أعرب خبراء حقوق إنسان مرتبطون بالأمم المتحدة عن قلقهم بشأن مزاعم الإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي والتعذيب والحرمان من الوصول إلى الرعاية الطبية المناسبة في الوقت المناسب التي أدّت إلى وفاة الباحث الاقتصادي المصري أيمن محمد علي عمر هدهود فيما كان في عهدة الدولة، وعدم فتح تحقيق مناسب في أسباب الوفاة وظروفها بما يتماشى مع المعايير الدولية، بحسب ما أفادت منظمة "كوميتي فور جستس" الحقوقية في مصر.
وأوضح الخبراء في مذكرة لهم أُرسلت إلى السلطات المصرية في 29 يوليو/ تموز 2022 أنّ أيمن هدهود اعتُقل من حيّ الزمالك بالقاهرة في السادس من فبراير/ شباط 2022. وبعدها بيومَين، زار ضابط أمن وطني عائلته وأخبرهم بأنّه محتجز في مركز شرطة العامرية وبأنّه سوف يعود إلى المنزل عند الانتهاء من استجوابه. وبعد أيام، في 11 فبراير الماضي، توجّهت العائلة إلى قسم الشرطة لزيارته، لكنّ إدارة القسم نفت وجوده لديها، قبل أن تعلم العائلة من مصادر خاصة بأنّه نُقل إلى مستشفى العباسية للصحة النفسية.
وتابع الخبراء أنفسهم أنّ عائلة هدهود توجّهت إلى المستشفى للاطمئنان عليه وزيارته، لكنّ إدارته نفت بدورها وجوده. وبعد ضغوط متزايدة، اعترفت إدارة المستشفى باستقباله في 23 فبراير الماضي، لكنّها منعت زيارة العائلة له. وحينما توجّهت العائلة إلى المدعي العام للحصول على إذن زيارة، أُبلغت بأنّه ليس قيد التحقيق ولا قضية مفتوحة ضدّه. وفي الأوّل من إبريل/ نيسان 2022، أُبلغت العائلة من قبل صديق لها بوفاة هدهود، لكنّها لم تُبلّغ رسمياً بوفاته إلا في التاسع من ذلك الشهر وكذلك بأنّه تُوفيّ في الخامس من مارس/ آذار 2022، لكنّ السلطات المعنية لم تعثر على عنوان العائلة.
UN experts concerned about allegations of enforced disappearance, arbitrary detention, torture and denial of medical care that led to the death of Ayman Hodoud in Egyptian state custody, and the failure to open a proper investigation into causes of death https://t.co/rs5pBczIgd
— Committee For Justice (@cfjusticeorg) September 30, 2022
وأشار الخبراء الأمميون إلى أنّه عندما استلمت عائلة هدهود جثمانه، تمكّنت على الفور من ملاحظة جروح وإصابات أخرى في جسده، وكذلك بعض الأضرار الهيكلية وعلامات حروق. كما تلقّت العائلة اتصالات من قبل الأمن الوطني للحضور إلى مكتبه لمناقشة وفاة ابنها، علماً أنّها لم تتسّلم حتى الآن أي تقرير رسمي خاص بتشريح الجثة، على الرغم من مطالبات محامي العائلة المستمرة من الحصول عليه وعلى ملف القضية.
من جهتها، أصدرت النيابة العامة المصرية، في 12 إبريل الماضي، بياناً أفادت فيه بأنّه أُلقي القبض على هدهود في السادس من فبراير من 15 شارع المرعشلي في الزمالك بالقاهرة، في أثناء محاولته اقتحام شقة في مبنى بهذا العنوان، مضيفة أنّه لم يكن مستقراً عقلياً في أثناء الاعتقال وكان يتمتم كلمات. لذلك قرّرت النيابة أنّه غير أهل للاستجواب، وأمرت بنقله إلى مستشفى العباسية حيث توفّي من جرّاء مرض مزمن في القلب غير محدّد، وذلك من دون أيّ شكّ جنائي في وفاته. وفي 23 يونيو/ حزيران 2022، أصدرت النيابة قراراً بحفظ التحقيق في القضية، وسط تشكيك من قبل محامي العائلة بأنّ هدف النيابة منذ بدء التحقيقات كان واضحاً وهو تبرئة وزارة الداخلية وإدارة مستشفى العباسية.
في سياق متصل، أوضح الخبراء الأمميون أنّ هدهود حُرم من الرعاية الطبية المناسبة في الوقت المناسب، الأمر الذي تسبّب ربّما في وفاته أو ساهم في حدوثها، مشيرين إلى أنّه في الخامس من مارس الماضي، اتّصلت الممرضة المناوبة بطبيب للإبلاغ عن تدهور حالة هدهود الصحية، فوصف الطبيب دواء له عن بُعد من دون فحصه. وعلى الرغم من إبلاغ مدير المستشفى في الساعة الثالثة والنصف من بعد ظهر اليوم نفسه بأنّ حالة هدهود الصحية قد تدهورت، فإنّه لم يُنقَل إلى مستشفى مجهّز بشكل مناسب إلا بعد خمس ساعات.
وعبّر الخبراء عن قلقهم البالغ إزاء الادّعاءات المفصلة التي وردت بشأن وفاة هدهود، في أثناء حجزه من قبل الدولة بعد تعرّضه لإخفاء قسري واحتجاز تعسفي وعدم اتّباع الإجراءات القانونية الواجبة، وربّما التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وكذلك تهديد عائلته المستمر من قبل مسؤولين أمنيين.
وأبدى هؤلاء الخبراء انزعاجهم من عدم توفّر تحقيقات سريعة وفعّالة وشفافة في هذه الانتهاكات المزعومة، في امتثال كامل للمعايير الدولية المعمول بها، لافتين إلى أنّ أيّ شخص أو كيان لم يُحمّلا مسؤولية أيّ من الانتهاكات. لذا طالبوا السلطات المصرية بتقديم معلومات مفصّلة عن الوقائع والأسس القانونية لاعتقال هدهود واحتجازه، وتفاصيل التهم والإجراءات القضائية التي بدأت ضده، وسبب احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي طوال تلك الفترة، وعدم إخطار عائلته بوفاته إلا بعد شهر من ذلك، وظروف الاحتجاز التي تعرّض لها.
كذلك دعا الخبراء مصر إلى تقديم معلومات عن الخطوات المتّخذة من أجل التحقيق في إخفاء هدهود قسرياً، وتحديد المسؤولين عنه ومقاضاتهم، بالإضافة إلى معلومات حول الخطوات التي اتّخذتها للتحقيق في وفاته في الحجز، ومدى امتثال هذه التحقيقات للمعايير الدولية. كما طالبوا السلطات الرسمية بتقديم معلومات تتعلق بتوفير ونوع الرعاية الصحية الطبية المقدّمة لهدهود في أثناء حرمانه من حريته وقبل وفاته، ومعلومات عن آليات الرقابة القائمة للحالة في السجون وللتحقيق في الوفيات في داخل السجون.