرعصي قائلاً: "يمكن قبول تبرير تعليق الدراسة بالخوف من تفشي الوباء، لكن الوزارة كان يجب أن توفر بدائل أخرى لتعويض الطلاب عن المناهج الدراسية التي ضاعت منهم، وتخصّص مثلاً دروساً للتعويض عبر التلفزيون أو مواقع الإنترنت، خصوصاً أنها طبقت وسائل التعويض تلك في السنوات الماضية.