عمد سجناء في سجن زحلة في البقاع اللبناني، اليوم الجمعة، إلى إضرام النيران داخل الغرف، ما تسبب بسقوط 3 قتلى وأكثر من 8 حالات اختناق في أرقام غير نهائية، حسب ما أفاد مصدر أمني "العربي الجديد".
وأكد المصدر الأمني أنّ هناك جرحى ومصابين وحالات اختناق لم يحصَ بعد عددهم النهائي، فهناك أشخاص جرى نقلهم إلى المستشفى، ولكن حتى اللحظة سقط 3 قتلى، لافتاً إلى أن السجن يضمّ نحو 600 نزيل، والتحقيقات ستجرى لمعرفة ما حصل وخلفياته وماهيّة ما حدث.
وهرعت آليات الدفاع المدني إلى المكان لإطفاء الحريق الذي امتد إلى الطوابق العليا في مبنى السجن، وتستخدم لأجل ذلك آلات القص الهيدروليكية لإنقاذ المصابين، فيما سجل انتشار أمني كثيف في محيط المبنى، وتوافد لأهالي السجناء للاطمئنان على أولادهم.
ويتابع وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي مجريات الوضع، وأجرى لهذه الغاية اتصالات بكل من قائد الجيش العماد جوزيف عون متمنياً تأمين المؤازرة وحماية محيط السجن، ومدير عام الدفاع المدني العميد ريمون خطار لتعزيز وحدات الدفاع المدني التي تعمل على إطفاء الحريق وإخلاء السجناء من داخل الغرف.
كما تلقى مولوي اتصالاً من المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان الذي وضعه بآخر المستجدات.
وكلّف مولوي، بحسب بيان صادر عنه، محافظ البقاع القاضي كمال أبو جودة متابعة الإجراءات الميدانية وما يحدث على الأرض، ولا سيما لجهة إخلاء السجناء وإسعاف المصابين منهم.
من جهتها، أصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي لاحقاً، بياناً أوضحت فيه أنه "حوالي الساعة 12.30 من تاريخ اليوم توافرت معلومات لإدارة سجن زحلة في وحدة الدرك الإقليمي عن التحضير لعمليّة فرار من خلال حفرة في حائط إحدى الغرف. على الفور، توّجهت قوّة للكشف على الغرفة المذكورة، ولدى اقترابها من مكان وجود الحفرة المخفيّة داخل خزانة خشبيّة ومغطّاة بقطعة من القماش، حصلت عمليّة اعتراض من قبل بعض السجناء الموجودين فيها، وقاموا باحتجاز ضابطين وعنصر. وبعد مقاومتهم، تمكّنت القوّة من الخروج من المكان".
نتيجة إحباط قوى الأمن الداخلي عمليّة التحضير للفرار من سجن زحلة، قام عدد من السجناء بافتعال حريق أدّى إلى سقوط ضحايا، بسبب تنشقّهم الدخان الكثيف.https://t.co/Zu9beMgjqx#قوى_الامن pic.twitter.com/MWRFTFdomQ
— قوى الامن الداخلي (@LebISF) October 6, 2023
وأضافت: "نتيجة لإحباط التحضير لعمليّة الفرار، بدأوا بحرق الأمتعة و"الفرش" داخل جزء من غرف الطابق الثاني، ما أدى إلى تسارع الحريق وانتشار الدخان الكثيف في الطابق المذكور. عندها، حضرت القوى السيّارة وقطعات سريّة زحلة، وسيطرت على أعمال الشغب داخل السجن، وبدأت بإنقاذ السجناء الذين تعرّضوا لاستنشاق الدخان، وجرى نقلهم من قبل الدفاع المدني والصليب الأحمر إلى مستشفيات المنطقة، وجرى إخماد الحريق".
وأشارت إلى أنه نتج عن استنشاق الدخان وفاة 3 سجناء، وهم علي محمّد المصري (مواليد عام 1977، لبناني)، وإبراهيم حمد علّام (مواليد عام 1986، لبناني)، ومحمّد علي الحاج حسين (مواليد عام 1999، لبناني)، كما أصيب 16 نزيلاً، بسبب تنشقّهم الدخّان ويعالجون في المستشفى، وحالتهم مستقرّة والتحقيق جارٍ بإشراف القضاء المختصّ.
وتعاني سجون لبنان من مشاكل سوء التغذية والاكتظاظ وتدني مستوى الرعاية الصحية والنظافة، الأمر الذي ضاعف عدد المرضى والوفيات في الفترة الأخيرة، وخصوصاً بعد الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد عام 2019، وانسحبت بشكل كبير على حال السجون.
وقد ضاعفت الأزمة معاناة السجناء الذين يتمرّدون كل فترة ويعمدون إلى تنظيم احتجاجات، تتطور في أحيانٍ كثيرة إلى أعمال شغب وإضرابات عن الطعام بهدف تحسين أوضاعهم وظروفهم، وتأمين أبسط حقوقهم الإنسانية، ولتحقيق مطالب عدة يرفعونها، منها إقرار قانون العفو العام، والبت في ملفات الموقوفين غير المحكومين.
وتبلغ الطاقة الاستيعابية لمراكز الاحتجاز في جميع أنحاء لبنان 4760، لكنها تستوعب حالياً حوالي 8502 شخص، 1094 فقط منهم محكومون، وفقاً لتقرير صادر عن الداخلية اللبنانية.
وسبق أن دعت أكثر من منظمة دولية، بينها "هيومن رايتس ووتش"، السلطات اللبنانية إلى اتخاذ خطوات عاجلة لتخفيف الاكتظاظ.
وقال رمزي قيس، باحث لبنان في "هيومن رايتس ووتش"، إنه "رغم تخصيص ملايين الدولارات لتحسين أوضاع السجون في لبنان، لا تزال معاملة السجناء وظروف احتجازهم بائسة، وينبغي على السلطات اللبنانية بشكل عاجل وضع وتنفيذ خطط فورية وطويلة الأمد لتصحيح الوضع في السجون وضمان حقوق الناس".
وهناك 25 سجناً في لبنان، بينها 22 محلية و3 مركزية توجد في رومية (شرق بيروت) وزحلة (البقاع) وطرابلس (شمال)، في حين أن 57.5 في المائة من السجناء والموقوفين لبنانيون، و29.2 في المائة من السوريين، و13.3 في المائة من جنسيات أخرى، بحسب تقرير سابق صادر عن وزارة الداخلية اللبنانية.