محسوبية ولا عدالة بتوزيع المنظمات للمساعدات الغذائية في المخيمات السورية

12 مارس 2022
المعاناة كبيرة في مخيم العريشة (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

تحولت المخيمات التي تؤوي النازحين شرقيّ سورية إلى بؤر جوع، مع تراجع دعم المنظمات الإنسانية للنازحين فيها، وتحديداً النازحين في مخيم العريشة بمحافظة الحسكة. فالوضع فيه سيّئ للغاية، كما يقول نازحون يأملون أن يتغير حالهم نحو الأفضل. 

ويؤكد النازح من ريف دير الزور الخاضعة لسيطرة قوات النظام، سهيل الديبان، في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن الوضع حالياً في المخيم سيّئ للغاية، مضيفاً: "كنا نتسلم سابقاً قسائم نقدية لشراء الخضار، ونحصل على سلة معونة كافية وقوارير غاز بالإضافة إلى منظفات. لكن في الوقت الحالي، لا نحصل إلا على كمية قليلة من المساعدات الغذائية. المنظمة التي تنهي عملها في المخيم لا بديل لها. أبلغونا منذ مدة عن تخفيض جديد أيضاً سيشمل المساعدات الغذائية، حتى الخبز".  

وعن إمكانية مغادرة المخيم والعودة إلى بلدته، يقول: "لا نصدق تسويات النظام، ولهذا نبقى هنا في المخيم. دمر النظام بيوتنا، فكيف لنا مصالحته، وهو مسؤول عن القتل أيضاً؟ التسوية من طرف واحد كذبة، ومصير من يصالح القاتل معروف؛ إما أن يقتل أو يعتقل". يتابع: "العودة والتسوية مع النظام تعني سوق الكثير من الشبان للجيش والبقاء لنحو 8 سنوات وربما أكثر. من يغامر بحياته لفعل ذلك؟ لن نعود. ومن يُرد الخروج من المخيم فليس لديه خيار. القاطنون في المخيم أصبحوا مطلوبين من النظام".

ويلفت الديبان إلى وجود تقصير من المنظمات وتوزيع غير عادل للمساعدات داخل المخيم، موضحاً أن خوف النازحين من نقد المنظمات يدفعهم إلى الصمت عن الكثير من التجاوزات، مؤكداً أن لا أحد يراقب عمل المنظمات أو يتابع عملها.

من جهتها، تقول فاطمة التي نزحت من ريف حمص الشرقي لـ "العربي الجديد" إنها "لم تحصل على سلة غذائية منذ نحو شهرين". تضيف: "الوضع يزداد سوءاً في المخيم. نحصل حالياً على سلة غذائية كل شهرين أو ثلاثة أشهر، ويهدد المعنيون دائماً بتخفيض الكمية. لا غاز ولا خُضَر".

وتوضح فاطمة أنها تقف منذ الساعة الخامسة صباحاً إذا مرض أحد أطفالها أمام النقطة الطبية، لتسجيل اسمها والحصول على موعد لمراجعة الطبيب. وفي حال حصولها على موعد يكون بعد يومين في أحسن الأحوال". وتشير إلى أن التجمع يبدأ باكراً وتتوافد كثيرات إلى النقطة الطبية.

بدوره، يوضح عبد الرزاق العبدالله النازح من ريف دير الزور والمقيم في المخيم، أن النازحين في المخيم قدموا من مختلف المحافظات، وغالباً من ريف دير الزور الخاضع لسيطرة النظام، ومن ريف حمص الشمالي، بالإضافة إلى نازحين من مناطق أخرى". ويشير إلى أن عدداً من الأشخاص يتطلعون إلى مغادرة المخيم في الفترة المقبلة، نظراً لضيق الأحوال المعيشية في المخيم.

ويقول العبدالله إن الطرقات في المخيم سيئة للغاية في الوقت الحالي، وكانت المنظمات توزع نحو 10 آلاف قسيمة شرائية للنازحين، لكنها توقفت، وخُفّضت كمية الخبز المقدمة إلى العائلات. وقبل 15 يوماً، تسلّم النازحون الدفعة الأخيرة من غاز الطبخ المنزلي، مؤكداً أن الجهة المانحة أعلنت أن هذه هي الدفعة الأخيرة من أسطوانات الغاز.

يتابع العبدالله: "هناك تمييز من قبل المنظمات في التعامل مع الأهالي في المخيم"، مشيراً إلى أن الأشخاص المقربين من العاملين في المنظمات أو الذين يساعدون في أداء عملها يحصلون على المساعدات. في المقابل، يعجز البعض عن شراء كيلوغرام من البطاطا. هذا التمييز يؤدي إلى حرمان الكثير من النازحين المساعدات". ويوضح أن المنظمات تعتمد على التوظيف من خارج المخيم، علماً أن الأَولى توظيف أشخاص داخل المخيم. هناك خيم يقيم فيها 9 أو 10 أشخاص، علماً أن الخيمة تجدد كل عامين". 

بدوره، يقول عبد اللطيف عثمان، الذي يقيم وعائلته في خيمة لم تعد صالحة للسكن: "أصبح عمل المنظمات روتينياً وبلا جدوى. لم نحصل على مساعدات غذائية منذ نحو شهرين. خُفّضت كمية الخبز. كانوا يقدمون مساعدات مالية لكل عائلة بمقدار 50 دولاراً لمدة ثلاثة أشهر خلال العام. الطبابة سيئة جداً، وكل ما يمكن أن نحصل عليه هو المسكنات فقط، ونواجه صعوبة في تسجيل الأطفال حديثي الولادة، إذ لا نملك إثباتات كدفتر عائلة أو عقد زواج".

ويقطن مخيم العريشة نحو 10 آلاف نازح، ويبعد عن مدينة الحسكة نحو 30 كيلومتراً إلى الجنوب، وهو من المخيمات التي يعتمد فيها النازحون بشكل أساسي على المساعدات الإنسانية الممنوحة من المنظمات المحلية والدولية، ويسبّب تخفيضها كارثة للنازحين.

المساهمون