تساهم مبادرات الجمعيات في المخيمات الفلسطينية في خلق بعض الأمل لدى أهلها. في هذا الإطار تأتي مبادرة تعليم الفتيات مهنة فن التزيين النسائي في مخيم شاتيلا في لبنان
فرض الواقع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه لبنان في الوقت الحالي، مع ارتفاع الأسعار وتراجع سعر صرف الدولار وتفشي فيروس كورونا الذي زاد من حجم البطالة وبالتالي الفقر، تحديات إضافية على أهالي المخيمات الفلسطينية الذين يواجهون منذ سنوات طويلة الكثير من المشاكل والأزمات التي تزداد سوءاً عاماً بعد عام. من هنا، فإن المبادرات التي تقوم بها بعض الجميعات أو المنظمات أو حتى الأفراد، تكون بالنسبة للبعض بمثابة منقذ، على أمل أن تساهم في تخفيف الأعباء عن أهالي المخيمات.
حاجة أساسية
عادة ما تعيش النساء ظروفاً أكثر صعوبة نتيجة للبيئة التي تفرض عليهن ضوابط كثيرة، لتكون المشاريع الخاصة بتمكين المرأة وتطوير قدراتها حاجة أساسية وضرورية لدمجها في المجتمع. وهذا ما سعى إليه مركز الولاء للتنمية بدعم من جمعية أحلام لاجئ في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين (جنوب بيروت). في هذا الإطار، تقول مسؤولة المركز صفاء بهار التي تعود أصولها إلى مدينة صفد في الجليل، شمالي فلسطين المحتلة، والتي ولدت وعاشت في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين: "أعمل في مركز الولاء للتنمية في مخيم شاتيلا منذ ستة أعوام.
في البداية، كنا نعمل مع الأطفال ونوفر لهم الرعاية والدعم الذي يحتاجون إليه. ثم بدأنا العمل على تعزيز دور المرأة في المجتمع من خلال مشاريع التدريب المهني لتمكين المرأة مهنياً واقتصادياً. لذلك، أعددنا دراسة عن المهن التي تفيد المرأة، فوجدنا أن هناك حاجة إلى مهنة التزيين النسائي. تقدمنا بمشروع إلى جمعية أحلام لاجئ التي تموّل بعض المشاريع في المخيم من أجل تعليم فتيات ونساء هذه المهنة، علّهن يجدن فرصة عمل".
تتابع: "بعد الموافقة على دعم المشروع، أعلنّا عنه مع الإشارة إلى ضرورة أن تتقدم الفتيات والنساء (ما بين 17 و27 عاماً) الراغبات بالالتحاق بالدورة بطلبات في هذا الإطار. وبالفعل، التحقت بالدورة عشرون فتاة وامرأة من جنسيات عدة فلسطينية ولبنانية وسورية، تعيش بعضهن ظروفاً صعبة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية وحتى داخل أسرهن، ومنهن طالبات في الجامعة ما زلن يتابعن دراستهن، ويحتجن إلى المال لمتابعة هذه الدراسة".
جنسيات مختلفة
وتقول بهار إن "الدورة مجانية ومدتها ثلاثة أشهر، تحصل بعدها المشاركات على شهادة في فن التزيين النسائي والماكياج، على أن تمنح أربعة نساء من اللواتي أثبتن مهارة وتفوقاً في العمل عدة كاملة للعمل في بيوتهن". وتوضح أن "الهدف الأساسي من هذه الدورة هو تقديم شيء لمجتمعنا الفلسطيني داخل المخيم، وتوفير فرص عمل للمشاركات في الدورة. هذا ما نطمح إليه ونعمل على تحقيقه"، لافتة إلى أن "هذه الدورة لن تكون الأخيرة لأن أعداداً كبيرة من الفتيات ينتظرن الالتحاق بدورة مماثلة، ونسعى إلى الاستمرار". تضيف أن ما شجع الفتيات على الالتحاق بالدورة هو أنها مجانية كونها مدعومة من أحلام لاجئ، علماً أن كلفة تعلّم هذه المهنة مرتفعة. خلال الدورة، تتعلم الفتيات فن التزيين النسائي والماكياج، ويتوجب عليهن الحضور خمسة أيام في الأسبوع. وتشدد على أهمية إعطاء الفرص للفتيات من مختلف الجنسيات، "لا يمكننا رفض طلب أية فتاة أو امرأة بحسب جنسيتها، لأن هدف الدورة هو تأمين فرص عمل للجميع في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي لا تستثني أحداً". تضيف أن دورة كهذه تعدّ جديدة في المخيّم، ولا تتذكر أن أحداً عمد إلى تنظيم دورة مماثلة في وقت سابق "ربما لذلك، كان الإقبال عليها كبيراً".
عمل منزلي
من جهتها، تقول يارا بهلون (27 عاماً)، وهي لاجئة فلسطينية من سورية تعيش في مخيم شاتيلا، ومطلقة وأم لطفلتين، وما من معيل لها: "خلال السنوات الماضية، كنت أبحث عن مهنة أستطيع من خلالها تأمين احتياجاتي ورعاية طفلتي من دون أن أحتاج أحداً، خصوصاً أنني مسؤولة عنهما بالكامل". بعد لجوئها إلى لبنان، واجهت العديد من الصعوبات. وحين عرفت بهذه الدورة، قررت الالتحاق بها، خصوصاً أنه في إمكانها العمل من البيت من دون أن تكون مضطرة إلى البحث عن عمل في الخارج. تضيف: "في حال لم أجد عملاً في محلٍّ لتزيين الشعر، أستطيع العمل في المنزل". أما الطالبة الجامعية علا معروف (23 عاماً)، وهي فلسطينية تُقيم في مخيم شاتيلا، فتقول إنها أنهت سنتها الجامعية الأولى إلا أنها عاجزة عن متابعة تعليمها بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد. وحين علمت بالدورة، قررت الالتحاق بها خصوصاً أنها مجانية ولا تتطلب أية تكاليف مادية، علها تجد عملاً في وقت لاحق وتتابع دراستها.