يُختتَم اليوم مؤتمر الحركات الاجتماعية والمواطنية الذي بدأ أعماله أوّل من أمس الجمعة في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول الجاري في تونس، تحت شعار "مقاومات متضامنة من أجل الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية". وأتى هذا المؤتمر بمبادرة من المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومشاركة نحو 40 جمعية وعدد من المنظمات وممثلين عن حركات اجتماعية شبابية وشخصيات حقوقية وأخرى من المجتمع المدني.
قال المتحدث الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر لـ"العربي الجديد" إنّ "المؤتمر ينعقد في دورته السادسة في شكل جديد، وقد جمع نحو 700 مشارك من مختلف المحافظات التونسية"، مشيراً إلى أنّهم "يمثّلون 31 حراكاً اجتماعياً".
وأوضح بن عمر أنّ "النقاشات بمعظمها تمحورت حول السياسات الاجتماعية والأوضاع الراهنة وتأثيرها على الحقوق، ومنها الحقّ في الصحة والبيئة، بالإضافة إلى وضع الحقوق والحريات، والهجرة والمفقودين"، مؤكداً أنّ "موضوع التشغيل والحركات الشبابية الناشئة، إلى جانب السياسات الاقتصادية والاجتماعية، كان حاضراً في المؤتمر".
وتابع بن عمر أنّه "تمّ التباحث في مختلف وجهات النظر المدنية والبحثية، وسوف يُصدَر اليوم إعلان ختامي يترجم آفاق التضامن بين مختلف الفاعلين مستقبلاً"، مؤكداً أنّ "الهدف من ذلك هو الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والمدنية في الفترة الانتقالية المقبلة. وهو فرصة للنضال المشترك وتقريب وجهات النظر بين الفاعلين الاجتماعيين والمدنيين والتنسيق في ما بينهم للدفاع عن مكسب الحرية والحقوق".
تعزيز القدرات الاجتماعية
من جهته، رأى عضو لجنة المؤتمر ماهر حنين أنّ "المؤتمر يضمّ حركات اجتماعية عديدة في مجالات مختلفة كالتشغيل والبيئة والفلاحة والنسيج، وديناميكيات شبابية عديدة، وهو يناقش حقوق الإنسان والحريات العامة". أضاف لـ"العربي الجديد" أنّه "فضاء للتضامن وبناء قوى مشتركة، ولنقاش الوضع العام في تونس".
ولفت حنين إلى أنّ "الهدف منه هو تعزيز القدرات الاجتماعية على الفعل. وهو كذلك مسار لبناء فضاء احتجاج وتضامن ما بين الحركات الاحتجاجية والمجتمع المدني من أجل أداء دور سياسي واضح في المرحلة التي تمرّ بها البلاد".
وتابع حنين أنّه "من الواضح أنّ ثمّة تحركات قوية حاضرة الآن من خلال المطالبة بتفعيل القانون 38 لتشغيل حاملي الشهادات العليا، ومن خلال الحركات البيئية والتي كانت فاعلة وناشطة أخيراً"، مبيّناً أنّ "ثمّة تصاعداً كذلك في انتهاك الحريات".
وقد لوحظ في موضوع "الحركات الاجتماعية والمجتمع المدني ومستقبل الديمقراطية" في تونس بعد 25 يوليو/ تموز الماضي، تصاعد في الاحتجاجات والمواجهات ما بين السلطة الحاكمة ومختلف الحركات والمنظمات بسبب غياب تفعيل الاتفاقات وغياب برنامج للتغيير الحقيقي.
غياب المؤشرات الإيجابية
وقد لفت الأمين العام السابق للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي الذي قدّم مداخلة بعنوان "دور المجتمع المدني في المسارات الحاسمة"، إلى غياب المؤشّرات الإيجابية إلى حدّ الآن، خصوصاً بعد 25 يوليو، إذ تستمر الأزمة وقد تتفاقم. وأكّد أنّ الوضع يتّجه نحو مزيد من تصاعد الحراك الاجتماعي المعارض للسلطة، مذكّراً بأحداث الحوض المنجمي في عام 2008 التي أفرزت مواجهات مع نظام المخلوع زين العابدين بن علي، وهو ما قاد الى اندلاع شرارة الثورة في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010 وسقوط النظام في 14 يناير/ كانون الثاني 2011.
وحمّل العباسي حركة النهضة الجزء الأكبر من المسؤولية والفشل الذي حصل نتيجة عدم الاستقرار في جلّ الحكومات بعد الثورة والمزيد من تأزّم الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في تونس. أضاف العباسي أنّ الذين راهنوا على رئيس الجمهورية قيس سعيّد، أصيبوا بخيبة أمل نظراً إلى الفشل الواضح في إدارة حوار وطني وعدم القدرة على إجراء هذا الحوار لتخطّي الأزمة الحاصلة.
في سياق متصل، قال الناشط الحقوقي رضا الرداوي إنّه لا بدّ من مزيد من الوعي لدعم الحركات الاجتماعية والاحتجاجية، علماً أنّ تغيير الأوضاع يتطلب الدفع نحو تطبيق القانون وتأطيره وحمايته. وطالب الرداوي بالتدريب في المجال القانوني من أجل تأمين حقوق أغلب النشطاء في الحراك الاجتماعي والاحتجاجي، وتكوين فقه قضاء تونسي لمصلحتهم بعد تجربة عام 2011.
وبحسب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فإنّه من ضمن 873 تحركاً احتجاجياً للمواطنين وللحركات الاجتماعية في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، سجّل الوسط الغربي 333 تحركاً احتجاجياً، ليأتي في المرتبة الأولى كقطب ذي ثقل احتجاجي. ويضمّ هذا الإقليم ولايات القصرين (135 تحركاً احتجاجياً) والقيروان (135) وسيدي بوزيد (63). بعده يأتي إقليم الشمال الشرقي مسجّلاً 184 تحركاً، في مقدمته ولاية تونس كمركز ثقل احتجاحي. ثمّ إقليم الجنوب الغربي مسجّلاً 150 تحركاً، علماً أنّ قفصة وحدها شهدت 115 تحركاً من ضمن التحركات الاحتجاجية المسجلة في هذا الإقليم.
أضاف المنتدى أنّ الاحتجاجات تخطّت على المستوى الوطني 110 تحركات احتجاجية في كلّ من ولايات تونس والقيروان وقفصة والقصرين. وقد مثّلت التحركات العشوائية، أي تلك التي تنزع نحو العنف، نحو 81.2 في المائة من مجموع التحركات الاحتجاجية المسجلة، وناهزت نسبة 88 في المائة في ولاية تونس لوحدها.