ليبيا: إزالة عشوائيات من دون بديل للأهالي

26 أكتوبر 2021
بعد هدم مجموعة من البيوت (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

مؤخّراً، أطلقت الحكومة الليبية حملة لإزالة العشوائيات في بعض أحياء العاصمة طرابلس، وسط تساؤلات عن مصير سكانها، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً في البلاد. وركز مشروع الحكومة على حي قرقارش، غرب العاصمة، وبدأت جرافات تابعة لجهاز الخدمات العامة الحكومي جرف وهدم عشرات المساكن العشوائية في الحي بعد إفراغها من سكانها، من دون تحديد مصيرهم.
وبرّرت الحكومة قرارها قائلة إنّ الحملة استهدفت العشوائيات التي كانت وكراً للخمور وبيع المخدرات، وشبكات الدعارة، وتلك التي تحولت إلى مساكن لمئات المهاجرين السريين من الجنسيات الأفريقية. وأكد رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، عبر حسابه على "تويتر"، أنها حملة "مخططة، وتستهدف أكبر أوكار صناعة وترويج المخدرات في منطقة قرقارش". أضاف: "لن نسمح بأن تُشن حرب أخرى ضد شبابنا، وهي حرب المخدرات، وسنلاحق المجرمين في كل مناطق ليبيا".
وبعدما ظهر الدبيبة يتجول داخل الحي ويتحدث إلى الأهالي، خلال فيديو نشرته منصّة "حكومتنا"، أعرب بعضهم عن شكواهم للدبيبة بسبب خوفه على منزله من الجرافات باعتباره أنشئ خارج مخططات الحكومة، ما أثار جدلاً في أوساط الليبيين بشأن مصير الأسر التي ستفقد مساكنها. وخلال حديثه للأهالي، وعد الدبيبة أصحاب المساكن التي سيشملها الهدم بالتعويض المالي، لكن بعضهم أعرب عن امتعاضه من الوعود الحكومية التي لا تتحقق، وخصوصاً مع إصرار الحكومة على تنفيذ مشروعها.

ويؤكد فوزي الشاوش، أحد سكان الحي، أن مسؤولي الحكومة أبلغوه، كما أبلغوا عدداً من سكان الحي، بأن منزله يقع ضمن حملة إزالة العشوائيات. ويقول لـ "العربي الجديد": "سألتهم عن الجهة التي ستعوضني وكيف سيكون التعويض وقيمته؟ وكيف لهم أن يهدموا منزلي قبل تعويضي لشراء سكن بديل؟".
لكن الحكومة أعلنت في الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، عن قرارها بشأن استكمال فتح المسارات والبدء في أعمال ترميم البنى التحتية للمسارات المفتوحة في منطقة قرقارش في طرابلس، وفق المكتب الإعلامي للحكومة. وأشار إلى أن القرار جاء بعد اجتماع حكومي ضم وزير الإسكان والإعمار في حكومة الوحدة الوطنية أبو بكر الغاوي، ومسؤولين من مصلحة أملاك الدولة، بالإضافة إلى رؤساء الأجهزة الأمنية والحرس البلدي الذين طُلب منهم تأمين عمليات الهدم وإزالة العشوائيات.
ونقل المكتب الإعلامي عن الدبيبة قوله: "لا تراجع عن القرار إذ لن تعود المنطقة إلى وضعها السابق"، مستدركاً بالقول: "مع ضرورة المحافظة على حقوق الناس وتوفير التعويضات اللازمة وفق آلية عملية وسريعة".
ولتأكيد شرعية حملتها، أشارت الحكومة إلى أن وزارة الداخلية اعتقلت عدداً من المجرمين وتجار المخدرات والمهاجرين السريين أثناء حملة مداهمة للحي، ما أثار قلق الأمم المتحدة التي كشفت النقاب عن إصابة ما لا يقل عن 15 مهاجراً، ستة منهم إصاباتهم خطيرة، أثناء حملة المداهمة.

الحكومة باشرت إزالة العشوائيات (محمود تركية/ فرانس برس)
الحكومة باشرت إزالة العشوائيات (محمود تركية/ فرانس برس)

يوافق الشاوش على أسباب حملة المداهمة، إلا أنه يؤكد رفضه إخلاء البيوت من سكانها بغرض هدمها وتحديث المنطقة، من دون إيجاد حلول لسكان تلك البيوت.
وتداولت منصات التواصل الاجتماعي فيديوهات تظهر قيام جرافات الحكومة بهدم منازل لمواطنين من سكان الحي، وأخرى تظهر جرف مساكن من صفيح كان يقطنها مهاجرون سريون.
من جهتها، تلفت سمية عياد، من أهالي المنطقة، إلى أن قرار تنمية المنطقة صدر عام 2000، وكان يفترض أن ينفذ فور صدوره. وتسأل: "هل ننتظر كل هذه السنوات ونسكن على قارعة الطريق؟ بنينا بيوتاً لنسكن وأسرنا ولن أنتظر الحكومة لتنفيذ مشروعها"، مؤكدة أن المسؤولية تقع على الحكومة وليس على المواطن الذي يحتاج مسكناً. تتابع في حديثها لـ "العربي الجديد": "بعد عشرين سنة، تأتي الحكومة لتحاسبني على عدم تقيدي بقراراتها السابقة"، مشيرة إلى أن "قرار الحكومة حدد التعويض بـ 1500 دينار (نحو 330 دولاراً) للمتر المربع الواحد، قائلة إنه "سعر لن يمكن المواطن من شراء مسكن حتى في أقصى ضواحي طرابلس".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويعتبر حي قرقارش من أكثر أحياء العاصمة اكتظاظاً بالسكان. ويسأل الشاوش: "ماذا بشأن سكان الأحياء الأخرى في طرابلس ففيها الكثير من العشوائيات؟". يضيف: "أعتقد أن قرار الحكومة عشوائي إذ لم تبادر إلى خلق بدائل قبل تنفيذ المشروع. كما أن دفع تعويضات للسكان سينعكس سلباً ويرفع الأسعار بشكل كبير ويتسبب في أزمة سكن حقيقية في البلاد".

المساهمون