مخاوف في الشمال السوري من تراجع المساعدات الدولية وسيطرة النظام عليها

13 يناير 2024
نازحو مخيمات الشمال السوري يخشون من استيلاء النظام على المساعدات (فيسبوك/الدفاع المدني)
+ الخط -

مع الإعلان عن تمديد جديد لدخول المساعدات الدولية إلى الشمال السوري والذي يبدأ اليوم السبت لمدة 6 أشهر، تثار مخاوف لدى الجهات المحلية المعنية بتلقي وتوزيع المساعدات، ولدى عموم المواطنين في الشمال السوري خارج سيطرة النظام السوري، البالغ عددهم نحو 4.5 ملايين شخص، حول حجم هذه المساعدات ومدى كفايتها واستدامتها، ومدى تأثرها بحقيقة أنها تتم بعد موافقة النظام الذي يسعى لأن يكون هو المشرف على توزيعها، وحصوله على حصة منها؟

وفي السياق، أعربت وكالات إغاثة ومنظمات سورية عن مخاوفها بشأن "ضعف واستدامة" تمديد وصول المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى، مطالبة بـ" الوصول غير المشروط وغير المحدود للمساعدات إلى شمال غرب سورية".

وقالت في بيان لها، إنه من أصل نحو 4.5 ملايين شخص يعيشون في الشمال السوري، ثمة 4.1 ملايين في حاجة ماسة إلى المساعدات، و3.7 ملايين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، مشيرة إلى أن معبر باب الهوى هو نقطة العبور الرئيسية التي يتم من خلالها تسليم ما يقرب من 90% من المساعدات الإنسانية.

ولفتت المنظمات في بيانها إلى أن أوضاع المدنيين شمالي سورية تتدهور بسبب التخفيضات في تمويل المساعدات الغذائية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي، ما يعرض الشرائح الضعيفة لخطر الجوع الوشيك، فضلاً عن تصاعد الأعمال العدائية في المنطقة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وهو ما تسبب في نزوح أكثر من 120 ألف شخص، وسقوط مئات الضحايا المدنيين.


وتتمحور المخاوف حول طريقة الموافقة التي تتيح إبقاء معبر باب الهوى مفتوحاً لمدة 6 أشهر فقط ما يجعل آلاف المدارس والمرافق الصحية ومحطات ضخ المياه، والمساحات الآمنة للنساء والفتيات، ومراكز إعادة التأهيل، ومخيمات النازحين وغيرها، معرضة لخطر فقدان الدعم والإمدادات الحيوية التي توفرها الأمم المتحدة عبر معبر باب الهوى بشكل يومي.

وقال محمد حلاج مدير فريق استجابة سورية إنه بعد انتهاء التفويض الحالي بعد 6 أشهر يمكن للنظام أن يرفض إدخال المساعدات عبر الحدود ويحولها للمعابر الداخلية، وهذا سيدخلنا في طور جديد من المماطلة بشأن طرق إدخال المساعدات وسعي النظام للتحكم بهذه المساعدات، وسرقة بعضها والتحكم بالملف الإنساني بشكل كامل.

وأضاف حلاج لـ"العربي الجديد" أن النظام أعطى في التفويض السابق موافقات على إدخال المساعدات عبر خطوط التماس والمعابر الحدودية، لكن منذ تاريخ 8 يناير/كانون الأول 2023 كانت آخر قافلة دخلت من خطوط التماس للمنطقة.

تقلص المساعدات الموجهة للشمال السوري

ولفت حلاج إلى خفض المساعدات وانخفاض التمويل والدعم للاستجابة الإنسانية، مشيرا الى أن برنامج الأغذية العالمية تحول لبرنامج طوارئ فقط، سيكون هناك انخفاض هائل بأعداد المستفيدين، حتى لو بقي المعبر مفتوحا، لكن المساعدات قليلة وفي تراجع بشكل عام، وخلال عام 2023 لم تتجاوز نسبة الاستجابة لخطة التمويل الإنساني 33 بالمائة، وهذا العام من المتوقع أن تشهد انخفاضا أكبر لتصل الى 22 بالمائة فقط نتيجة انخفاض الدعم.

بدوره أعرب احمد الدرويش، أحد سكان المخيمات لـ"العربي الجديد" عن مخاوف مماثلة بقوله: "نخشى أن يستحوذ النظام على معظم هذه المساعدات إذا ما تسلمها هو فسيأخذ الثلثين للنظام ويترك الثلث لسكان الشمال السوري. كنا نأمل أن تدخل المساعدات كلها عبر معبر باب الهوى، وتوزع في الشمال السوري، لأن مناطق النظام تتلقى مساعدات خاصة بها عبر آليات أخرى".

ورأى يوسف الشمالي، وهو مدرس من سكان إدلب، أن المساعدات الإنسانية تشكل عماد الحياة في مناطق شمال سورية، ولا يمكن أن تستقيم الحياة بدونها، مضيفا لـ"العربي الجديد" أن موافقة الأمم المتحدة على تسليم مسألة المساعدات للنظام السوري لا تبشر بالخير، لأنه من غير المحتمل أن يبدي النظام أي حرص على وصول المساعدات إلى مستحقيها في الشمال السوري، وسيعمل جهده على تجييرها لصالحه، لافتا إلى أنه حتى المساعدات التي تدخل إلى مناطق سيطرته يقوم بسرقة معظمها ولا يصل إلى مستحقيها إلا النذر اليسير.

وأعرب الشمالي عن اعتقاده أن النظام يقوم باستدراج الأمم المتحدة تدريجيا لتسليمه هذا الملف، حتى يسيطر عليه تماما، وتصبح مناطق شمال وغرب سورية الخارجة عن سيطرته تحت رحمته في قضية المساعدات، معتبرا ذلك جزءا من خطط دولية لإعادة تعويم النظام.
وكان النظام السوري أعلن أمس الجمعة موافقته على تمديد دخول المساعدات الإنسانية الأممية إلى شمال غرب سورية عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا لمدة ستة أشهر إضافية، تبدأ اليوم 13 يناير، وتستمر حتى 13 يوليو/ تموز 2024، مع استمرار دخول المساعدات من معبري باب السلامة والراعي لمدة شهر إضافي بموجب التفويض الرابع حتى 13 فبراير/ شباط المقبل.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وفي آخر إعلان لها، قالت منظمة منسقو استجابة سورية، أمس الجمعة، إن عدد الشاحنات الأممية المقدمة إلى شمال غربي سورية بلغت خلال الأشهر الستة الماضية 1259 شاحنة، دخل منها عبر معبر باب الهوى 892 شاحنة، وعبر معبر باب السلامة 362 شاحنة، ومعبر الراعي 5 شاحنات فقط.

 ولفت إلى أن مقدمي المساعدة البارزين هم برنامج الأغذية العالمي الذي قدم 506 شاحنات، ومنظمة الهجرة الدولية 389 شاحنة، المفوضية العليا لشؤون اللاجئين 213 شاحنة، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) 102 شاحنة.

المساهمون