بعدما كشفت السلطات الأمنية والصحية في محافظة بابل وسط العراق عن تقديم أحد المطاعم لحم حمير إلى زبائنه، يتخوّف العراقيون من انتشار هذه الظاهرة أكثر. ووسط قلق المواطنين، أفادت السلطات العراقية بأنّ الحالات محصورة وبأنّ الأشخاص المتورّطين في ذلك اعترفوا بأنّهم يسرقون الحمير ويذبحونها لينتهي لحمها على موائد مطعم في مدينة الحلة، وقد أكدت أنّها أغلقت المطعم المعنيّ.
وكانت قيادة شرطة محافظة بابل قد كشفت، في مطلع شهر يناير/ كانون الثاني الجاري، عن جريمة مركّبة وفقاً للقانون العراقي عمدت، خلالها عصابة مؤلفة من ثمانية أشخاص بسرقة حمير. وقد تمكّنت الشرطة من إلقاء القبض على ثلاثة منهم، في حين أنّ الأجهزة الأمنية ما زالت تلاحق الآخرين.
وأعلنت محافظة بابل تشكيل لجنة من دائرة الرقابة الصحية ومديرية الجريمة المنظمة ودائرة البيطرة ودائرة البيئة وقيادة الشرطة، بقرار من قاضي التحقيق، على أن يُصار إلى أخذ عيّنات من لحوم المطعم الذي أُغلق والكشف على اللحوم في مطاعم أخرى. وذكرت اللجنة في بيان أنّ "هذه القضية تُعَدّ من القضايا الخطرة التي تهدّد صحة المواطنين"، لا سيّما أنّ تناول لحم حمير قد يسبّب أمراضاً من قبيل "التسمم الغذائي والأمراض الفيروسية".
وفي هذا الإطار، قال مسؤول محلي في محافظة بابل لـ"العربي الجديد" إنّ "تقديم لحم حمير في مطاعم محافظة بابل حالة فردية، وهذا لا يعني أنّ المحافظة مهدّدة صحياً أو بيئياً بهذا الأمر". أضاف أنّ "استخدام لحم حمير أمر ممنوع قانوناً، وبالتالي فإنّ هذا يمثّل تجاوزاً على القانون مع تعريض حياة العراقيين للخطر. لكنّ التهويل الإعلامي بشأن هذه الحادثة كان مبالغاً فيه، مع العلم أنّ مثل هذه الواقعة تحصل في دول عدّة".
وفي يونيو/ حزيران من العام الماضي، سُجّل جدال حول قضية الاتجار بلحم الحمير في العراق، بعد تقارير أكدت ضبط 50 حماراً في ملحمة بضواحي مدينة الموصل (شمال)، والعثور على كميات من لحم حمير في مطعم أغلقته السلطات في مدينة النجف (جنوب)، فيما أعلنت السلطات الصحية بمحافظة السليمانية (شمال شرق) اعتقال قصّاب وُجّهت إليه تهمة نحر حصان وبيع لحمه على أنّ مصدره بقرة.
وبحسب ما أفادت الأجهزة الأمنية حينها، فإنّ المتورطين بتلك الجرائم كان يبيعون لحم حمير بمبالغ أقلّ من لحم الأغنام والأبقار، بعد خلطها بلحوم أخرى وتوابل، بالإضافة إلى استخدام عدد من المطاعم هذا النوع من اللحوم بسبب ارتفاع الأسعار في العراق. ففي حين كان كيلوغرام اللحم يُباع بنحو 13 دولاراً أميركياً، فإنّ كيلوغرام لحم الحمير يُباع بنحو 5 دولارات.
من جهته، قال عضو لجنة المتابعة في وزارة الصحة العراقية إسحاق محمد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "التهويل الإعلامي والمبالغة في تغطية خبر تقديم لحم حمير دفعا الناس إلى الخشية من المطاعم، مع العلم أنّ الوضع غير مقلق وأنّ وزارة الصحة تتابع باستمرار المطاعم وتقوم بزيارات مستمرّة وبفحوص متكرّرة للحوم وصلاحية المواد الغذائية فيها". أضاف لـ"العربي الجديد" أنّ "الحالات التي سجّلناها قليلة، وثمّة قوانين تحاسب المتجاوزين على القانون سواء من أصحاب المطاعم أو في محال بيع اللحوم".
وتابع محمد أنّ "فرق الوزارة ودوائره تعتمد على بلاغات المواطنين بصورة كبيرة، بالإضافة إلى المتابعة الفعلية. ولدينا تنسيق عالٍ مع جهاز الأمن الوطني والقضاء في هذا الشأن"، مشيراً إلى أنّ "الوزارة تنشر إعلانات متكرّرة بهذا الخصوص، تتعلق بالفارق ما بين لحوم الأغنام والأبقار مقارنة بلحوم الحمير، من بينها أنّ لحوم الحمير تميل إلى اللون الأزرق، كما أنّ رائحتها تختلف قليلاً عن رائحة بقية أنواع اللحوم، وهي كذلك قليلة الدهون".
ويعاقب القانون العراقي وفقاً للمادة 146 بالسجن ما بين 7 أعوام و10 كلّ من "يثبت بيعه لحوم حيوانات حمير أو كلاب باعتبارها لحوماً صالحة للاستهلاك البشري، كما يمكن تشديد هذه العقوبة بحسب دناءة الجريمة التي تحتوي على احتيال وخداع وتضليل واستغلال للنوايا الحسنة للناس".