مؤسسة مياه الشرب بالسويداء تلاحق فساد صغار الموظفين وتتجاهل الحيتان

12 مارس 2023
سرقات كبيرة تشهدها مخصصات المؤسسة من مادة المازوت (مؤسسة مياه السويداء/فيسبوك)
+ الخط -

أوقف فرع الأمن الجنائي التابع للنظام السوري في محافظة السويداء جنوبي سورية تسعة عمال بتهمة النقص في كمية مخصصات المازوت المقررة لوحدة مياه مدينة صلخد، وتقاضي أثمان عن نقلات المياه المجانية للمواطنين، وأحالهم إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيق معهم.

مصادر خاصة أوضحت لـ"العربي الجديد" أن معظم الموقوفين للتحقيق هم عمال دائمون مسؤولون عن شبكات مياه الشرب أو سائقون، أو رؤساء مجموعات ضخ، في حين جاء توقيفهم بعد شكاوى رسمية من قبل رئيس المجلس البلدي لمحافظة السويداء بسام بارسيك.

وكان فرع الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش في المحافظة قد أصدر قراراً بتوقيف عاملين تابعين لمؤسسة المياه نفسها، بناء على طلب من هيئة الرقابة الداخلية في المؤسسة، وهما تابعان لبلدة الرحى جنوب السويداء بتهمة التصرف غير المشروع بمخصصات آبار الرحى من المازوت، وطالبت الهيئة بتغريمهم بثمن النقص في المادة.

في حين علم "العربي الجديد" أن العاملين قد دفعا الغرامة المالية وما زالا على رأس عملهما بحجة عدم وجود بديل. وهذه ليست المرة الأولى التي يعاقب فيها عامل بدفع غرامة مالية تزيد عن مجموع رواتبه لمدة أكثر من عام ويستمر في عمله.

مصدر في مؤسسة مياه الشرب طلب عدم ذكر اسمه قال لـ"العربي الجديد" إن فرع الرقابة والتفتيش لا يجرؤ على فتح ملفات الفساد الكبيرة في المؤسسة لأنها تطاول مسؤولين كبارا في المؤسسة وخارجها، وتصل إلى رؤوس في السلطة بدمشق، ويعمد في كل مرة إلى محاسبة عمال صغار، في سياق يثبت أن الفساد مسموح فقط لأصحاب النفوذ.

يقول الناشط الإعلامي حمزة المعروفي لـ"العربي الجديد" إنه على الرغم من توفر المياه بشكل أكثر من جيد في المحافظة، فقد استطاعت الإدارات المتعاقبة على مؤسسة المياه وفروعها تعطيش الأهالي خلال السنوات الماضية، وفتح سوق حرة لبيع وشراء مياه الشرب والمازوت، وباتت كل عائلة في المحافظة ترصد جزءاً من دخلها الشهري لصالح شراء صهريج مياه من المؤسسة أو الآبار العامة والخاصة.

وأشار المعروفي إلى أن كل الاحتجاجات الشعبية لم تستطع إيقاف الفساد المستشري في المؤسسة، أو محاسبة مهندس صيانة أو لجنة مشتريات أو مسؤول توزيع محروقات أو قطع هذه السلسلة المتجذرة بالفساد بسبب ارتباطها مع كبار المسؤولين في المحافظة.

وأضاف المعروفي: "قطع عدد من المواطنين في عدة قرى وبلدات الطرقات، وحجزوا عدة آليات للمؤسسة، وتظاهر أهالي المحافظة لأيام خلال السنة الماضية مطالبين بتحسين الخدمات الأساسية، ومنها المياه، لكن كل ذلك لم يتحقق، فيما عمدت بعض القرى والبلدات إلى شراء خط كهرباء ذهبي على حساب مغتربيها لعدم انقطاع المياه عنهم، لكن الثمن كان مكلفاً".

وكان موقع "الراصد" المحلي قد بين في تحقيق له قبل أيام حجم سرقات كبيرة في مخصصات المؤسسة من مادة المازوت تجاوز 1.5 مليون ليتر سنوياً واتهم في تقريره شبكة من المتنفذين في المحافظة يديرها أحد أعضاء مجلس الشعب وقياديون في مجالس المحافظة وفرع حزب البعث والأجهزة الأمنية بالإضافة إلى مديري مؤسسات ورؤساء أقسام معينين من قبل الشبكة ذاتها.

وفي الوقت الذي أُقيل عدد من المديرين نتيجة الضغط الشعبي، فقد عجزت شبكة المتنفذين عن الاتفاق على مدير عام بديل لمؤسسة المياه، التي تركت دون إدارة للشهر الخامس على التوالي، وفشلت كل الترشيحات البديلة من قبل رئاسة حكومة النظام.

المساهمون