كيف تزيد الحرب الروسية على أوكرانيا من مخاطر ارتفاع التلوث؟

26 ابريل 2022
يشكّل الغبار الإسمنتي المتطاير بالمباني المتداعية تهديداً للسكان (كريس ماكراث/Getty)
+ الخط -

بينما توسع القوات الروسية عملياتها العسكرية في الأراضي الأوكرانية، يحذر العديد من خبراء البيئة من تحول الحرب إلى مأساة تدفع ثمنها البشرية، فمع زيادة الضربات العسكرية واستخدام الكثير من الأسلحة والقذائف، تنتشر الملوثات في جميع أنحاء البلاد، ومن الممكن أن تؤثر على الدول المجاورة، من خلال تسرب الملوثات عبر مياه الأنهار أو حتى عبر الهواء.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، حدد خبراء البيئة عشرات المواقع الملوثة نتيجة الأعمال العسكرية، ووفق خبراء الصحة البيئية، فإن الملوثات المستمرة بسبب الحرب قد تستغرق سنوات لتنظيفها مع زيادة خطر الإصابة بالسرطان وأمراض الجهاز التنفسي، بالإضافة إلى تأخر النمو لدى الأطفال.

ويرجح ستيفان سميث، منسق برنامج الكوارث والنزاعات في برنامج الأمم المتحدة للبيئة، إمكانية أن يواجه العالم مشكلة بيئية ضخمة.

أماكن ملوثة  

بدأ مفتشو البيئة بأخذ عينات من التربة والمياه في أكثر من موقع تعرض للهجوم، بحسب ما أكدته إيرينا ستافتشوك، نائبة وزير حماية البيئة والموارد الطبيعية في أوكرانيا، وتقوم أوكرانيا بمساعدة العديد من الشركات لتحديد مواقع التلوث، ومن أبرز المنظمات غير الحكومية: PAX، منظمة هولندية غير ربحية وثقت التلوث في سورية ومناطق النزاع الأخرى، ومرصد الصراع والبيئة، مؤسسة خيرية بريطانية، ومجموعة Ecoaction، مجموعة بيئية مقرها أوكرانيا.

ومن خلال متابعة منشورات شهود العيان على وسائل التواصل الاجتماعي، قامت كل مجموعة بتوثيق الأضرار في أكثر من 100 موقع ، بدءاً من محطات الطاقة إلى المنشآت العسكرية ومصانع المواد الكيميائية وغيرها.

تلوث الماء  

ويعتبر تلوث الماء من أخطر النتائج على الحياة، فبعدما دمر حطام الصواريخ خزانات الأسمدة في منطقة ترنوبل، شرق لفيف، أظهرت عينات مياه الأنهار في المنطقة ارتفاع مستويات الأمونيا، أعلى بـ163 مرة من المعدل الطبيعي والنترات أعلى بـ 50 مرة، وفقاً لستافتشوك.

وعلى الرغم من عدم رصد أي ملوثات كيميائية حتى الآن، إلا أن مجرد فكرة أن أوكرانيا تمتلك مئات الخزانات الضخمة التي تضم 6 مليارات طن من النفايات السائلة الناتجة عن التعدين والنشاط الصناعي، تثير المخاوف في حال تم تسريب هذه المواد الكيميائية السامة إلى الأراضي أو الأنهار القريبة في حالة تلف الخزانات.

وجد فيم زويجنينبيرج، رئيس مشروع جهود PAX لرصد مواقع الأضرار البيئية في أوكرانيا، أن الصراع دمر أكثر من عشرة مرافق مائية، بما في ذلك محطات معالجة المياه والسدود، وأدت الأضرار التي لحقت بمحطات معالجة المياه إلى ترك مياه الصرف الصحي غير المعالجة لتغسل في الأنهار أو الجداول.

وفي أجزاء أخرى من أوكرانيا، أعرب خبراء الصحة العامة عن قلقهم بشأن إطلاق المعادن الثقيلة مثل الرصاص والكادميوم من المواقع الصناعية، التي ترتبط بالتأخر في نمو الأطفال، في الهواء ومياه الشرب. ووفق باري ليفي، الأستاذ المساعد للصحة العامة في كلية الطب بجامعة تافتس والخبير في آثار الحرب على الصحة العامة، من الصعب تحديد كمية التعرض لـ"الملوثات البيئية" خلال العمليات العسكرية.

تلوث الهواء  

يعد تلوث الهواء مصدراً آخر يهدد البيئة في أوكرانيا، بحسب ما ذكرته نيتا كروفورد، أستاذة العلوم السياسية في جامعة بوسطن، فإن مدة الحرب سيكون لها تأثير مباشر على زيادة تلوث الهواء.

ففي المدن التي استهدفتها الضربات الروسية، شكّل الغبار الإسمنتي المتطاير في الهواء من خلال المباني المتداعية تهديداً للسكان وعمال الإنقاذ، لأن تطاير الغبار يؤدي إلى مشاكل تنفسية، إذ إن الجسيمات الدقيقة من الإسمنت المتطاير يمكن أن تهيج المسالك الهوائية وتسبب ندبات في الرئتين عند استنشاقها.

أضف إلى ذلك أن استنشاق مادة الأسبستوس، مادة مستخدمة في البناء، يؤدي إلى أمراض عديدة وتستمر لسنوات، لأن المعدن لا يتحلل أو يغسل في الأمطار، فقد تم ربط الأسبستوس بأنواع مختلفة من السرطان.

نزاعات سابقة

تشير النزاعات السابقة إلى أن هذه الانبعاثات يمكن أن تكون لها تأثيرات بعيدة المدى كما حدث في أماكن أخرى، ففي الكويت على سبيل المثال، أُضرمت النار في مئات من آبار النفط التي احترقت لأشهر، في تسعينيات القرن الماضي، وشكل الزيت المحترق 2% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية في ذلك العام، أي ما يعادل الانبعاثات من كندا بأكملها. وأشارت عينات الجليد التي تم جمعها بعد سنوات في الأنهار الجليدية إلى أن السخام حملته الرياح مئات الأميال، وغطت الأنهار الجليدية.

بيئة
التحديثات الحية

وبعيداً عن تلوث الماء والهواء، رصد تقرير صادر عن مركز "ستراسفور" الأميركي التأثيرات بعيدة المدى للحرب الروسية، والتي بحسب التقرير ستؤثر على الجهود الدولية الخاصة لخفض درجات الحرارة، والتوقف عن استخدام الوقود الأحفوري في العام 2050، ووفق التقرير، فإن الحرب ستؤدي إلى مزيد من المنافسة الاستراتيجية التي تضر بالتعاون في قضايا المناخ على المديين المتوسط والبعيد.

المساهمون