استمع إلى الملخص
- **حريق محطة زاباروجيا النووية**: تعرضت محطة زاباروجيا النووية الأوكرانية لهجوم أدى إلى احتراق أحد أبراج التبريد، مما أثار تبادلاً للاتهامات بين روسيا وأوكرانيا حول المسؤولية.
- **دعوات لتأمين المحطات النووية**: دعا خبراء إلى وضع المحطات النووية خارج النزاع المسلح وتأمينها بأقصى درجة ممكنة، محذرين من العواقب الوخيمة لأي استيلاء أو تدمير لهذه المحطات.
تعود إلى الواجهة قضايا تأمين المحطات النووية في مناطق الحروب لتجنب حدوث تلوث إشعاعي مع التصعيد في محيط محطة كورسك النووية الروسية واندلاع اشتباكات بين القوات الروسية ووحدات أوكرانية متسللة عبر الحدود، والحريق في محطة زاباروجيا النووية الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا.
وتفاقمت الأوضاع خلال الأيام الأخيرة حول محطة كورسك الواقعة في مدينة كورتشاتوف البالغ عدد سكانها نحو 40 ألف نسمة، وسط تحذيرات روسية من وجود خطر حقيقي للضربات الأوكرانية، وفق ما أعلنته شركة "روس آتوم" الحكومية الروسية المشغلة للمحطة، وتحذيرات من إمكانية الانزلاق إلى كارثة كبرى على غرار كارثة محطة تشيرنوبيل في جمهورية أوكرانيا السوفييتية عام 1986. وتقع محطة كورسك النووية على مسافة 65 كيلومتراً من الحدود مع أوكرانيا، ويتم تشغيل وحدتين من أصل أربع وحدات طاقة في المحطة بقوة إجمالية ألفا ميغاوات، لتوفر نحو 50% من القوة الإجمالية لجميع محطات الكهرباء في منطقة جنوب غربي روسيا.
أما محطة زاباروجيا النووية الواقعة على ضفاف خزان كاخوفكا، فأفضى الحريق فيها إلى احتراق أحد برجي التبريد بعد تعرضه لهجوم، وقالت الناطقة باسم المحطة، يفغينيا ياشينا، لوكالة "تاس" الروسية الرسمية، الاثنين، إن "برج التبريد احترق من الداخل بالكامل من دون خطر انهيار"، مؤكدة أن الحريق لم يؤثر على أداء المحطة المعطلة منذ سبتمبر/أيلول 2022.
وفي حين قالت روسيا إن أوكرانيا شنت هجوماً على المحطة باستخدام طائرتين مسيرتين، حمّل الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، روسيا المسؤولية عن الحريق.
وتعد محطة زاباروجيا الكبرى في أوروبا من جهة الطاقة المنتجة، والثالثة في العالم من حيث الحجم، وقبل بدء الحرب الروسية على أوكرانيا في عام 2022، كانت المحطة تولد نحو 40 مليار كيلوواط/ساعة من الكهرباء سنوياً، موفرة نحو خُمس احتياجات أوكرانيا من الطاقة الكهربائية.
يدعو رئيس "اتحاد المنظمات المجتمعية لضحايا الإشعاع نتيجة حادثة تشيرنوبيل"، فياتشيسلاف تولسكيخ، كل الأطراف المعنية إلى وضع المحطات النووية خارج النزاع المسلح، محذراً من العواقب الوخيمة. ويقول تولسكيخ لـ"العربي الجديد": "سيخلق احتمال استيلاء القوات الأوكرانية على محطة كورسك أرضية لابتزاز روسيا، وفي حال جرى تدمير المحطة، سيواجه العالم كارثة تشيرنوبيل جديدة. يجب أن يكون الاستيلاء على المحطات النووية من المحرمات أثناء النزاعات المسلحة، وليس من المقبول أن تكون محطتا زاباروجيا وكورسك موضعاً للنزاع في الصراع الحالي". يضيف: "على الجميع إدراك أن الأضرار لن تلحق ضرراً بروسيا وحدها، فروسيا دولة ذات مساحة شاسعة (17 مليون كيلومتر مربع)، ما يعني أن تفجير المحطة لن يسبّب أضراراً قاضية لها، لكن بعض الدول الأوروبية الصغيرة ستصبح غير صالحة للعيش بسبب الرواسب المشعة. في حال أعلنت الدول الغربية أنها ستقطع الدعم عمن يخطط للاستيلاء على محطة كورسك، فلن تعود هناك جدوى لمثل هذه الخطوة، ويمكن الجزم بأن خطة الاستيلاء على المحطة وضعت بمباركة أوروبا والولايات المتحدة، ما يعني أن المسؤولية عن أي أضرار تلحق بها ستقع على عاتقهما". ويشير الخبير الصناعي، ليونيد خازانوف، إلى أن تصاميم المفاعلات النووية الحديثة تحصنها من أي ضربات من دون أن يغني ذلك عن ضرورة تأمينها بأقصى درجة ممكنة. ويقول لـ"العربي الجديد": "على الأرجح، لن تتضرر مفاعلات نووية إذا تعرضت للقصف كونها صممت مع درجة عالية من التحمل، بما في ذلك تحمل الضربات العسكرية، لكنها قد تتعطل، أو ربما تضطر روسيا إلى إيقاف عملها تجنباً للمخاطر، وفي حال توقفت محطة كورسك، يمكن توفير الطاقة الكهربائية في المنطقة عبر الشبكات الرابطة مع أقاليم روسية أخرى".
ويذكر أنه "يجب ضمان سلامة محطة كورسك النووية بواسطة منظومة متطورة للدفاع الجوي، إضافة إلى نشر وحدات حراسة برية، بما فيها عناصر من الجيش". وأجرى مدير عام شركة "روس آتوم"، أليكسي ليخاتشوف، يوم الجمعة الماضي، اتصالاً هاتفياً مع مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، اتهم خلاله حكومة كييف بخلق تهديد مباشر لمحطة كورسك النووية.
ويوم الخميس الماضي، عثر في أرض المحطة على شظايا صواريخ تم إسقاطها، بما في ذلك في محيط مجمع معالجة النفايات المشعة، وعلاوة على ذلك، انقطعت الكهرباء عن مدينة كورتشاتوف في مساء اليوم التالي. ويزيد التصعيد حول محطتي زاباروجيا وكورسك من مخاوف تكرار فاجعة محطة تشيرنوبيل التي تعد أكبر كارثة نووية في العالم، إذ أسفرت عن انبعاث 190 طناً من المواد المشعة، بما فيها نظائر البلوتونيوم-239 عالية المخاطر.