صرّح مسؤول الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، مارك لوكوك، بأنّ عدم تمكن الدول الفقيرة من الحصول على لقاح فيروس كورونا، سيساهم في استمرار العدوى في الدول الأوروبية الأكثر ثراءً لسنوات.
وقال بحسب صحيفة "ذا غارديان" البريطانية :"إنّه من غير المرجح أن تحصل الدول الفقيرة على لقاحات فيروس كورونا قبل النصف الأخير من العام المقبل، ما يعني أنّ الدول الأوروبية الأكثر ثراءً قد تظلّ عرضة لموجات جديدة من العدوى لسنوات، ومن المحتمل أن تبقى حتى عام 2022".
وأكّد أنّ الدول الفقيرة ستحصل على كميات صغيرة من اللقاح، سيتمّ توزيعها في الربع الثاني من العام المقبل، إلّا أنّ هذه الكميات لا تكفي لتلقيح جميع أفراد السكّان لهذه الدول.
توقع لوكوك أن تشكّل أماكن النزاعات، والدول الهشّة والضعيفة، بيئة حاضنة أقوى لبقاء الفيروس، وهو أمر يؤدي إلى فشل محاولات القضاء على الفيروس.
في المقابل، لم يخفِ لوكوك، بحسب الصحيفة، خوفه من أن يتحوّل موضوع اللقاحات إلى سباق بين الدول، مشيراً إلى أنّ الدول التي تتمتع بسيولة مالية ستدفع بالتأكيد قدراً أكبر من الأموال للوصول إلى اللقاح، فيما تبقى الدول الأفقر في نهاية قائمة الانتظار.
وأضاف لوكوك أنّه من المفهوم أن تسعى الدول التي مولّت أبحاث اللقاحات وتصنيعها إلى الوصول لها أولاً، لكنّه حذّر من أنّ قومية اللقاحات ستؤدي إلى نتائج عكسية وتؤدي إلى هزيمة الذات.
دور الأمم المتحدة
تقود الأمم المتحدة، مع تحالف اللقاحات Gavi، برنامجاً يُعرف باسم "كوفاكس" -وهو شراكة صحية عالمية بين القطاعين العام والخاص، يهدف إلى زيادة الوصول إلى التحصين في البلدان الفقيرة - تمكّن حتى الآن من تأمين 700 مليون جرعة من اللقاحات لتوزيعها في 92 دولة من البلدان ذات الدخل المنخفض، ولكن مع ذلك، المشكلة لا تزال ضخمة.
وبحسب مارك لوكوك، فإنّ التحديات التي تواجهها الدول الضعيفة لا تتعلّق فقط بغياب الأموال، إنّما أيضاً بالتحديات اللوجستية.
وتعتمد الدول الفقيرة بشكل كبير على المنظمات غير الحكومية أو منظمة اليونيسف أو منظمة الصحة العالمية للمساعدة في تنفيذ برامج التحصين الخاصة بها، وفي حال فشل"كوفاكس" في مهتمه سيشكّل ذلك تحدياً كبيراً للدول من جهة، وللأمم المتحدة من جهة أخرى، بحسب ما يراه لوكوك.
ولتفادي هذه المشكلة، يقترح لوكوك تخصيص أموال خاصة من داخل "كوفاكس" لضمان تلقي اللاجئين والنازحين داخلياً في الأوضاع الإنسانية التي لا يغطيها بالضرورة برنامج التطعيم في بلد ما، المساعدة. وبحسب ما يقول، فإن هناك 1% من سكّان العالم - 60 مليون شخص - يعيشون الآن في بيئات لم يكونوا فيها تحت سيطرة أو سلطة حكومة، ولكن بدلاً من ذلك تحت سيطرة معارضة متطرفة أو جماعة إجرامية.
لم يخفِ أيضاً لوكوك مخاوفه من أن يكون هناك تحويل من أموال برامج التطيعمات إلى برنامج "كوفاكس"، بسبب نقص الموارد المالية للبرنامج، ما يؤدي إلى نقص في برامج التحصين التقليدية، وهذا سيخلق مشكلة ثانية.
وقال: "كان هناك تآكل كبير في التحصينات الروتينية هذا العام مع عواقب حقيقية على الأمراض الفتاكة مثل الدفتيريا والحصبة، التي تمّت حماية الأطفال منها إلى حدّ كبير في السنوات الأخيرة، وهذا العام، لم يحصل 80 مليون طفل، في الربيعين الثاني والثالث، على التطعيم في الوقت المحدد. هذه مشكلة حقيقية الآن".
بصفته السكرتير الدائم السابق لوزارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة، تحدى لوكوك أيضاً حكومة المملكة المتحدة لتوضيح ما تنوي خفضه عن طريق تقليل الحجم الكلي لبرنامج المساعدات الخارجية البريطانية إلى 0.5 % فقط من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021، وهو تخفيض سيصل إلى 5 مليارات جنيه إسترليني من برنامج المساعدة البالغ 15 مليار جنيه إسترليني.
مخطط كوفاكس
يهدف مخطط "كوفاكس" إلى تقديم ما لا يقلّ عن ملياري جرعة من اللقاح بحلول نهاية عام 2021 لتغطية 20% من الأشخاص الأكثر ضعفاً في 91 دولة، معظمها في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، وبحسب تقرير سابق لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية، فإنّ الوثائق الداخلية للمخطّط تشير إلى أنّ البلدان الفقيرة ستواجه مخاطر"عالية جدًا" بسبب عدم حصولها على اللقاح، مما قد يترك ملايين الأشخاص دون الحصول على اللقاحات حتى وقت متأخر من عام 2024.
لتحقيق هدفها المتمثل في تلقيح ما لا يقل عن 20% من الناس في البلدان الفقيرة، العام المقبل، تقول "كوفاكس"، "إنها تحتاج إلى 4.9 مليارات دولار بالإضافة إلى الـ2.1 مليار دولار التي جمعتها بالفعل".
وبحسب اجتماع عُقد في 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي، رأى تحالف اللقاحات Gavi أنّ البرنامج يعاني من نقص الأموال ومخاطر التوريد والترتيبات التعاقدية المعقدّة، ما قد يجعل من المستحيل أن يحقق أهدافه، واعتبر أنّ مخاطر الفشل باتت عالية جداً.