لقي نحو 60 مهاجراً غير نظامي، من بينهم رضيع، مصرعهم في حادثة تحطّم مركبهم، فجر اليوم الأحد، قبالة سواحل مدينة كروتونيه في منطقة كالابريا جنوبي إيطاليا.
وقد أفاد رئيس بلدية المدينة فينشنزو فوتشي قناة "سكاي تي جي-24" الإخبارية بأنّه "حتى بضع دقائق خلت، كان عدد القتلى المؤكّد 59". وكان بيان أصدره خفر السواحل الإيطالي قبل وقت قليل قد أشار إلى "انتشال 80 شخصاً أحياء، تمكّن بعضهم من الوصول إلى الشاطئ بعد غرق المركب، فيما عُثر على 43 جثة على طول الساحل".
وأشار حرس السواحل إلى أنّ المركب كان ينقل نحو 120 شخصاً على متنه وقد ارتطم بالصخور على بعد أمتار قليلة من الساحل، في حين أفادت فرق الإنقاذ عن أنّ عدد المهاجرين الذي كان يحمله "يفوق 200 شخص".
وقد تحطّم المركب على مقربة من منتجع "ستيكاتو دي كوترو" على الساحل الشرقي لمنطقة كالابريا. وقال رئيس المنطقة روبرتو أوكيوتو في بيان إنّ "عشرات وعشرات القتلى غرقاً، من بينهم أطفال وكثيرون في عداد المفقودين"، مشدّداً على أنّ "كالابريا حزينة على المأساة الرهيبة".
وكشف عمدة منطقة كوترو أنطونيو تشيرازو، في تصريح إعلامي، أنّ المركب أبحر من إزمير شرقي تركيا قبل ثلاثة أو أربعة أيام، وأنّه كان يقلّ أشخاصاً من أفغانستان وباكستان والصومال. وإذ ذكر أنّ مركب الهجرة الخشبي "تهشّم" بسبب البحر الهائج وقد تناثرت أجزاء منه على مسافة 300 متر من الساحل، لفت إلى أنّ من بين القتلى نساءً وأطفالاً. أضاف تشيرازو: "لن ترغب أبداً في رؤية المشهد... المشهد بشع... يبقى عالقاً في الذاكرة طيلة حياتك".
Strage al largo di #Crotone per un naufragio. Morti almeno 40 #migranti: molti bambini tra le vittimehttps://t.co/ViADvRROZF pic.twitter.com/LQtQaaryJS
— Corriere Calabria (@CorrCalabria) February 26, 2023
وكانت كالة "آكي" الإيطالية للأنباء قد أفادت في وقت سابق بأنّ أكثر من 100 مهاجر كانوا على متن المركب الذي تحطّم وغرق، وأنّ هؤلاء من مواطني إيران وباكستان وأفغانستان، لافتة إلى أنّ مراكب المهاجرين غير النظاميين التي تصل إلى كالابريا تبحر في العادة من الشواطئ التركية أو المصرية.
من جهتها، أفادت وكالة "آ جيه إي" الإيطالية للأنباء بأنّ مركب المهاجرين الذي كان يحمل أكثر من طاقته انشطر إلى قسمَين بسبب الأمواج العاتية.
أمّا وكالة الأنباء الإيطالية "أنسا" فذكرت أنّ عمليات البحث عن ناجين من بين هؤلاء المهاجرين وكذلك عمليات انتشال الضحايا ما زالت متواصلة، غير أنّ الأمواج العالية تعرقل عمل فرق الإغاثة.
وبيّنت إذاعة "راي" الإيطالية الرسمية أنّ قوارب تابعة لقوات خفر السواحل وشرطة الحدود وفرق الإطفاء تشارك في جهود الإنقاذ. لكنّها لفتت إلى أنّه لم يتسنَّ لها بعد الوصول إلى قوات خفر السواحل وأجهزة الإنقاذ الأخرى للحصول على مزيد من التفاصيل.
وتعليقاً على الحادثة، أعربت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، اليوم الأحد، عن "بالغ حزنها على الأرواح العديدة التي فُقدت على أيدي مهرّبي البشر"، في خلال حادثة غرق مركب المهاجرين الأخيرة، متعهّدة بالتصدّي للهجرة غير النظامية عبر البحر بهدف تفادي مزيد من المآسي. وشدّدت ميلوني على أنّ "وضع قارب في البحر بالكاد يصل طوله إلى 20 متراً وعلى متنه 200 شخص في ظلّ أحوال جوية سيئة، عمل إجرامي".
وجاء في بيان صادر عن مكتبها أنّ "الحكومة ملتزمة بمنع انطلاق رحلات (المهاجرين) ومن ثمّ مثل هذه المآسي، وسوف تواصل ذلك، أوّلاً وقبل كلّ شيء من خلال المطالبة بأقصى قدر من التعاون من دول الانطلاق (التي يبحر منها المهاجرون) والدول الأصلية (التي يتحدّر منها المهاجرون)".
وعقب الحادثة المفجعة، دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، اليوم الأحد، إلى المضيّ قدماً في إصلاح حقّ اللجوء بالاتحاد الأوروبي. وعبّرت في تغريدة عن "حزنها العميق" إزاء "مأساة" غرق المهاجرين. وشدّدت فون دير لايين على وجوب "مضاعفة الجهود المتصلة بشرعة المهاجرين وحقّ اللجوء".
I am deeply saddened by the terrible shipwreck off the coast of Calabria.
— Ursula von der Leyen (@vonderleyen) February 26, 2023
The resulting loss of life of innocent migrants is a tragedy.
All together, we must redouble our efforts on the Pact on Migration & Asylum and on the Action Plan on the Central Mediterranean.
وهذه المأساة الأخيرة وقعت بعد أيام على إقرار البرلمان الإيطالي قواعد جديدة حول عمليات إنقاذ مهاجرين في البحر الأبيض المتوسط، بدفع من الحكومة التي يهيمن عليها اليمين المتطرّف. يُذكر أنّ زعيمة حزب "فراتيلي ديتاليا" اليميني المتطرّف جورجيا ميلوني قد تولّت رئاسة الوزراء بإيطاليا في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ووعدت بالحدّ من عدد المهاجرين الذين يصلون إلى بلادها.
ويهدف القانون الجديد إلى الحدّ من عدد المهاجرين الذين يُنقَلون إلى الموانئ، بعد إنقاذهم من البحر، عبر إلزام المنظمات غير الحكومية بعملية إنقاذ واحدة في خلال رحلة بحرية. لكنّ منتقدي القانون يرون أنّه يزيد من خطر موت مهاجرين في البحر الأبيض المتوسط الذي يُعَدّ أكثر المعابر خطورة في العالم.
تجدر الإشارة إلى أنّ موقع إيطاليا الجغرافي يجعلها وجهة لطالبي اللجوء العابرين من شمال أفريقيا إلى أوروبا، فيما تشكو روما منذ فترة طويلة من عدد الوافدين إلى أراضيها. وفي هذا الأإطار، أعلنت وزارة الداخلية الإيطالية وصول أكثر من 14 ألف مهاجر إلى إيطاليا منذ بداية عام 2023، مقارنة بنحو 5.300 مهاجر في الفترة نفسها من عام 2022 الماضي و4300 في عام 2021. ولا تنقذ سفن المنظمات غير الحكومية سوى نسبة صغيرة من المهاجرين الذين يصلون إلى إيطاليا، بل يُنقَذ معظمهم من قبل خفر السواحل أو البحرية الايطالية. لكنّ الحكومة تتّهم الجمعيات بتشجيع الهجرة ومهرّبي المهاجرين من خلال نشاطها.
(فرانس برس، رويترز، أسوشييتد برس)