مبنى الإرميتاج... أشهر متاحف سانت بطرسبورغ وشاهد على تاريخ روسيا

03 أكتوبر 2023
يعد الإرميتاج رمزاً للعاصمة الشمالية الروسية (العربي الجديد)
+ الخط -

وسط العاصمة الشمالية الروسية سانت بطرسبورغ مبنى لافت للأنظار يقع في ساحة القصر ويحمل اسم الإرميتاج ويحتضن أحد أهم متاحف الفنون الجميلة على مستوى العالم. وتضم معروضاته مجموعة من روائع الفن العالمي، بما في ذلك لوحات لأشهر الرسامين الأوروبيين، فضلاً عن كونه شاهداً على تاريخ روسيا القيصرية منذ ازدهارها في عهد الإمبراطورة يكاتيرينا الثانية حتى اضمحلالها في بداية القرن الـ 20.  
يعود تاريخ بناء القصر الشتوي الذي يحتضنه اليوم أشهر معالم بطرسبورغ وأحد رموزها إلى عام 1754، حين صادقت الإمبراطورة يليزافيتا رومانوفا على مشروع مقر قيصري جديد حتى يكون قصراً يزاحم بروعته قصور الملوك الأوروبيين.  
واستمرت أعمال البناء ثماني سنوات في نهايات حكم يليزافيتا وفترة الحكم القصيرة للإمبراطور بطرس الثالث الذي أبعدته حرمه يكاتيرينا الثانية عن طريق انقلاب قصر مدعومة من الحرس الموالي لها في عام 1762. 
وعقب عودتها من مراسم اعتلاء العرش التي كانت تقام في موسكو، تولّت الإمبراطورة يكاتيرينا الثانية زمام الحكم من القصر الجديد الذي شارك في أعمال بنائه نحو 4 آلاف شخص، من بينهم خيرة المعماريين من أنحاء البلاد كافة.  
وفي عهد يكاتيرينا الثانية التي استمر حكمها 34 عاماً، شهد مجمع الإرميتاج توسعاً كبيراً إثر تشييد مجموعة من المباني، بما فيها مباني الإرميتاج الكبير والإرميتاج الصغير ومسرح الإرميتاج التي باتت تشكل مجمعاً متحفياً فريداً. 
وبالتزامن مع ذلك، واصلت يكاتيرينا المعروفة بتوجهاتها الإصلاحية والتنويرية والانفتاح على أوروبا اقتناء مختلف المجموعات من الأعمال الفنية شكلت قاعدة لمتحف الإرميتاج الذي تعد هي مؤسسة له. واستمر اقتناء الروائع الفنية في فترات حكم القياصرة التالين من آل رومانوف.  

ومن بين أشهر روائع الفن العالمي التي يحتضنها متحف الإرميتاج لوحات "عودة الابن الضال" بريشة الفنان الهولندي رامبرنت، و"مادونا ليتا" المنسوبة إلى الإيطالي ليوناردو دافنشي، و"عازف العود" للفنان الإيطالي كارافاجيو، وغيرها، كما يضم المتحف قاعة مخصصة للآثار المصرية.  
ومع بداية القرن الـ 20، لم يعد القصر الشتوي مقراً إمبراطورياً رسمياً اعتباراً من عام 1904، مع بقائه مركزاً لإقامة حفلات استقبال ومراسم رسمية. كما تحول القصر الشتوي إلى مسرح لأحداث دراماتيكية شهدتها روسيا القيصرية والعالم في تلك الفترة، ومنها إقامة مستشفى في داخله إبان الحرب العالمية الأولى التي قطعت مه اندلاعها في عام 1914 الحياة الطبيعية للمتحف مع إجلاء عدد من روائعه، بما فيها معرض المجوهرات، إلى موسكو.  

يطل الإرميتاج على نهر نيفا (العربي الجديد)
يطل الإرميتاج على نهر نيفا (العربي الجديد)

وكتب القدر للقصر الشتوي ألا يعود مقراً قيصرياً مع تنحي آخر قياصر روسيا، نيقولاي الثاني، عن العرش إثر ثورة فبراير/ شباط 1917 وتولي الحكومة المؤقتة برئاسة ألكسندر كيرينسكي مقاليد الحكم حتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول من العام ذاته، حين اعتقل أعضاؤها وتعرض القصر الشتوي لقصف بالمدافع من قلعة بتروبافلوفسك، وسط صعود البلاشفة بقيادة فلاديمير لينين إلى سدة الحكم.   
مع ذلك، لا تزال بعض قاعات الإرميتاج تحفظ حتى اليوم روح السنوات الأخيرة من روسيا القيصرية عبر الإبقاء عليها من دون تغيير، ومن بينها مكتبة نيقولاي الثاني ذات التصميم الخشبي الفريد من نوعه. ويوضح المكتب الصحافي للإرميتاج أن المتحف يضم خمسة مبانٍ، وأهمها القصر الشتوي، محتضناً أكثر من 3 ملايين قطعة تمثل فنوناً لمختلف العصور من العالم القديم وحتى العصر الحديث.  

تم الحفاظ على بعض القاعات من دون تغيير (العربي الجديد)
تم الحفاظ على بعض القاعات من دون تغيير (العربي الجديد)

ويقول ناطق باسم المتحف لـ "العربي الجديد": "تشكل مقتنيات القياصرة والنبلاء الروس قاعدة للمتحف، ومن بينها روائع للرسامين الإيطاليين العظماء، أمثال ليوناردو دافينشي ورافائيل وتيتيان، والهولنديين أمثال رامبرنت وروبنس، وغيرهم. كما يحتضن المتحف مقتنيات من ذهب السكيف والمجوهرات اليونانية. ويحافظ المتحف على شكل الغرف القائم منذ القرنين الـ18 والـ19".  

لايف ستايل
التحديثات الحية

ويلفت المتحدث ذاته إلى أن "الإرميتاج يحتضن أيضاً مجموعة من الآثار من الشرق الأوسط في العصر القديم وتحديداً من البلاد ما بين النهرين ومصر وإيران، مثل نقوش من قصور الملوك الآشوريين تم اقتناؤها في القرن الـ19 ومجموعة من الآثار المصرية وقطع ذهبية إيرانية تعود إلى عصر الساسونيين".   

يضم الإرميتاج عددا من الآثار المصرية (العربي الجديد)
يضم الإرميتاج عددا من الآثار المصرية (العربي الجديد)

وفي السنوات الماضية، أصبح الإرميتاج ينفتح بشكل متزايد على السياح القادمين من الدول العربية الذين يزداد عددهم عاماً بعد عام بعد رفع القيود على السفر المتعلقة بجائحة كورونا وتسهيل إجراءات استخراج التأشيرة الإلكترونية الروسية أو حتى الإعفاء منها لرعايا بعض دول الخليج. أضف إلى ذلك الإقبال المتزايد من السياح الإيرانيين الذين بلغ عددهم ضمن أفواج منظمة نحو 6 آلاف خلال الأشهر السبعة الأولى من العام غير شاملة السياح المستقلين، بحسب أرقام رسمية صادرة عن المتحف. 

المساهمون