مخيم الركبان: خروج خمسة آلاف نازح في عام 2021

03 يناير 2022
البقاء في مخيّم الركبان غير ممكن والخروج منه غير مضمون (Getty)
+ الخط -

 

تُعَدّ قضية مخيم الركبان واحدة من القضايا السورية الشائكة منذ عام 2011. وما زال قاطنوه يعانون من الإهمال، ويجدون أنفسهم مضطرين للبحث عن ملجأ آخر على الرغم من كلّ ما قد يتهدّدهم.

يستمر خروج العائلات السورية من مخيم الركبان للنازحين الواقع عند المثلث الحدودي ما بين سورية والأردن والعراق، في اتّجاه مناطق سيطرة النظام السوري وقوات سورية الديمقراطية. ويأتي ذلك في ظلّ الظروف المأساوية والأوضاع المعيشية المتردية لسكان المخيم، والتجاهل اللافت من قبل منظمات المجتمع الدولي والأمم المتحدة وشحّ الخدمات الطبية والتعليمية والغذائية المخصصة لهذا المخيم، بالإضافة إلى الضغوط الأمنية من قبل فصيل "مغاوير الثورة" المدعوم من قوات "التحالف الدولي" في قاعدة التنف على المقيمين في المخيم من ضمن منطقة الـ55 كيلومتراً التي يسيطر عليها الفصيل بالاشتراك مع قوات التحالف الدولي.

يقول رئيس "مجلس عشائر تدمر والبادية السورية" ماهر العلي لـ "العربي الجديد" إنّ "15 عائلة غادرت منطقة الـ 55 قبل  أيام في اتجاه مناطق سيطرة النظام السوري"، مؤكداً أنّ "حركة المغادرة سواء من مخيم الركبان أو من منطقة الـ 55، ما زالت مستمرة في ظل الظروف المأساوية المُعيشة". ويوضح العلي أنّ "نحو 5000 شخص غادروا مخيم الركبان في عام 2021"، لافتاً إلى أنّ "ثمّة أسباباً عدّة دفعتهم إلى ذلك؛ أوّلها عدم توفّر الطبابة والتعليم نهائياً في المخيم، بالإضافة إلى انقطاع المساعدات الإنسانية عن قاطني المخيم منذ سنوات، وسوء الأحوال المعيشية في مخيم الركبان خصوصاً".

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

يضيف العلي أنّ "1500 شخص من بين الأشخاص البالغ عددهم 5000 والذين غادروا مخيم الركبان، اتّجهوا إلى مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية (قسد) من خلال دفع مبالغ مالية إلى مهرّبين لتسهيل وصولهم عبر البادية السورية التي يسيطر عليها النظام السوري. أمّا الأشخاص الباقون (3500) فقد غادروا إلى مناطق سيطرة النظام في فترات متقطعة من خلال الحصول على موافقات أمنية من أفرع النظام، سواء عبر أقارب لهم يقيمون في مناطقه أو عبر سماسرة يعملون في هذا المجال من خلال أجهزة استخبارات النظام. كذلك فإنّ ثمّة نازحين غادروا المخيم إلى مناطق سيطرة النظام عبر قوافل للأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري". ويؤكد العلي أنّ "ثمّة أشخاصاً اعتقلوا من قبل أجهزة النظام السوري الأمنية، قسم منهم بحجّة سوقهم إلى الخدمة الإلزامية، وقسم آخر بحجة قضايا جنائية بحقّهم. وما زال مصير معظم هؤلاء مجهولاً حتى الآن".

ويشير العلي إلى أنّ "ثمّة أسباباً أخرى دفعت سوريين إلى مغادرة مخيم الركبان، منها الضغوطات الأمنية التي يتعرّضون لها من قبل فصيل مغاوير الثورة التابع للمعارضة السورية والمدعوم من قبل قوات التحالف الدولي في قاعدة التنف في منطقة الـ 55"، شارحاً أنّ "كلّ من يخالف أوامر وتعليمات الفصيل يتعرّض للاعتقال من خلال تلفيق تهم متعددة وباطلة له". ويتابع العلي أنّ "فصيل مغاوير الثورة اعتقل على فترات متقطعة أشخاصاً من المخيم ومنطقة الـ 55، وطلب في مقابل الإفراج عنهم مبالغ مالية تتراوح ما بين 10 آلاف و20 ألف دولار أميركي. وهذا ما حصل بالفعل"، لافتاً إلى أنّ "فصيل مغاوير الثورة يحاول بسط نفوذه على الإدارة المدنية لمخيم الركبان، بالإضافة إلى هيمنته العسكرية على منطقة الـ 55، وهذا سبب آخر يدفع إلى المغادرة".

الصورة
نازحون سوريون في طريق خروجهم من مخيم الركبان (كوستانتين ماشولسكي/ Getty)
نجح هؤلاء النازحون في الخروج من المخيّم (كوستانتين ماشولسكي/ Getty)

ويطالب العلي "المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والأمم المتحدة بتقديم خدمات طبية وتعليمية ومواد غذائية لقاطني المخيم بأسرع وقت ممكن، وذلك لوقف عمليات الخروج من المخيم في اتجاه مناطق سيطرة النظام السوري، إذ إنّ ذلك قد يتسبّب في اعتقال نازحين من قبل أجهزة النظام الأمنية في أيّ وقت، من دون توفّر أيّ ضمانات لعدم تعرّضهم للاعتقال". كذلك يطالب العلي "التحالف الدولي بمعاملة قاطني المخيم المعاملة نفسها التي يخصّ بها عائلات قيادات وعناصر فصيل مغاوير الثورة، من خلال تقديم الرعاية الطبية في قاعدة التنف وإجراء عمليات قيصرية للحوامل اللواتي يحتجنَها بدلاً من تجاهلهن، إلى جانب خفض أسعار المواد الغذائية وباقي السلع وتحسين الواقع الخدمي والمعيشي للأهالي".

من جهته، يقول محمد الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه كاملاً لأسباب أمنية، وهو أحد النازحين المقيمين في مخيم الركبان، لـ"العربي الجديد" إنّ "الأوضاع سيئة جداً في مخيم الركبان. فلا طبابة ولا تعليم للأطفال، ولا حتى غذاء ودواء. وأحياناً ثمّة من ينام من دون وجبات طعام، في حين أنّ قسماً آخر يتناول الخبز والمياه فقط"، مشيراً إلى أنّ "عام 2021 كان سيئاً جداً". ويؤكد محمد أنّ "الوضع المأساوي في المخيم هو ما يجبر قاطنيه على مغادرته في اتجاه مناطق سيطرة النظام. ولو كانت ثمّة فرص عمل للناس يستطيعون من خلالها تأمين مصاريف للطبابة وتأمين الغذاء لما غادروا قطّ. لكنّهم وعلى الرغم من تخوّفهم من النظام، فإنّهم مجبرون على المغادرة".

يضيف محمد: "أنا مسؤول عن ثلاث عائلات في مخيم الركبان؛ عائلتي مع ثلاثة أبناء وثلاث بنات، وعائلة ابني مع طفلَين، وعائلة ثالثة مع أربعة أطفال. ونستند جميعنا في عيشنا إلى بعض المال المقدّم من قبل أقاربنا المقيمين في دول اللجوء". ويلفت إلى أنّ "ثمّة من يعمل في نطاق المخيم على نقل المياه لتأمين سعر ربطة الخبز، وثمّة من يعمل على صناعة الطوب لإطعام أطفاله، وهؤلاء ممّن لا أقارب لديهم يمدّونهم بالمال من دول اللجوء". ويشدّد محمد على أنّ "قاطني مخيم الركبان يحتاجون إلى أبسط مقوّمات الحياة، وهي الطبابة والدواء والغذاء ومياه صالحة للشرب".

المساهمون