مؤشرات انتحار أطفال تونس تتصاعد: 21 حالة خلال 2022

22 ديسمبر 2022
تحذيرات من مخاطر تراجع الصحة النفسية للأطفال (مارتن برو/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت أرقام حديثة لوزارة المرأة والأسرة التونسية عن تصاعد حالات الإشعار بمحاولات انتحار الأطفال بأكثر 38 بالمائة خلال الأشهر الـ11 الماضية من العام الحالي مقارنة بعام 2021، إذ حاول 269 طفلاً وضع حد حياتهم، بينما انتحر 21 آخرون فعلاً.

وردت هذه الأرقام في تقرير إحصائي أصدرته وزارة المرأة والأسرة، مؤخراً، حول وضعيّات الطفولة المهدّدة والطفولة، وسط تحذيرات من مخاطر تراجع الصحة النفسية للأطفال.

وبحسب التقرير، زادت إشعارات محاولات الانتحار لدى الأطفال بنسبة 38,7 بالمائة، إذ جرى، إلى حدود نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إحصاء 269 إشعارا مقابل 194 إشعارا رُصدت على امتداد 12 شهرا من عام 2021.

ويرى الباحث في علم الاجتماع، ماهر حنين، أن" تصاعد محاولات الانتحار لدى الأطفال ظاهرة يتعيّن على السلطات التوقف عندها وأخذها مأخذ الجد"، داعيا إلى "دراسة أسبابها التي قد تختلف من شخص إلى آخر،  للحدّ من خطورتها على المجتمع".

وقال حنين لـ"العربي الجديد" إن" الانتحار ظاهرة اجتماعية سيكولوجية متغيّرة العوامل والأسباب، غير أن تركز الحالات لدى فئة عمرية أو شريحة معيّنة يستدعي تعميق البحث قصد معالجتها تجنّبا لمزيد تصاعد الحالات".

وأشار إلى أن "الانتحار لدى الأطفال قد يرتبط بالتفكك الأسري أوالعنف والوضع الاجتماعي والاقتصادي الصعب، أو أحد هذه العوامل التي تدفع الأطفال نحو إنهاء حياتهم".

وأفاد الباحث بأن "أطفالا يعانون من الإهمال العاطفي يرون أيضا في الانتحار حلاً"، مؤكدا أن التداول الإعلامي، وأيضا على شبكات التواصل الاجتماعي، لحالات الانتحار المنفذة يشجّع الأطفال على الإقدام عليها" .

وخلال الأشهر الـ11 الماضية من العام الحالي، رصدت وزارة المرأة والأسرة زيادة في الإشعارات حول حالات التهديد المسلطة على الطفل، 60 بالمائة منها تقع في الوسط الأسري.

وأعلنت الوزارة أن نسبة الإشعارات المتعلّقة بعجز الأبوين وتقصيرهما في الرعاية والتربية بلغت 50,9 بالمائة سنة 2021، فيما قُدّرت نسبة سوء معاملة الطفل بـ22.3 بالمائة خلال السنة ذاتها، معتبرة أنّ هذه الأصناف من التهديد من العوامل ذات التهديد الأعلى، وهو ما يعكس التحديات الاجتماعية التي تعيشها الأسرة التونسية، لا سيما تغيّر المعايير والسلوكات الاجتماعية.

وفي إبريل/ نيسان الماضي، أعلنت وزيرة المرأة والطفولة وكبار السن، أمال بلحاج موسى، أن الوزارة تعتزم في إطار مراجعة تنظيمها الهيكلي إحداث إدارة فرعية لليافعين تأخذ من هذه الفئة محورا لتدخلها، وتركز بالخصوص على تعزيز البعد الوقائي من خلال وضع التصورات والاستراتيجيات المناسبة، نظرا إلى الهشاشة النفسية لفئة اليافعين وتعرضهم أكثر من غيرهم إلى أخطار الاستقطاب والتوظيف والانحراف.

ويتوقع المتحدث الرسمي باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، أن يكون عدد محاولات الانتحار والحالات المنفذة أكبر مما يُحصى من قبل الدوائر الرسمية أو من قبل المنظمات المدنية، ومن بينها المنتدى عبر وحدة الرصد التي يسيّرها.

وأكد بن عمر لـ"العربي الجديد" أن الأسر تتكتم على محاولات انتحار أبنائها، وخصوصا في صفوف الأطفال، خوفا من المساءلة القانونية والوصم الاجتماعي.

وفي وقت سابق، أفادت ممثّلة منظمّة الأمم المتحدّة للطفولة في تونس، ماريليان فيفياني، بأنّ طرح قضيّة الحقّ في الصّحة الجسديّة والنّفسيّة للأطفال يجب أن يكون مرتبطا بدراسة تأثيرات وتداعيّات بقيّة القضايا المساعدة أو المعرقلة ذات الصّلة بالبيئة الاجتماعية التي ينشأ فيها الطّفل.

واعتبرت أن "الاستثمار في توازن الطفل وسلامة صحته النفسيّة هو استثمار مجتمعيّ مشترك، خاصة في ظلّ ما بات يعرفه مجتمعُنا من ظواهر مقلقة تؤشّر إليها الأرقام المتصاعدة للعنف".

المساهمون