الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية: لا يمكن حسم استخدام إسرائيل لليورانيوم في لبنان

07 أكتوبر 2024
من قصف الضاحية الجنوبية لبيروت (حسين بيضون)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أثارت مزاعم استخدام إسرائيل لليورانيوم المنضب في لبنان جدلاً، حيث أكدت الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية أن التحقق يتطلب خطوات علمية دقيقة لم تُنفذ بعد، ووزارة الصحة شددت على ضرورة التحقق من المعلومات قبل نشرها.
- أوضح الدكتور بلال نصولي أن تحديد استخدام اليورانيوم المنضب يتطلب فحوصات إشعاعية ميدانية، وهو ما لم يتم بسبب استمرار القصف، ولم تُرصد أي زيادة إشعاعية.
- تواصل الهيئة تنسيقها مع الجيش اللبناني لدخول المواقع المستهدفة، وذكّرت بتجربة 2006 حيث تبين أن اليورانيوم كان طبيعياً، مؤكدة على أهمية تقديم شكوى موثقة ضد إسرائيل.

تكثر الأقاويل حول استخدام العدو الإسرائيلي اليورانيوم المنضب خلال غاراته على لبنان، إلا أن الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية تؤكد أن إثبات الأمر يتطلب خطوات علمية عدة، وهو ما لم يحصل بعد.

أثار بيان نقابة الكيميائيين في لبنان بشأن استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي قنابل تحتوي على اليورانيوم المنضب، حفيظة وزارة الصحة العامة اللبنانية، التي شددت على توخي الدقة في تبني معلومات علمية وعدم التسرع في نشرها من دون التحقق من صحتها. وكانت الوزارة قد تواصلت مع الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية، وأكد مدير الهيئة الدكتور بلال نصولي عدم توفر أدلة على استخدام اليورانيوم في الاعتداءات الإسرائيلية ضد لبنان حتى الساعة.
ويشدد نصولي، في اتصال مع "العربي الجديد"، على أنه "لا يمكن القول إن العدو الإسرائيلي استخدم اليورانيوم المنضب بالصواريخ لخرق التحصينات. إنه موضوع شائك جدّاً. لا يمكن تحديد ذلك من خلال الدمار الهائل أو لون الحريق، كما أن جزءاً كبيراً من الصواريخ التي تخترق التحصينات لا يحتوي على اليورانيوم المنضب، وتلك التي تحتوي عليه تُستخدم بأكثريتها لخرق المدرعات". يضيف: "لا أحد يستطيع القول أو الحسم باستخدام اليورانيوم المنضب، إذا لم تتم زيارة الموقع ومعاينته وإجراء الفحوصات الإشعاعية الميدانية في الموقع، وأخذ عينات بكل حرفية وموثوقية من قبل المختصين والخبراء، ثم إعداد العينات في المختبرات لإخضاعها لفحوص مخبرية دقيقة. ويستغرق ظهور النتائج بين ثلاثة أيام إلى أسبوع. لا يمكن قول أي شئ قبل الزيارة الميدانية التي يحددها فوج الهندسة في الجيش اللبناني المتخصص في هذا الشأن. وأعتقد أن أول موقعين يجب زيارتهما فور وقف إطلاق النار، لأخذ عينات، هما موقعا الاغتيالين الكبيرين، لكن دون أن يعني ذلك أنها مواقع مشبوهة".

ويكشف نصولي أن الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية "تنسّق منذ بداية العدوان الإسرائيلي مع قيادة الجيش اللبناني بتوجيهات من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وقد وضعنا مختبراتنا في كامل الجهوزية، مع المراقبين الإشعاعيين الميدانيين والطاقم العلمي الذي يأخذ العينات، بانتظار الحصول على تصريح من الجيش، لكننا لم نحصل عليه لغاية تاريخه، لا لمعاينة الموقعين الكبيرين ولا أي موقع آخر في الضاحية الجنوبية لبيروت. لا يمكننا الدخول قبل أن يتأكد الجيش من وجود قنابل غير منفجرة، ولا يستطيع الجيش بدوره الدخول قبل وقف القصف وإطلاق النار، حتى فرق الصليب الأحمر اللبناني لم تستطع الدخول. لم نتمكن حتى اليوم من الدخول لأخذ عينات ذات موثوقية ومصداقية لتحليلها من قبل الفريق العلمي".

الضاحية الجنوبية (العربي الجديد)
الرصد يستدعي زيارة الموقع المستهدف بالصاروخ وتنفيذه بطريقة تقنية (العربي الجديد)

ويلفت نصولي إلى أن "مادة اليورانيوم المنضب توضع بعدة غرامات في مقدمة الصاروخ، كي تتحمل الحرارة العالية الناتجة من انفجار الصاروخ، وتستطيع الخرق بقوة. لكن عند احتكاك الصاروخ بموقع الانفجار، تتحول هذه الكمية إلى غبار، وتسمى أوكسيد اليورانيوم، وتكون بكمية قليلة. لكن لم ترصد بعد محطاتنا الـ 21 المتخصصة بالرصد الإشعاعي البيئي على كل الأراضي اللبنانية، أي كمية فوق المعدل الطبيعي، علماً أن الرصد يستدعي زيارة الموقع المستهدف بالصاروخ، وتنفيذه بطريقة تقنية ووفق معايير محددة".
وعن إجراءات الوقاية، يكتفي مدير الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية بالقول: "يجب على الموجودين في المناطق المستهدفة وضع كمامات للوقاية من الغبار. وفي ما يتعلق بالكلام عن إغلاق النوافذ والمنازل، فإن اليورانيوم المنضب يتحول إلى بودرة محدودة بعدة أمتار وليس كيلومترات". يضيف أن "الغبار العادي أكثر ضرراً. أما ضرر اليورانيوم المنضب فيكون بما هو معدن ثقيل أكثر منه مادة مشعة. وفي ما يتعلق بالفوسفور الأبيض، فقد وُثق استخدامه في جنوب البلاد بشكل واضح، وأخذ بعض العينات مع بداية حرب الإسناد لغزة، ولكن ما زلنا ندرس تأثيره على الصحة والتربة مع الوزارات المعنية".

ويذكّر نصولي بتعاون الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية مع فوج الهندسة في الجيش اللبناني بعد حرب يوليو/ تموز 2006. ويقول: "بعد وقف إطلاق النار وإزالة القنابل غير المنفجرة من قبل الجيش اللبناني وعودة الأهالي لبيوتهم، زرنا نحو 150 موقعاً بين الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع، وأخذنا نحو 350 عينة حينها. وتعاونّا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة الصحة العالمية، وفحصت العينات في مختبرات الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية، وحُلل جزء منها في مختبرات في سويسرا تابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وقسم آخر أرسل إلى مختبرات في فيينا تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية. بعدها، قمنا بمقارنة النتائج وأخذنا عينات من التربة وعينات غبارية وبعض مواد البناء من المواقع المقصوفة التي دلنا عليها الجيش باعتبارها مواقع مشبوهة وغير اعتيادية بوصفها قوة تفجير. وتبين بعد أشهر من العمل أن كل اليورانيوم الموجود في العينات كان اليورانيوم الطبيعي من التربة، لكونه موجوداً بالتربة مادةً مشعة طبيعية. حينها، كثر المحللون والخبراء الذين لا علاقة لهم بالأسلحة المحرّمة وكيفية اكتشاف استخدامها، وكان خلف من يسوّق لوجود اليورانيوم المنضب شركات كبيرة تُعنى بإزالة التلوث الإشعاعي، بهدف تحقيق المكاسب التجارية".
وكانت وزارة الصحة العامة قد دعت إلى "مراجعة الجهات المعنية، حرصاً على صدقية المعلومات المتداولة وعدم التشكيك بها، خصوصاً أن لبنان بصدد التقدم بشكوى ضد إسرائيل في استخدام الأسلحة المحرّمة دولياً، إنما بناء على معلومات موثقة ومؤكدة".

المساهمون