شهدت العديد من الدول الأوروبية مؤخراً ارتفاعاً ملحوظاً بعدد الإصابات بفيروس كورونا، وتتوقّع دول أخرى أمراً مماثلاً مع اقتراب الشتاء، وفق ما أطلق عليه اسم "الموجة الثانية"، على الرغم من أنّ منظّمة الصحة العالمية صرّحت قبل شهرين بأنّ الفيروس ينتشر في "موجة واحدة كبيرة".
فلماذا أثار تزامن هذه الموجة مع فترة انتشار الإنفلونزا الموسمية قلق العلماء؟ ما الفترة المتوقعة لاستمرارها؟ وهل تختلف عن الموجة الأولى بطرق العدوى وأساليب الوقاية، وفقاً لما تشير إليه الدراسات الحالية؟
فيما يلي يقدم "العربي الجديد" إجابات عن أبرز الأسئلة المتعلّقة بالموجة الثانية من فيروس كورونا:
- ما أسباب الدخول في الموجة الثانية من الفيروس؟ وما توقعات العلماء حول شراستها؟
توضح الدكتورة علياء كيوان، الباحثة في البيولوجيا الجزيئية في مستشفى هايدلبرغ الجامعي في ألمانيا، أنّ مصطلح "الموجة الثانية" يعني عودة الجائحة بعد أن شهدنا نقصاناً حاداً في عدد الإصابات قبل شهور.
كذلك تشير كيوان إلى تعدّد أسباب ذلك، موضحة أنّ منها ما يتعلق بفكّ الحظر وعودة الحياة في بعض الدول إلى شكلها الطبيعي، إضافة لاستهتار الناس في فترة الإجازات بإجراءات السلامة والتباعد الاجتماعي، وكذلك بدء فصل الخريف.
وتضيف: "يستند العلماء دائماً إلى ما حدث مع أوبئة سابقة، مثل الإنفلونزا الإسبانية، حيث كانت الموجة الثانية أشدّ من الأولى".
- ما الفترة المتوقعة لهذه الموجة؟
أعلنت العديد من الدول مؤخراً بدء الموجة الثانية من فيروس كورونا بشكل فعلي، وتشير كيوان إلى عدم إمكانية التنبؤ بالمدة التي ستستمرّ خلالها زيادة عدد الإصابات. وأوضحت أنّ ذلك يتبع لإجراءات الحجر التي ستتخذها هذه الدول، ومدى التزام الناس بها، توخياً لأي زيادة في عدد الوفيات.
- هل للطقس البارد في الشتاء علاقة بزيادة حدّة الأعراض؟
توضح كيوان أنّ التخوفات الحالية من الموجة الثانية لا تتعلق ببرودة الطقس.
وتضيف: "سبب تخوّفنا هو ازدياد الإصابات بالإنفلونزا وفيروسات البرد في هذه الفترة، أي أن الفئات الأضعف من الناس عرضة لموجة تتضمن أعداداً مختلفة من الفيروسات، من ضمنها فيروس كورونا".
- هل يمكن الإصابة بفيروس كورونا والإنفلونزا الموسمية في الوقت نفسه؟
توضح كيوان وجود العديد من الفرضيات لهذا التساؤل، وتقول: "من الممكن أن ينافس فيروس الإنفلونزا فيروس كورونا ويضعفه، وبالتالي يصاب الجسم بالإنفلونزا فقط أو العكس، ومن الممكن أن يتسبّب كلا الفيروسين بشكل غير عادي بأمراض ومضاعفاتها، ولا يمكننا أن نجزم بما سيحصل إلّا بعد ورود حالات فعلية وتحليلها بشكل علمي".
- هل يمكن تمييز الإصابة بين فيروسي كورونا والإنفلونزا الموسمية؟
تؤكد كيوان صعوبة التمييز بين المرضين، بسبب تشابه أعراضهما، خاصة لدى الأطفال الذين تتجلّى إصابتهم بكورونا بحمى خفيفة وسعال وزكام بشكل مشابه لما يحدث لهم في الإنفلونزا. وتضيف: "إلّا أنّ أعراض الإنفلونزا تظهر بشكل أسرع من فيروس كورونا، لأنّ فترة حضانتها لا تتجاوز 5 أيام، في حين قد تمتدّ في كورونا إلى 14 يوماً".
وتشير إلى تشابه المرضين أيضاً في طرق العدوى، حيث ينتقل كلاهما بالرذاذ المتطاير من مصاب لآخر، وتقول: "أعلنت منظمة الصحة العالمية وجوب إدخال أيّ مريض إلى المستشفى في حال تعرّضه لقصور تنفسي أو إعياء شديد، في حين يمكن حجر المريض وتدبير أعراضه الأخرى الخفيفة منزلياً".
كذلك تشير كيوان إلى وجود العديد من العلاجات ومضادات الفيروسات الفعّالة ضدّ الإنفلونزا الموسمية، التي تساهم في تخفيف أعراضها، وإلى عدم وجود أيّ مضاد فيروسي ناجح ضدّ فيروس كورونا، حتى الآن.
- ما أهمية أخذ لقاح الإنفلونزا الموسمية في هذه الفترة؟
تنصح الدكتورة سمر إبراهيم، المقيمة في قسم الأمراض الصدرية في مستشفى تشرين الجامعي، بأخذ لقاحات الإنفلونزا خلال الشتاء المقبل، خاصة من قبل كبار السن والأطفال والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة.
وتقول: "يقلّل ذلك احتمال الإصابة بعدوى فيروسية مرهقة للجسم، وإنّ أي ضعف في الجسم يزيد الإمراضية في حالة الإصابة بكورونا".
- هل يمكن أن يصاب الإنسان بفيروس كورونا مرة ثانية؟
توضح إبراهيم أنه يمكن للأشخاص اكتساب مناعة مؤقتة بعد الإصابة بكورونا، لفترة لا تتجاوز بضعة أشهر، وتضيف: "لكننا شهدنا عدة حالات لأشخاص تكرّرت إصابتهم بالمرض مرة ثانية، ولا توجد حتى الآن معلومات كافية تفيد بزيادة شدّة الأعراض في حالة الإصابة الثانية أو انخفاضها".
- هل تغيرت توصيات منظمة الصحة العالمية بخصوص الإجراءات المتبعة للوقاية من الإصابة؟
توضح الدكتورة كيوان أنه لا يوجد أيّ تعديلات جديدة على توصيات منظمة الصحة العالمية، وتقول: "يبقى الفيروس نشطاً على الأسطح، تبعاً لاختلاف أنواعها، من ساعة إلى عدة أيام، وينصح دائماً في حال وجود مريض في المنزل بتعقيم الأسطح بشكل متواصل، وخاصة الأماكن التي يلمسها المريض".
وتؤكّد أهمية مراعاة التعليمات الصحية وإجراءات التعقيم من قبل الأشخاص بشكل دائم، ليس بهدف التخلّص من فيروس كورونا فقط، ولكن أيضاً للحفاظ على صحتنا من الميكروبات عموماً وحماية أنفسنا من الأمراض.
كما تشدد الدكتورة إبراهيم على أهمية ارتداء الكمامة وخاصة في الأماكن المزدحمة والمغلقة، والأهم بالنسبة للمرضى المؤكّدين أو المحتملين، سواء بأعراض تنفسية أو هضمية.