بدأ لبنان، الخميس، مرحلة إقفال جديدة هي الأشد منذ التعبئة العامة الأولى، التي اعتمدها في مارس/آذار الماضي، لمواجهة انتشار فيروس كورونا، بعدما فقد السيطرة تماماً على الوباء، متجاوزاً أرقاماً غير مسبوقة في أعداد الإصابات والوفيات تفوق قدرة القطاع الصحي على التحمّل والاستجابة.
وشهدت غالبية المناطق اللبنانية التزاماً شبه تام في اليوم الأوّل على إعلان حال الطوارئ الصحية، التي تستمرّ حتى صباح الإثنين 25 يناير/كانون الثاني الجاري، وفرْض حظر تجوّل شامل فيما عدا قطاعات محدّدة، بعكس المرّات السّابقة، حيث شهد الإقفال الأخير الذي تقرّر قبل أسبوع حتى الأوّل من فبراير/شباط المقبل عدة اختراقات، وتم تعديله بإجراءات أكثر تشدداً مع تضييق رقعة المؤسسات المسموح لها بفتح أبوابها، في ظلّ تجاوز الإصابات حاجز الخمسة آلاف إصابة، وبلوغ المستشفيات قدرتها الاستيعابية القصوى.
جولة بسيطة في #بيروت تُظهر حجم الالتزام بالإقفال العام#الإقفال_التام#لبنان pic.twitter.com/uJToYzxedN
— mhamad allouche (@mhamadallouch) January 14, 2021
في المقابل، سُطّرت محاضر ضبط في عددٍ من البلدات لمؤسسات ومحال مخالفة لقرار الإقفال التام، كما قال مصدر في قوى الأمن الداخلي لـ"العربي الجديد"، وشهدت طرقات رئيسة زحمة سير ولا سيما في ساعات الصباح الأولى، وكانت دوريات منتشرة وحواجز ثابتة رصدت السيارات المخالفة.
دوريات مشتركة في الشياح ، وسوق حي السلم مقفر. #الإقفال_التام pic.twitter.com/dF35wvQq59
— ﮼مـصـدر ﮼مسـؤول (@MMas2ool) January 14, 2021
ولا يزال عدّاد الإصابات يشهد ارتفاعاً كارثياً منذ فترة ما بعد الأعياد، فيما تخطّت حالات الوفاة اليومية عتبة الثلاثين حالة في أربع وعشرين ساعة فقط، من دون أن يستثني الوباء أي فئة عمرية، خاطفاً اليوم شباباً بعمر الورد، بينهم مريض لم يكن يشكو من أي أمراض أخرى، أو مشاكل صحية، بحسب ما يؤكده مصدر لـ"العربي الجديد" في مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت، حتى أنهّ "لا يدخّن ويحافظ على صحته ويمارس الرياضة باستمرار، ومع ذلك تغلّب عليه كورونا".
ع هيدا التخت توفى اليوم شب عمرو ٢٣ سنة بكورونا.. حسب قول الطبيب ما بيشكي من شي وما بدخن وشخص رياضي كثير... ايمتى بدنا نخلص من هالكابوس ؟ #كورونا #لبنان pic.twitter.com/hRKbZYfxMj
— Rita El Jammal (@rita_jammal) January 14, 2021
وفي الفئات العمرية لناحية الوفيات، هناك 8 حالات بين 20 إلى 29 عاماً، و25 بين 30 و39 عاماً، و549 لمرضى فوق الثمانين عاماً، علماً أنّ مجموع حالات الوفاة في لبنان لغاية يوم أمس الأربعاء بلغ 1747.
في السياق، أُدخِلَ وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال، حمد حسن، إلى مستشفى سان جورج – الحدث، محافظة جبل لبنان، لتلقي العلاج بعد تأكيد إصابته بفيروس كورونا، وطمأنت إدارة المستشفى في بيان إلى أنّ وضعه الصحي جيّد، متمنية له الشفاء العاجل.
وبينما يعيش اللبنانيون أسوأ الظروف الصحية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، ويتحمّلون تكاليف باهظة صحياً ومادياً نتيجة قرارات الإقفال المتكرّرة، وعجز السلطات عن إدارة الأزمة، ينتظر أن يعقد مجلس النواب برئاسة نبيه بري غداً الجمعة جلسة عامة لدراسة اقتراح القانون المعجل المكرر، الذي يرمي إلى تنظيم الاستخدام المستجد للمنتجات الطبية لمكافحة فيروس كورونا، وقد أنجزت لجنة الصحة مسودة قانون للاستعمال الطارئ للقاحات بصيغة المعجل المكرّر مع الأطر الطبية والقانونية على أن تقرّ في الجلسة.
وكشف مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية، وليد الخوري، في وقتٍ سابقٍ لـ"العربي الجديد"، أنّ شركة فايزر الأميركية طلبت رفع المسؤولية عنها في حال ظهور عوارض على الشخص الذي تلقّى اللقاح، باعتبار الوضع الصحيّ طارئاً، وأن التجارب كانت سريعة، وهذا الإجراء لا ينطبق فقط على لبنان، ما استوجب على وزارة الصحة اللبنانية أن تأخذ على عاتقها المسؤولية عن أي عوارض جانبية وخطرة تظهر على مستخدمي اللقاح، سواء على صعيد تكاليف العلاج، أو الدعاوى القضائية، أو أي إجراء آخر، مشيراً إلى أنّ مفاوضات تجري بالتوازي مع ذلك لشراء لقاحات من منصّة "كوفاكس" لمواجهة الوباء الذي ينتشر سريعاً.
ومن المتوقع أن يصل اللقاح إلى لبنان مطلع شهر فبراير/شباط، في ظلّ بعض الإشكاليات التي سجلت لناحية تحديد الأولويات، وحصرها بداية بالطاقمَين الطبي والتمريضي والفئات العمرية الكبيرة والمصابة بأمراض مزمنة، في حين لا يزال الغموض سيّد المشهد، لناحية المراكز التي تم استحداثها، والتدريبات المفترض إجراؤها لمن سيتولون مهمة التلقيح، وكيفية تخزين اللقاحات وفق الأصول اللازمة، وآليات طلب إجراء اللقاح وغيرها من الإجراءات المفترض أن تكون معلنة وجاهزة مع اقتراب موعد وصول الدفعة الأولى من اللقاح، التي تفوق مليون جرعة، كما هي الوعود بأول فبراير/شباط ولم يتبقَّ سوى أيام معدودة.