لا يزال الشلل التام يُطبق على محاكم تونس منذ ما يزيد عن الشهر، بسبب تواصل إضراب القضاة، الذي بدأ في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ليستمرّ لأكثر من أربعة أسابيع لأول مرة في تاريخ البلاد.
ولم تتمكن حكومة هشام المشيشي من إيجاد توافقات مع الهياكل المهنية للقضاة التونسيين تنهي الإضراب الشامل في المحاكم، فيما ينتظر آلاف المتقاضين انفراج الأزمة من أجل تحصيل الحقوق أو المثول أمام العدالة للبتّ في قضاياهم.
وقالت رئيسة نقابة القضاة أميرة العمري، لـ"العربي الجديد"، إنّ النقابة قدّمت للحكومة حلولاً تساعد على إنهاء الأزمة وتحسين وضع القضاة، غير أنّ المسار التفاوضي بين الطرفين تعثّر بسبب عدم جدية السلطة التنفيذية وغياب الحرص على الوصول إلى اتفاقات تستجيب لمطالب المهنة.
وأضافت نقيبة القضاة التونسيين أنّ القضاة متشبّثون بالإصلاح الشامل للمنظومة القضائية، واعتبرت أنّ هذا المطلب شرط أساسي للبناء الديمقراطي في البلاد.
ويلقي إضراب القضاة بظلاله على مرفق العدالة في تونس، بعدما أجبرت المهن المتعلقة بالقضاء أيضاً على "تعليق" نشاطاتها اضطرارياً، في انتظار استئناف عمل المحاكم.
وتسعى هيئة المحامين إلى التدخل من أجل حلحلة الأزمة، معبّرة عن قلقها من تواصل تعطيل مرفق القضاء.
وعبّر عميد المحامين إبراهيم بودربالة، في تصريحات إعلامية، عن قلقه من استمرار تعطيل مصالح المتقاضين، ووصف إضراب القضاة بأنه "تعدّ صارخ على الحريات والحقوق الأساسية للمواطنين وتعطيل لمصالحهم وحرمانهم من حق التقاضي".
كما اعتبر بودربالة أنّ الإضراب غير جائز ويهدّد السلم الجتماعي، خاصة بسبب تأجيل القضايا وإمكانية هدر حقوق المتقاضين، ولا سيما القضايا العاجلة بمحاكم الاستئناف والتعقيب، على حدّ قوله.
ويخوض جهاز القضاء في تونس معركة الاستقلالية عن السلطة التنفيذية، حيث تطالب الهياكل القضائية السلطات برفع يدها عن أجهزة القضاء باعتباره سلطة مستقلّة بذاتها، عبر دعم الحقوق المادية والمهنية للقضاة.
واتخذ المجلس الأعلى للقضاء (أعلى سلطة قضائية)، الأربعاء، قراراً بتجميد عضوية الرئيس الأول لمحكمة التعقيب، الطيب راشد، في المجلس بانتظار البت في قضايا رُفعت ضده.
واعتبر حقوقيون أنّ قرار المجلس الأعلى للقضاء ثوري ويتّجه نحو تكريس حقيقي لسلطة القضاء في البلاد. وقال رئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر، اليوم الخميس، إنّ قرار تجميد عضوّية الرئيس الأوّل لمحكمة التعقيب، الطيب راشد، من المجلس بانتظار البتّ في ما نُسب إليه، لا يعني تجريده من صفته كرئيس للمحكمة وكرئيس للهيئة الوقتية لمراقبة دستوريّة القوانين.
وأوضح بوزاخر في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء (وات)، أنّ "الحديث عن تجريده من هذه الخطّة سابق لأوانه وأنّ عضويته بالمجلس الأعلى للقضاء مجمّدة بصفة وقتيّة، بانتظار البتّ في ما نُسب إليه".
وأشار إلى أنّ الجلسة العامّة للمجلس الأعلى للقضاء تولّت، الأربعاء، تجميد عضويّة الرئيس الأوّل لمحكمة التعقيب في المجلس، بعدما تقدّمت النيابة العامة (التي كلفلها المجلس بالبحث) بطلب لرفع الحصانة بناء على وجود شبهات حوله.