أوصى مشاركون في ورشة حول "وصول النساء في الأردن لمنظومة الحماية" بتطوير الإطار التشريعي والإجرائي للتعامل مع حالات العنف، من خلال إعادة النظر بمفهوم العنف الأُسري، وإيجاد قضاء متخصص بمثل هذه القضايا، وتوسيع صلاحيات المدعي العام في هذه الجرائم، وتفعيل السرية في جميع مراحل التحقيق.
وشدد المشاركون خلال الورشة التي نظمها مركز العدل للمساعدة القانوني بالتعاون مع منظمة إكسفام، اليوم الأربعاء، على أهمية توسيع نطاق برامج التوعية المجتمعية في القضايا المتصلة بالعنف الأسري، وإقرار بروتوكول خاص ومدونة سلوك للعاملين في مجال الحماية من العنف المبني على النوع الاجتماعي. كذلك طالبوا بإنشاء صندوق مالي لدعم النساء الضحايا من العنف، واستحداث خط ساخن لاستقبال الشكاوى، وتوفير المساعدة القانونية الكافية للضحايا، وتوفير خدمات الدعم النفسي والاجتماعي للناجيات من العنف.
وقالت المديرة التنفيذية لمركز العدل للمساعدة القانونية هديل عبد العزيز: "هناك مشكلة كبيرة في المجتمع الأردني تتعلق بالوعي القانوني، وخاصة في قضايا العنف"، مشددة على أهمية التركيز على الفئات الأكثر هشاشة، وخاصة النساء.
وأشارت هديل عبد العزيز إلى أن نتائج مسح السكان والصحة الأسرية (2017-2018) بيّن أن 26 بالمائة من الزوجات اللاتي أعمارهن بين 15 إلى 49 عاماً، تعرضن لعنف جسدي أو جنسي أو عاطفي من أزواجهن، وهو ما يعني تعرّض امرأة من بين كل 4 نساء متزوجات للعنف الجسدي أو الجنسي أو العاطفي في الأردن، و3 بالمئة منهن فقط توجهن الى القضاء.
ولفتت إلى أن عملهم ضمن المساعدة القانونية يكشف عن كمٍّ هائل من المشاكل في المجتمع، موضحة أن اللجوء إلى القضاء في الأردن يكون بعد استنفاد كل السبل، وخاصة الاجتماعية.
26 بالمائة، من الزوجات اللاتي أعمارهن بين 15 الى 49 عاماً، تعرضن لعنف جسدي أو جنسي أو عاطفي من أزواجهن
ووفق عبد العزيز، للعنف جانب اقتصادي "لا يقلّ أهمية عن الجانب الاجتماعي، وهذا ما جعل العالم يعتبر قضية العنف ومواجهتها أولوية"، موضحة أن "العنف يتميز بنقطتين: أنه دائري وتصاعدي، فالضحية يتحول مع الأيام إلى جانٍ، كما أن العنف يبدأ تصاعدياً، من اللفظي أو الضرب الخفيف إلى أن يصل إلى الاعتداء الجسدي العنيف".
وقالت إن مواجهة العنف تبدأ بالتوعية، لكن بعد ذلك من الضرورة وجود مؤسسات حماية اجتماعية، واللجوء إلى القضاء، مشددة على "ضرورة العمل بكافة الاتجاهات، فتغير التشريعات لا يعني تغير الواقع، وفي الأردن هناك قصور وضعف بالتشريع والتطبيق في محاولة الحماية من العنف، وهذا يعني أن المشكلة بالمنظومة".
بدورها، أشارت عضو مجلس الأعيان ورئيسة ديوان التشريع والرأي السابقة فداء الحمود، إن معيار نفاذ النساء والفتيات ضحايا العنف إلى العدالة "يعني توافر خدمات الحماية من العنف، أي وجود دور لحماية الأسرة ومحاكم في مختلف مناطق المملكة، يسهل الوصول إليها، إضافة إلى وجودة الخدمات المقدمة، والقدرة على دفع التكاليف، خاصة أن هناك فئات مهمشة لا تملك أجرة المواصلات".
وأوضحت أن أبرز التحديات تكمن في الإطار التشريعي، وتعريف العنف ومفهومه، خاصة أن هناك من لا يعتبر العنف الاقتصادي والنفسي عنفاً، مضيفة: "من المشاكل عدم القدرة على التبليغ عن العنف، كعدم اقتناع الضحايا، خاصة السيدات، بالتبيلغ عن العنف، خاصة أن أوامر الحماية في أغلب الأحيان مرتبطة بالتبليغ والشكوى".
ولفتت إلى أن أغلب السيدات اللواتي يتعرضن للعنف هن ممن يعانين من التبعية الاقتصادية، كذلك إن تحسّن الأوضاع الاقتصادية للعائلة يخفض من عنف الزوج، مشيرة إلى "تجنب العديد من السيدات اللجوء إلى دور الحماية، لما فيها الكثير من الممنوعات المتعلقة بالأطفال، أو حتى التدخين، ولذا تقول سيدات إنهن لا يردن الذهاب إلى مكان هو أقرب إلى السجن، فيما المشكلة الأكبر التي تواجه مؤسسات المجتمع المدني التمويل، وهناك سيدات لا يثقن بالمجتمع المدني".