لهذه الأسباب فشلت الوساطة المجتمعية بين إدارة جامعة بيرزيت ونقابتها

03 أكتوبر 2022
أزمة يتواصل معها تعليق الدوام في الجامعة منذ 42 يوماً (العربي الجديد)
+ الخط -

عادت من جديد الأزمة بين إدارة جامعة بيرزيت شمال رام الله ونقابتها، بعد أن سادت أجواء إيجابية ليلة أمس بتعليق الهيئة الإدارية لنقابة العاملين في الجامعة الإضراب عن الطعام لمدة 48 ساعة، إثر موافقتها على نص توضيحي ملحق بمبادرة لجنة الوساطة المجتمعية لحل المشكلة التي يتواصل معها تعليق الدوام في الجامعة منذ 42 يوماً.

ودعت إدارة الجامعة ظهر اليوم الإثنين، أعضاء الهيئتين الأكاديمية والإدارية لاستئناف العمل والتحضير للتعليم غداً الثلاثاء، في ضوء انتهاء تعليق العمل الذي أعلنه مجلس الأمناء، إذ سيجري إعداد وإعلان تقويم أكاديمي جديد؛ رغم عدم التوصل لاتفاق نهائي حول مبادرة لجنة الوساطة.

وفي المقابل، دعت نقابة العاملين إلى اجتماع للهيئة العامة غداً الثلاثاء، في الجامعة بعد انتهاء الأسبوع الذي أغلقت فيه الجامعة؛ لتداول الخطوات النقابية القادمة.

وعلّق مصدر من داخل لجنة الوساطة على التطورات الأخيرة، في حديث لـ"العربي الجديد"، فضل عدم ذكر اسمه، بالقول إن "إدارة الجامعة تعرقل الوصول لاتفاق، وتعيد بالشروط الواردة في رسالتها للجنة الوساطة، الأمور إلى المربع الأول مما يعيق التوصل لاتفاق ويعيق المبادرة".

وفي ظل ذلك، قرر وزير العمل الفلسطيني نصري أبو جيش، إحالة نزاع العمل بين الطرفين إلى لجنة توفيق، وطلب من الإدارة والنقابة تسمية عضوين عن كل منهما لتشكيل اللجنة، بعد فشل مندوب التوفيق في حل النزاع، حيث تشكل برئاسة موظف من الوزارة وعضوين يسميهما كل طرف.

فشلت المبادرة المجتمعية المنبثقة عن 21 مؤسسة مجتمع مدني ونقابة، إضافة لشخصيات وطنية واعتبارية وخريجين من الجامعة؛ رغم وجود إعلان موافقة من النقابة وموافقة بشكل مبدئي من الإدارة.

تتلخص المبادرة التي قدمتها اللجنة الخميس الماضي، بالاتفاق على مبدأ التحكيم، ووقف إضراب النقابة، وإلغاء جميع الإجراءات المتخذة من قبل إدارة الجامعة أثناء الإضراب، على أن تكون موضوعات التحكيم؛ مسألة الخلاف على البند المتعلق بزيادة 15% على الراتب الأساسي وكيفية تطبيقه، ومسألة التأمين الصحي في الجامعة.

ويتركز الخلاف الحالي حول البند الأول من المبادرة؛ وتحديدا نقطة: "إلغاء الإجراءات المتخذة من قبل إدارة الجامعة أثناء الإضراب".

وتشير مصادر "العربي الجديد" إلى أن اللجنة ضغطت على النقابة للقبول بالمبادرة، دون أي ملاحظات، ثم ذهبت بها كما هي للإدارة بموافقة النقابة، تلك المعلومة أكدها أيضا عضو الهيئة الإدارية للنقابة سامح أبو عواد الذي قال لـ"العربي الجديد" إن اللجنة رفضت سماع أي ملاحظات على المبادرة وطالبت الحصول على موافقة عليها أو رفضها، فوافقت النقابة؛ رغم وجود ملاحظات أهمها أن النقابة تملك الوثائق على أحقية مطالبها، ووافقت على إحالة أهم مطلبين للجنة التحكيم.

أما إدارة الجامعة فأعطت موافقة مبدئية، وعقدت اجتماعا مع أعضاء اللجنة امتد لساعات، وطلبت توضيحات شفوية حول ماهية التحكيم؛ ومسألة "التراجع عن الإجراءات"، وأعلنت في بيان لها، أنها ستتعامل مع الإجازات وفقا للقانون والأنظمة؛ إلا أنه يمكن دراستها بما يراعي مصلحة العمل.

وفق مصادر في لجنة الوساطة، طلبت الجامعة كذلك توضيحا خطيا من اللجنة، لتقدم ذلك التوضيح السبت؛ والذي شمل إلغاء الإجراءات أثناء الأزمة، أي "الإجراءات المتعلقة بالإضراب بما فيها الراتب والإجازات"، وحول التحكيم ورد: "تشكيل لجنة تحكيم مجتمعية تتكون من خمسة أشخاص؛ حيث يرشح كل طرف محكمين اثنين، ويختار المحكمون الأربعة المحكم الخامس المرجّح".

وفي نهاية رسالة لجنة الوساطة؛ ورد النص التالي: "تنتظر الاستجابة والموافقة الواضحة على جميع بنود المبادرة من أجل المباشرة بالعودة إلى فتح الجامعة وانتظام الدوام".

وردت الجامعة برسالة توضيحية حول قضية "الإجراءات" الواردة في المبادرة؛ أن الإجراءات التي اتخذت أو يمكن أن تتخذ على ضوء تعليق العمل والتعليم لا تتعلق بردود فعل أو عقوبات، بل هي تعامل اضطراري ناتج عن نفاذ الوقت بالنسبة للتقويم الأكاديمي ونقص السيولة (في إشارة إلى صرف الجامعة سلفة 50% من راتب شهر سبتمبر/ أيلول).

وأشارت الجامعة في رسالتها إلى أن الأمر يتطلب تفهما من العاملين وممثليهم لصيغة تمكن الجامعة من تعويض الفاقد في العمل الأكاديمي والإداري، نتيجة تعطل الدوام، وبناء عليه فهي اعتبرت الإجراءات ليست اختيارية ولا يمكن إلغاؤها.

بعد تلك الرسالة انتظرت لجنة الوساطة الرد النهائي من الجامعة والذي قدم بعد ظهر أمس الأحد، وبناء على ذلك الرد صاغت ورقة توضح البند الأول من مبادرتها، وانتقلت بها إلى النقابة لتجتمع معها مساء أمس لساعات، قبل أن تقدم اللجنة الصيغة النهائية للتوضيح، والتي وافقت عليها النقابة.

توافق النقابة على تعويض الفاقد الأكاديمي، بل وإن أطرافا فيها تؤكد أنها كانت قد قامت بذلك في إضرابات نقابية في سنوات سابقة، لكنها ترفض أن يتم الخصم من إجازات الموظفين الإداريين بدعوى تعويض الفاقد الإداري؛ لأن ذلك بمفهومها يعني معاقبتهم على الانخراط في العمل النقابي، وهو ما يجرم العمل النقابي وخالف اتفاقا سابقا مع الجامعة يمنع معاقبة أي موظف على خلفية نشاط نقابي.

خلال اجتماع أمس الأحد، ضغطت اللجنة على النقابة لوقف الإضراب، كبادرة حسن نية، وهو طلب تقدم به في الاجتماع الأب عطا الله حنا، وقال أحد أعضاء اللجنة خلال الاجتماع الموثق بفيديو نشره عضو اللجنة ماجد العاروري: "أعطونا هذا الأمر لنملك شيئا نضغط به على الإدارة"، ووافقت النقابة وأعلنت تعليق الإضراب لـ48 ساعة.

وجاء في الملحق التوضيحي: "تم الاتفاق على ماهية التحكيم بتشكيل هيئة تحكيم خماسية مسترشدة بقانون التحكيم الفلسطيني، وتم الاتفاق على أن ما تبقى من راتب شهر سبتمبر/ أيلول هو دين مستحق للعاملين".

أما بخصوص الإجازات وإجراءات الجامعة فنص الملحق: "تم الاتفاق على أن الإدارة ستعيد جدولة التقويم الأكاديمي وتعويض الفاقد الأكاديمي ومتطلباته الإدارية، وسيلتزم العاملون بالتعاون بما يتعلق بانعكاسات جدولة التقويم على كل من الكادر الأكاديمي والإداري حسب مقتضيات ومصلحة العمل وفق مبدأ التشاركية والعدالة والمساواة في تحمل المسؤولية بما لا يمس بحقوق العاملين وبإجازاتهم".

وكان رد إدارة الجامعة برسالة إلى العاملين؛ جاء فيها أنها كانت أبدت الاستعداد للتوقيع على توضيح من شأنه استئناف الدوام، "لتفاجأ بإرسال الهيئة الإدارية للنقابة تعديلات جوهرية تفرغ رسالة التوضيحات من مضمونها وتخرجها عن سياقها".

وتعود الأزمة إلى أحد مطالب النقابة اعتبار نسبة 15% من الراتب؛ ضمن الراتب الأساسي بما يعنيه من حقوق كاملة خصوصا على الراتب التقاعدي، بدلا من صرفه كمبلغ مقطوع كما هي الحال الآن، وهي نسبة أضيفت للراتب بعد اتفاق عام 2016 بين إدارات ونقابات خمس جامعات فلسطينية.

لكن الإدارة تعتبر أن المطلب غير محق لوجود محضر اجتماع بين النقابة والإدارة وقع عليه الطرفان عام 2016 يفسر كيفية صرف تلك النسبة، وأن وزارة العمل أوضحت أن الإدارة أوفت بالتزاماتها.

بينما تؤكد النقابة أن المحضر المذكور لا يرقى لاتفاق، وهو أقل من الاتفاق الأساسي، وكان سريا غير معلن، وتشير إلى وجود رسالة من وزير العمل إلى وزير التعليم العالي يؤكد ضرورة التزام الجامعات بضم الـ15% إلى الراتب الأساسي، لكن رئيس مجلس أمناء جامعة بيرزيت حنا ناصر خلال مؤتمر صحافي الثلاثاء الماضي وفي رد على سؤال لـ"العربي الجديد" قال إن وزير العمل وقع هذه الرسالة قبل حصوله على كامل المعلومات، وسبقت رسالة الوزارة للنقابة.

المساهمون