رغم إعلان العديد من دول العالم نجاحها في السيطرة على جائحة كورونا، وانحسار انتشار الوباء بسبب اللقاحات والقيود الصحية، لكن ما زالت العديد من علامات الاستفهام التي تشكل مُعضلات بالنسبة للمصابين ومجتمعاتهم حتى الآن.
فحسب منظمة الصحة العالمية، تم الإعلان عن نحو 800 ألف إصابة عالمياً في اليوم الأول من شهر أغسطس/آب، وهو رقم منخفض نسبياً مقارنة مع الأعداد الهائلة التي كانت تسجّل في ذروة الأزمة. لكن مع استمرار تسجيل إصابات، تتواصل مخاوف نشر المصابين العدوى، وبالتالي يتكرر الحديث حول آليات العزل اللازمة.
وفق الإرشادات الصحية، لا يمكن مخالطة المصابين بفيروس كورونا إلى حين تأكيد نتائج الفحوص سلامتهم، ولكن بعد أكثر من عامين على انتشار الجائحة، يؤكد خبراء الأمراض المعدية أنه لا توجد قاعدة واضحة تحدد كيفية إصابة الشخص، أو المدة التي يظل فيها المصاب معدياً، وبالتالي فإن على المصابين مراعاة ظروفهم المختلفة، وأولوياتهم لتقييم المخاطر.
عادة، يبدأ الفيروس بالانتقال من الشخص المصاب قبل ظهور الأعراض عليه بيومين تقريباً، وتستمر العدوى ليومين أو ثلاثة أيام، وفي بعض الحالات يمكن أن يظل المصاب معدياً بعد مرور 10 أيام على إصابته.
وحسب مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأميركي، لا بد لمصاب كورونا قضاء ما لا يقل عن 5 أيام في العزل، ويمكنه في حال تراجعت الأعراض، وتحديداً لم يعد يشعر بالحمى، إنهاء العزل.
تبدأ عملية احتساب أيام العزل بعد التأكد من الإصابة، فعلى سبيل المثال، إن شعر المريض بأوجاع في الحلق، أو ارتفاع درجة الحرارة بعد ظهر يوم الاثنين، ثم تأكد من إصابته، يعتبر يوم الثلاثاء هو أول أيام الحجر، وتنتهي فترة العزل بعد خمسة أيام، أي صباح الأحد التالي، وعندها يمكنه القيام بفحص جديد، فإن أثبتت النتائج عدم إصابته، يمكنه إنهاء العزل، وفي حال أثبتت أنه ما زال مصاباً، فعليه البقاء في المنزل لمدة 10 أيام كاملة.
ما ظاهرة ارتداد فيروس كورونا rebound covid-19؟
في بعض الأحيان تُظهر نتائج الفحص عدم إصابة الشخص، ثم تظهر نتائج فحص ثان خلال الأيام العشر التالية إصابته، وهذا ما حصل أخيراً مع الرئيس الأميركي جو بايدن، والذي كان يتناول عقار "باكسلوفيد" المضاد للفيروسات، وتعرض لما وصفه الأطباء بعدوى "انبعاث" أو ارتداد الفيروس rebound.
حسب تقارير طبية نشرها موقع "بوليتيكو" الأميركي، خرج بايدن من عزلته الأولية بعد خمسة أيام من العلاج بعقار "باكسلوفيد" الذي تنتجه شركة "فايزر"، وذلك بعد التأكد من نتائج الفحص، ثم عاد ظهور الفيروس مجدداً في فحصه بعد يومين من نتائج الفحص السابق، ما يطرح أسئلة حول صحة من خالطهم؟ وهل نقل لهم الفيروس أم لا؟
كيف يتعامل المرضى مع تجدد الإصابة بفيروس كورونا؟
على الرغم من أن حالات نادرة، أو قليلة، يثبت فيها رجوع الفيروس إلى حالته الأولى بعد زوال الإصابة "rebound"، إلا أن العوارض عادة ما تكون خفيفة، والغالبية من الناس لا يعانون من أية عوارض، وحسب مركز السيطرة على الأمراض، في حال انبعاث الفيروس مجدداً، فإنه من غير الضروري إعادة تناول الأدوية، ومنها "باكسلوفيد".
ولم يمنع بعض الأطباء من وصف جرعة ثانية من "باكسلوفيد" لبعض المرضى بسبب حالتهم الصحية، أو تقدمهم في السن، فقد تلقى أنتوني فوتشي، كبير المستشارين الطبيين في البيت الأبيض، دورتين من مضادات الفيروسات، بعد أن عانى من ارتداد مماثل للأعراض.
كيف يتأكد المتعافي أنه لن يعاني من عودة فيروس كورونا مجدداً؟
لا توجد أية دراسة تؤكد أن الشخص المتعافي قد يعاني من عودة الفيروس إلى قوته، وهو أمر يعود لحالة كل شخص، ولكن من أجل السلامة العامة، ينصح مدير مركز جونز هوبكنز، توم إنجليسبي، بضرورة إطالة فترة العزل لأكثر من 5 أيام.
وترى طبيبة الأمراض المعدية في مستشفى ماساتشوستس العام، إيمي باركزاك، والتي بحثت في المدة التي يمكن للمصابين بالفيروس أن يتخلصوا فيها منه، أنه يمكن للأشخاص المصابين بالمتحور "أوميكرون" أن يعيش الفيروس في أجسامهم لمدة ثمانية أيام، ما يعني ضرورة أن تكون فترة العزل أطول من 5 أيام.
ويرى أستاذ الأوبئة والأمراض المعدية والمناعة السابق بجامعة هارفارد، مايكل مينا، أنه يمكن للمصاب بعد الانتهاء من فترة العزل، أن يخضع لاختبارين منزليين خلال 24 ساعة، وهو ما يوفر ضمانات صحية، كما يمكن للمرضى حتى يتأكدوا من تمام الشفاء، إجراء اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) الذي يعطي نتائج مضمونة حول إمكانية انبعاث الفيروس مجدداً.