استمع إلى الملخص
- أشار منسق الأمم المتحدة إلى أن 3.7 ملايين شخص في لبنان متأثرون بالأزمة السياسية والاقتصادية، مع تزايد الشعور بعدم اليقين بسبب الغارات الجوية والنزوح القسري.
- أكد محللون أن الحرب النفسية الإسرائيلية تنتهك القانون الإنساني وتزيد الخوف، بينما يحذر وزير الاقتصاد السابق من تدمير الاقتصاد اللبناني وتفاقم الوضع الاجتماعي.
خلال مرحلة ما قبل التصعيد العسكري الإسرائيلي الأخير في لبنان، والتي شملت في المرحلة الأولى المناطق الحدودية في الجنوب قبل أن تتوسّع إلى بيروت وتؤدي إلى نزوح عشرات آلاف السكان، تحدث عاملون إنسانيون عن احتياجات أكثر تعقيداً في هذه المناطق ترتبط بالخسائر الفادحة التي تعرّض لها السكان بعد تدمير ممتلكاتهم وأراضيهم وإجبار معظمهم على الابتعاد عن منازلهم وأحيائهم.
وكتب موقع منظمة "إنترسوس" الإنسانية عن مرحلة ما قبل التصعيد العسكري الإسرائيلي الكبير في لبنان، والتي تلت اندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي: "لاحظنا أعراضاً خطيرة للضائقة النفسية لدى الأطفال خصوصاً، وأيضاً لدى نساء ورجال. وكانت هناك زيادة واضحة في حوادث العنف المنزلي، كما أدارت العديد من النساء شؤون أسرهن بمفردهن لأن أزواجهن انتقلوا إلى أماكن أخرى بحثاً عن عمل. إلى ذلك، ظل إغلاق المدارس من بين المشاكل الرئيسية، إذ أدى غياب الأنشطة التعليمية أو الترفيهية إلى أسوأ أشكال عمالة الأطفال، ولاحظنا وجود العديد من الأطفال في شوارع خطرة، حيث كانوا يجمعون بلاستيكاً وحديداً ومواد أخرى لبيعها".
وكان منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية عمران رضا قد قال في 20 أغسطس/ آب الماضي، أي قبل نحو عشرة أيام من دخول لبنان شهر التصعيد الذي يتوسّع يوماً بعد آخر: "وصل عدد المحتاجين في لبنان إلى 3.7 ملايين، ومن بين المتضررين من الأزمة لبنانيون وسوريون وفلسطينيون ومهاجرون آخرون دُمّرت سبل عيشهم، وأثرت على المياه والكهرباء والرعاية الصحية. ويعاني الأطفال والآباء من صدمة نفسية، في حين أدى الصراع إلى تآكل قدرة الدولة اللبنانية على معالجة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية".
أضاف: "حتى قبل الحرب في غزة كان لبنان في دوامة هبوط تتسم بأزمة سياسية ومالية واجتماعية واقتصادية طويلة الأمد".
ومع انتقال الحرب النفسية الإسرائيلية الحالية على اللبنانيين من مرحلة بث الخوف في المجتمع إلى مرحلة ربط النتائج بالعمليات العسكريات الميدانية والتهديدات وآثارها المدمّرة التي أجبرت الناس على النزوح، تكرّس الشعور بعدم اليقين لدى اللبنانيين الذي يقودهم إلى أدنى درجات الإحباط والقلق من الآتي.
وقالت الخبيرة في تحليل سياسات الصحة السلوكية لارا شيحا، لموقع معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، وهو منظمة غير حزبية وغير ربحية مكرسة لرفع مستوى الوعي حول التحولات الديمقراطية في الشرق الأوسط: "يعيش كثيرون في لبنان، خصوصاً في مناطق الجنوب، منذ أشهر في حالة ثابتة وطبيعية من فرط التحفيز والقلق في انتظار حدوث شيء ما في أي لحظة ومواجهة أوضاع أسوأ، علماً أن كثيرين من أعمار مختلفة اعتادوا على الحرب النفسية، ومن بينهم أطفال ولدوا بعد حرب تموز (يوليو) 2006، لكن التأثيرات النفسية أكبر اليوم في ظل الغارات الجوية والاضطرار إلى النزوح".
ويتحدث محللون عن التأثيرات السلبية الكبيرة للبعد النفسي غير المبلغ عنه في الحرب الحديثة، ويقولون: "مع فقدان الأرواح وتدمير أحياء بكاملها يجري تذكير السكان باستمرار بالوضع الأمني الهش الذي يعيشون فيه. وهذا ما حصل أيضاً في أشهر ما قبل التصعيد الكبير الحالي من خلال تحليق الطائرات الحربية الإسرائيلية فوق رؤوس المواطنين، أو سماع الطنين المستمر للطائرات بلا طيار، أو الغارات الوهمية طوال اليوم، أو الخطاب التهديدي من خلال القنوات الإسرائيلية الرسمية وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي".
ويشير هؤلاء إلى أن "القتال النفسي الإسرائيلي ينتهك المادة 51 (2) من القانون الإنساني الدولي للنزاعات المسلحة الدولية الذي يحظر التهديد بالعنف بغرض نشر الرعب بين السكان المدنيين. من هنا يكرر المجتمع الدولي خلال دعواته إلى التهدئة في لبنان إدانته الحرب النفسية التي تشن في الوقت نفسه على المدنيين اللبنانيين الذين يعيشون في حالة دائمة من الخوف من التصعيد وتعطل حياتهم اليومية بشكل دائم".
وكان موقع ذا ناشيونال قد نقل، في تقرير نشره في 24 سبتمبر/ أيلول الماضي، عن وزير الاقتصاد اللبناني السابق ناصر السعيدي قوله إن "توسيع الصراع في لبنان الذي يترافق مع ضرب البنى التحتية سيكون مدمّراً للناتج المحلي الإجمالي والصادرات والتحويلات المالية وتدفق الاستثمار الأجنبي المباشر والهجرة. وقد تؤدي الحرب أيضاً إلى انقطاع التحويلات المالية، وهي مصدر رئيس لدخل السكان الفقراء، وتمثل نحو 30% من إجمالي الناتج المحلي والعملات الأجنبية المطلوبة لدفع ثمن الواردات".