ماذا تعرفون عن مخاطر المعادن الثقيلة في أغذية الأطفال؟

27 يناير 2023
غير مسموح للأطفال الصغار والرضع تناول كميات كبيرة من الرصاص (Getty)
+ الخط -

ثورة جديدة تقوم بها إدارة الغذاء والدواء الأميركية، من خلال تسليط الضوء على كميات الرصاص التي لا بد أن تحتويها أغذية الأطفال الجاهزة، خاصة بعد سلسلة من الفضائح التي عصفت بمجتمع الطب الأميركي في السنوات الماضية، وما كشفته عبوات أطعمة الأطفال من معادن ثقيلة تضر بالصحة العامة.

تأتي هذه الخطوة بعد الكشف عن مستويات الزرنيخ المرتفعة في حبوب الأرز والرصاص في العصائر والمنتجات الجاهزة، من صنع علامات تجارية مشهورة، بما فيها "جيربير".

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أمس الخميس، الخطة الجديدة لإدارة الغذاء والدواء، والتي تطالب بأن لا تحدد مستويات الرصاص المسموح به في بعض أغذية الأطفال والرضع عند 20 جزءًا في المليار، كما تقترح إرشادات إدارة الغذاء والدواء أن أغذية الأطفال المصنعة من الخضار والفواكه والخلطات القائمة على اللحوم والزبادي يجب أن لا تحتوي على أكثر من 10 أجزاء لكل مليار من الرصاص.

وعلّق مفوض إدارة الغذاء والدواء الدكتور روبرت كاليف على هذه الإرشادات بالقول إنه من غير المسموح للأطفال الصغار والرضع تناول كميات كبيرة من الرصاص في الأطعمة الخاصة بهم، نظراً لانعكاسات ذلك على الصحة العامة.

جهود الوكالة هذه كانت محط ترحيب من قبل المؤسسات الاجتماعية والطبية الداعمة لتخفيف نسب الرصاص والمعادن الأخرى في قائمة أطعمة الأطفال.

وقد أثنت جين هوليهان، المديرة الوطنية للعلوم والصحة في منظمة هيلثي بيبيز برايت فيوتشرز- ائتلاف من المدافعين الملتزمين بالحد من هذا الإجراء-، على هذه الجهود، وقالت بحسب ما نقلته شبكة "سي أن أن" الأميركية، في تقرير سابق، إن بيانات عديدة ودراسات أجريت في العام 2019 وجدت مستويات خطيرة من الرصاص والمعادن الثقيلة الأخرى في نحو 95 في المائة من أغذية الأطفال المصنعة.

ويستدعي تسليط الضوء على هذا الملف البحث عن كيفية دخول المعادن الثقيلة في الأطعمة، والأسباب التي تؤدي إلى ذلك.

بحسب تقرير صحيفة "نيويورك تايمز"، تبدأ أولى حلقات التلوث بالرصاص الزائد من خلال العملية الزراعية. وعلى سبيل المثال، عندما يهطل المطر على مدينة معينة، فهو يغسل كل شيء، بما في ذلك أماكن القمامة، الشوارع والمباني، وتمر مياه المطر هذه بجانب البحيرات والأنهار والجداول، فتختلط مياه الأنهار بمياه الشتاء، وتلوث المحاصيل أو التربة، وهو ما يعد أخطر أنواع الملوثات التي تصيب المواد الزراعية، بحسب ما تؤكده لوري بييرانيفاند، مديرة مركز الزراعة والأنظمة الغذائية في كلية فيرمونت للقانون والدراسات العليا.

إضافة إلى ذلك، فإن التربة أصلاً وتكوينها الطبيعي يحتوي على المعادن، والتي تنقلها إلى المحاصيل الزارعية، وفي أحيان كثيرة يقوم المزارعون باستخدام الأسمدة والمبيدات، وبالتالي تزداد نسب الرصاص والمعادن الثقيلة في المحاصيل.

بعد ذلك، تبدأ المصانع المتخصصة بأغذية الأطفال بإضافة الفيتامينات والمواد الكيميائية، والتي تضم بدورها مستويات مرتفعة من المعادن الثقيلة، فيصبح المنتج النهائي المقدم إلى الأطفال، وتحديداً الرضع، عبارة عن كتلة من الرصاص والحديد وغيرهما من المعادن.

لماذا المعادن الثقيلة مصدر قلق خاص للأطفال؟

تعد المعادن الثقيلة ضارة بالنسبة إلى صحة الأطفال الجسدية والنفسية. ينمو الرضع والأطفال الصغار بسرعة ويطورون أنظمة الجسم الرئيسية ويضعون الأساس لصحة القلب والأوعية الدموية والمناعة وصحة الدماغ مدى الحياة. ونظراً لصغر أجسادهم، وضعفهم نسبياً، فإن جرعة صغيرة من أي مادة سامة يمكن أن تكون ضارة جداً وتعطل عملية النمو.

كذلك الأمر بالنسبة إلى الناحية النفسية، فقد أظهرت دراسات أن كميات صغيرة من الرصاص على سبيل المثال، لها تأثير على السلوك ومعدل الذكاء. وبالتالي، فإن مراقبة نسب الحديد والرصاص في أغذية الأطفال والرضع تعد ذات أهمية كبيرة بالنسبة للمجتمع الطبي.

وجبات ضارة

وأظهرت بعض الدراسات وجود كميات كبيرة من الرصاص والمعادن الثقيلة في العديد من الوجبات التي تعتبر مغذية أو مفيدة لدعم صحة الأطفال. وقد تم تحديد الأرز، المستخدم الأول في حبوب الأطفال، على أنه من أكثر الأطعمة الضارة، نظراً لأنه يحتوي على أعلى مستويات عالية من الزرنيخ المرتبط بالسرطان. ويُعتقد أن المشكلة تنبع من زراعة الأرز في الحقول التي تغمرها المياه عاماً بعد عام، والتي يمكن أن تلوث التربة.

وغالباً ما تكون حبوب الأرز الجافة من أولى الأطعمة التي يتم حث الوالدين على مزجها مع حليب الأم أو الحليب الاصطناعي عندما يبدأ الطفل في الانتقال من نظام غذائي سائل إلى طعام صلب، ولذا، تعتبر حبوب الشوفان الجافة بديلاً أفضل، وفقًا لتقرير صادر عن منظمة Healthy Babies Bright Futures.

ولذا ينصح الأهل دائماً بضرورة البحث عن الأطعمة الأقل تلوثاً بالمعادن الثقيلة وتقديمها للأطفال.

وبحسب "شبكة سي أن أن"، يعد الموز الطازج من الخيارات الرائعة، إذ إنه يحتوي على مستويات معادن ثقيلة تبلغ 1.8 جزء في المليار، وبالتالي فهو من ضمن الأطعمة الأقل تلوثاً. بعد الموز، يأتي الفريك والقرع ولحم الضأن والتفاح والبيض والبرتقال والبطيخ بهذا الترتيب.

في حين أن شراء المواد العضوية لا يمكن أن يقلل من مستويات المعادن الثقيلة في أغذية الأطفال، إلا أنه يمكن أن يساعد في تجنب السموم الأخرى، مثل مبيدات الأعشاب ومبيدات الآفات، كما قال الدكتور ليوناردو تراساندي، مدير طب الأطفال البيئي في جامعة نيويورك لانجون هيلث.

وينصح خبراء الصحة بضرورة الابتعاد عن المأكولات التي تحتوي على معادن مرتفعة، والإبقاء على الخيارات الطبيعية، خاصة في مرحلة النمو.

المساهمون