ماذا تعرفون عن مقاومة المضادات الحيوية؟

29 نوفمبر 2022
قد يوقف الإفراط في استخدام المضادات الحيوية فعاليتها (جينا فيرازي/ Getty)
+ الخط -

مع بدء فصل الشتاء تزداد الإصابة بأمراض تتطلب العلاج بالمضادات الحيوية، لكن هذه الأدوية ليست دائماً الحل السحري، بل قد يكون لها تأثيرات سلبية. فقد أظهرت أرقام أصدرتها وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة أن 148 عدوى شديدة المقاومة للمضادات الحيوية حصلت يومياً عام 2021، بزيادة مقدارها 2.2 في المائة عن عام 2020.
تعني مقاومة المضادات الحيوية عادة عدم استجابة المريض لهذه الأدوية. وقد تتعدد أسباب هذا الأمر بحسب ما تشرح أخصائية الصحة العامة مايا بيطار التي تقول لـ"العربي الجديد": "هناك مفهوم خاطئ حول استخدام المضادات الحيوية، فعندما يشعر مريض بأي وعكة صحية، على غرار رشح وسعال أو نزلة برد يلجأ إلى تناول مضادات حيوية من دون استشارة طبيب، ما يمثل شبه عرف بالنسبة إليه، لكن العشوائية في استخدام الأدوية تضر بصحة المرضى، وقد تؤدي في مراحل عدة إلى الوفاة، خاصة إذا كانت الجرعات لا تناسب مصابين بأمراض مزمنة".
تضيف: "توصف المضادات الحيوية عادة لأمراض تتعلق ببكتيريا مباشرة، أي تلك الناشئة عن عدوى بكتيرية، وليس لأمراض مرتبطة بفيروسات. وقد يختلط على بعض المرضى التمييز بين الإصابة ببكتيريا وفيروس، خاصة إذا كانت العوارض متشابهة مثل السعال والبرد وارتفاع درجات الحرارة، لذا يلجأ الطبيب إلى فحص مخبري لتأكيد نوع الإصابة بهدف إعطاء الوصفة المطلوبة".
وتشير إلى أن مقاومة المضادات الحيوية هي رفض جسد المريض الاستجابة للمضادات الحيوية، بسبب الإفراط في استخدامها، أو تناول أنواع لا تناسب الحالة الصحية للمريض، أو ببساطة بسبب وجود مشكلة صحية أخرى.
وتوضح المكتبة الوطنية للطب الأميركية أن البروتينات البكتيرية التي تستهدفها مضادات الميكروبات لدى الإصابة بمرض قد تتغير فتصبح المضادات الحيوية بلا أهمية، وذلك بسبب تشابك الأدوية التي يأخذها المريض.
وباتت مقاومة المضادات الحيوية تشكل تهديداً عاجلاً للصحة العامة العالمية، وتؤدي إلى وفاة ما لا يقل عن 1.27 مليون شخص في أنحاء العالم، علماً أنها ارتبطت بحوالى 5 ملايين وفاة عام 2019. 

الصورة
تضرّ العشوائية في استخدام الأدوية بصحة المرضى (Getty)
تضرّ عشوائية استخدام الأدوية بصحة المرضى (Getty)

وفي الولايات المتحدة تحدث أكثر من 2.8 مليون عدوى مقاومة لمضادات الميكروبات سنوياً تتسبب بأكثر من 35 ألف وفاة، بحسب تقرير تهديدات مقاومة المضادات الحيوية (AR) الذي أصدره مركز السيطرة على الأمراض عام 2019.
وتعلّق بيطار بأن "لا أرقام واضحة عن عدد المرضى المتأثرين بمقاومة المضادات الحيوية في العالم العربي، لكن يرجح أنها مرتفعة في ظل غياب القوانين التي تراعي تنظيم عمليات بيع الأدوية".
وتعتبر البروفيسورة سوزان هوبكنز، كبيرة المستشارين الطبيين في المملكة المتحدة، أن "ارتفاع عدد الحالات في المملكة المتحدة مشكلة لا بدّ من إيجاد حلول لها". وتضيف في حديثها لصحيفة ذي إندبندنت أن "الأرقام المرتفعة في المملكة المتحدة حول مقاومة المضادات الحيوية تتطلب بالدرجة الأولى الشعور بالمسؤولية عند استخدام المضادات".
وتشير إلى أن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية يعني توقفها عن العمل ضد الحالات التي تهدد الحياة. وتشرح بأن استخدام هذه المضادات محصور بحالات معينة فقط، ولا يمكن أن تكون وصفة جيدة لمعالجة مرضى نزلات البرد أو فيروس كورونا.
وتتفق بيطار مع الخبراء في شأن ضرورة الشعور بالمسؤولية لدى تناول أي دواء، وتقول: "لا بدّ من استشارة طبيب حتى قبل تناول مسكنات، لأنها قد تناسب حالات مرضية وتضر أخرى، علماً أن معالجة حالات مقاومة المضادات الحيوية تبدأ بزيارة الطبيب كي يتمكن من إعطاء أدوية مناسبة، وهو قد يلجأ في بعض الحالات إلى إجراء فحوص مخبرية ومجهرية للتأكد من مدى سوء الحالة الصحية للمريض، حتى يصف العلاج المناسب. ولا علاج موحداً لهذه المشكلة، لأن الأمر يرتبط بعوامل عدة، منها سن المريض، ومدى استجابته للأدوية".

وتعد الوقاية والتوعية من الأسس الرئيسة لتجنب حصول مشاكل صحية عموماً. وفي ما يتعلق بمقاومة المضادات الحيوية بشكل خاص يتفق خبراء صحة كُثر على عدم تناول المضادات الحيوية إلا إذا كان المرض يتطلب ذلك.
وتشير تقديرات إلى أن نحو 30 في المائة من الوصفات السنوية كانت بلا داعٍ. 
وفي إطار التوعية من انعكاسات تناول الأدوية، يطالب خبراء صحيون بإجراء فحوص طبية قبل تناول أدوية لتحديد طبيعة نزلات البرد على صعيد ارتباطها ببكتيريا أو فيروس. وفي حال نتجت الإصابة من فيروس، من الضروري عدم تناول المضادات بتاتاً. 
وتشدد بيطار على أهمية حصول وعي لدى تناول الأدوية، إذ ترى أن المرضى يتناولون عادة حبوب مضادات من دون مراعاة أوقاتها، أو حتى من دون إكمال سلسلة الحبوب، بمعنى تناول حبة أو اثنتين والتوقف عند الشعور بالتحسن، ما يؤدي إلى حدوث انعكاسات مستقبلية على الصحة العامة.

المساهمون