مخاوف لم تنته رغم مرور عام على زلزال تركيا

28 يناير 2024
عام على زلزال تركيا (أوزان كوسي/فرانس برس)
+ الخط -

مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى على زلزال 6 فبراير/ شباط 2023 الذي دمر جنوب تركيا وحصد 50 ألف قتيل خلال 65 ثانية، لا تزال مخاوف تكراره تثير القلق نظراً لوقوع تركيا على صدعين جيولوجيين رئيسيين.

يمكن النظر إلى حجم الخسائر بعد مرور ما يقارب السنة على الزلزال من خلال تصريح مختار منطقة كهرمان مرعش القريبة من مركز الزلزال، علي كاراتوسان، الذي رصد خلاله حجم التغير في سجل الناخبين قائلاً: "كان لدي 3700 ناخب مسجل، ولم يتبق سوى 1300 ناخب. وليس لدينا أي مدرسة".

الصورة
منظر جوي لأنطاكيا في 12 يناير 2024 تظهر خلاله آثار الزلزال (أوزان كوسي/فرانس برس)
منظر جوي لأنطاكيا في 12 يناير 2024 تظهر خلاله مساكن أنشأتها إدارة الكوارث التركية (أوزان كوسي/فرانس برس)

في محافظة هاتاي التي تضم أنطاكية القديمة، يعيش أقل من 250 ألف نسمة في الغبار والفوضى من أصل 1.7 مليون قبل الكارثة، بحسب مسؤولين محليين، مع شعور بخسارة لا تعوّض.

يقول مولود أيدين الذي فقد حوالى عشرة أشخاص من أقربائه "هاتاي كما كنا نعرفها لم تعد موجودة".

وتفيد السلطات بأن 850 ألف منزل ومكتب ومبنى قد دمّر أو تضرّر، عدا الطرق والجسور والمستشفيات والمدارس.

زلزال 6 فبراير/ شباط 2023 الذي دمر جنوب تركيا وحصد 50 ألف قتيل خلال 65 ثانية

 

زلزال تركيا واللاجئون السوريون

ورغم وعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ببناء 650 ألف وحدة سكنية جديدة خلال العام، فإن وزارة البيئة والتخطيط المدني أعلنت بعد مرور 11 شهراً بناء 307 آلاف وحدة سكنية، منها 46 ألفاً جاهزة للتسليم.

في الانتظار، يتم إيواء الأسر التي لم تتمكن من العثور على مسكن جديد بمفردها، في صفوف حاويات تبلغ مساحتها ثلاثة أمتار بسبعة مع توفير المياه والكهرباء مجاناً، لكن في بعض الأحيان بدون وسائل نقل أو وظائف.

وتفيد مؤسسة أبحاث السياسات الاقتصادية (تيباف) بأن محافظة هاتاي فقدت خلال الزلزال عدداً من الأبنية، يوازي عدد المباني الذي يشيد في غضون عقد من الزمن.

الصورة
أعمال إزالة انقاض المباني مازالت مستمرة 12 يناير 2024 (أوزان كوسي/فرانس برس)
أعمال إزالة أنقاض المباني في أنطاكيا ما زالت مستمرة، 12 يناير 2024 (أوزان كوسي/فرانس برس)

وتوقعت المؤسسة، في تقرير حول العواقب الاقتصادية للكارثة، أن تترك كلفة إعادة الإعمار وإعادة التأهيل التي تقدّر بحوالى 150 مليار دولار على مدى خمس سنوات، "أثراً سلبياً كبيراً على المدى الطويل على الاقتصاد التركي والنمو والوظائف".

يضاف إلى ذلك أن المحافظات المتضررة التي تستقبل نصف اللاجئين السوريين البالغ عددهم 3.5 ملايين شخص تحل في أسفل المقياس الوطني للدخل والتنمية.

كهرمان مرعش مبانٍ انهارت في ثوانٍ

في كهرمان مرعش، على بعد 50 كيلومتراً من مركز الزلزال، يعمل قادر ينيجلي، وهو متقاعد يبلغ من العمر 70 عاماً، على بيع المثلجات ليستكمل معاش التقاعد الضئيل الذي يتقاضاه.

الصورة
منظر جوي للمنازل المنهارة في كهرمان مرعش 13 فبراير 2023 (أرشيف/الاناضول)
منظر جوي للمنازل المنهارة في كهرمان مرعش، 13 فبراير 2023 (أرشيف/الاناضول)

يقول "لا مال ولا وظائف، نحن بعيدون عن العودة إلى الوضع الطبيعي، والناس لا يعرفون ماذا يفعلون. يجب على الدولة مساعدتنا".

رغم المخاطر العالية لوقوع زلزال، دفع السكان ثمن رداءة نوعية البناء وجشع المطورين العقاريين، حيث انهارت خلال الزلزال مبان تم تشييدها بكلفة متدنية، في غضون ثوانٍ، مثل مدينة أبرار في كهرمان مرعش (1400 قتيل) أو مبنى فخم في أنطاكية انهار على مئات من سكانه.

هل تركيا مستعد لمواجهة زلزال جديد؟

ويقول خبراء لـ"فرانس برس" إن تركيا ليست أفضل استعداداً اليوم لمواجهة زلزال جديد، إذ يؤكد البروفسور مقدات كاديوغلو المتخصص في إدارة المخاطر في قسم الهندسة بجامعة إسطنبول التقنية "علينا أن نذهب إلى ما هو أبعد من بعض تدابير المعالجة المؤقتة، والقيام بإصلاح جذري لإدارة الكوارث".

ويشدد كاديوغلو على دراسة التربة قبل تشييد المباني قائلاً "حتى لو تم تشييد مبان جديدة بموجب قواعد مقاومة الزلازل، بدون إجراء دراسات للتربة أو الأراضي غير المناسبة، مثل مجاري الأنهار، فإنها ستستمر في الانهيار".

من جانبها، تندد ديلفوروز شاهين رئيسة غرفة التخطيط المدني في دياربكر التي يتبعها كل جنوب شرق البلاد، "بكثافة البناء غير القانوني، وغياب الضوابط" وعدد حالات العفو التي منحت في السابق لمطورين قاموا بأعمال احتيال.

لكنها تعتقد أن "الجميع قد تعلم الدرس"، موضحة "الآن نقوم بإجراء دراسات جيولوجية ويتم تحديد مناطق الخطر، ويتم تحديث الخرائط الزلزالية (...) عمليات التفتيش أكثر صرامة، وعدد المفتشين أكثر".

يذكر أن زلزال 6 فبراير/ شباط 2023 بلغت قوته  7.8 درجات وصلت تردداتها إلى مصر، متسببة بحالة ذعر وخراب في 11 محافظة تركية.

(فرانس برس، العربي الجديد)