نبّهت منظمة الصحة العالمية، اليوم الجمعة، إلى ضرورة التعامل مع متحوّر دلتا من فيروس كورونا الجديد كأنّه "تحذير" يتطلب تكثيف الجهود للحؤول دون ظهور طفرات جديدة ثمّ متحوّرات أكثر خطورة، بعدما تسبّب في ظهور موجات كوفيد-19 جديدة في دول عدّة حول العالم.
وأفاد المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية مايك راين، خلال مؤتمر صحافي في جنيف، بأنّ المتحوّر "دلتا هو بمثابة تحذير بأنّ الفيروس يتطوّر، لكنّه كذلك بمثابة نداء للتحرّك... للقيام بشيء ما قبل ظهور أشكال أكثر خطورة من المتحوّرات".
وقد عمد راين في الوقت ذاته إلى التقليل من عواقب تفشّي المتحوّر الذي ظهر للمرّة الأولى في الهند في إبريل/ نيسان الماضي، قائلاً إنّ الإجراءات ذاتها التي سبق تطبيقها لوقف فيروس كورونا الجديد من شأنها أن توقف متحوّر دلتا، خصوصاً إذا أضفنا التحصين إليها.
وشدّد راين على ضرورة أن "نعمل بجدّ لأنّ الفيروس بات أكثر ضراوة وأشدّ سرعة، مع أهميّة الإبقاء على تدابير الحماية الوقائية الفعّالة"، لافتاً إلى أنّ "المصاب بمتحوّر دلتا قد ينقل العدوى إلى عدد أكبر من الناس، ما لم نوقفه عبر الاستمرار في تطبيق تدابير تقلّل من انتقاله مثل التباعد الاجتماعي (الجسدي) والالتزام بالكمامة وغسل اليدَين والتأكد من أنّنا لا نقضي وقتاً طويلاً مع عدد كبير من الأشخاص في أماكن سيّئة التهوية".
ولفت راين في الوقت ذاته إلى أنّ الزيادة المذهلة في عدد الإصابات مع أعراض خفيفة في أكثر الأحيان لدى أشخاص تلقّوا لقاحاً مضاداً لكوفيد-19، "تولّد شعوراً بالعجز".
من جهته، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في ملاحظاته الافتتاحية خلال المؤتمر نفسه، إنّه "كمعدّل وسطي، في خمسٍ من إجمالي ستّ مناطق تابعة للمنظمة، ارتفعت إصابات كوفيد-19 بنسبة ثمانين في المائة في غضون الأسابيع الأربعة الأخيرة". أضاف أنّ "في أفريقيا، وخلال الفترة ذاتها، ازدادت الوفيات بنسبة ثمانين في المائة".
لكنّ الأرقام الجديدة لن تغيّر من استراتيجية المنظمة، بحسب ما أكّده راين، موضحاً أنّها "ما زالت قائمة، لكنّه يتوجّب علينا تطبيقها بفعالية أكبر ممّا فعلناه حتى الآن. وهذا يعني كذلك تسليم مزيد من اللقاحات". وشدّد راين على أنّ اللقاحات هي "الحلّ السحري الوحيد"، وأنّ "المشكلة هي أنّنا لا نوزّعها بالطريقة ذاتها حول العالم"، مضيفاً: "نحن نعمل ضدّ أنفسنا".
في سياق متصل، كشفت وثائق داخلية في الولايات المتحدة الأميركية أدلّة جديدة على أنّ متحوّر دلتا معدٍ تماماً كما الفيروس الذي يسبّب عدوى مرض جدري الماء، وربّما يكون أكثر عدوى من المتحوّرات الأخرى من فيروس كورونا الجديد التي دفعت مسؤولي الصحة في الولايات المتحدة إلى التفكير في تغيير التوصيات المتعلقة بكيفية تصدّي السلطات الصحية لوباء كورونا.
ووفقاً للوثائق التي حصلت عليها صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، فإنّ التوصية بالتزام الجميع بالكمامات وفرض اللقاحات المضادة لكوفيد-19 على الأطباء والعاملين الآخرين في مجال الصحة، هما من بين الإجراءات التي يدرسها المركز الأميركي لمكافحة الأمراض والوقاية منها (سي دي سي).
ويبدو أنّ من شأن هذه الوثائق كذلك توجيه موظفي المركز الأميركي، خلال شرحهم مخاطر متحوّر دلتا الهندي وطفرة الإصابات الممكن حدوثها بعد عملية التحصين.
وفي توصية خاصة بعودة الأشخاص الذين تلقّوا اللقاحات المضادة لكوفيد-19 إلى الالتزام بالكمامات في الأماكن المغلقة الواقعة في بؤر للفيروس، أشار المركز الأميركي لمكافحة الأمراض والوقاية منها هذا الأسبوع إلى أنّ ثمّة أدلة جديدة تظهر أنّ تفاقم الإصابات ربّما يكون ممكناً بين الأشخاص المحصّنين.
واستشهد المركز بتفشّ حديث واسع النطاق بين أشخاص تلقّوا لقاحاتهم، في بلدة كيب كود بولاية ماساتشوستس الأميركية.
لكنّ الوثائق نفسها أشارت إلى أنّ اللقاحات المضادة لكوفيد-19 ما زالت فعالة بشكل كبير للوقاية من عدوى الفيروس والوفاة.
يُذكر أنّ المركز الأميركي لمكافحة الأمراض والوقاية منها لطالما توقّع حدوث بعض الإصابات المفاجئة، لكنّ شرح ذلك لم يكن سهلاً.
وأوضحت الوثائق أنّ متحوّر دلتا، الذي اكتُشف للمرّة الأولى في الهند، في إبريل/ نيسان الماضي، يتسبّب في إصابات أكثر عدوى من تلك المتعلقة بنزلات البرد أو الإنفلونزا وبالجدري وفيروس إيبولا، كذلك فإنّ المتحوّر معدٍ مثل الفيروس النطاقي الحماقي الذي يتسبّب في جدري الماء والمعروف بأنّه شديد العدوى.
(فرانس برس، أسوشييتد برس)